مفاتيح الفرح

1834

نولد وفي أيادينا مفاتيح، مفاتيح للفرح، مفاتيح للسعادة.
هل تأملت طفلاَ رضيعًا وهو نائم؟ تراه يبتسم أحيانًا ويضحك ويبكي. قالت لي جدتي إن الملائكة تلاعب الصغير فتضحكه
وتبكيه. ولكن خيالي يقول إنه يلعب بمفاتيح فرحه.
أسمعك تضحك عزيزي، لكن جرب يومًا أن تمتلك مفاتيح فرحك وسعادتك وتستخدمها لتسعد، وتسعد من حولك.
لكل شخص في محيطك مفتاح للفرح، عندما تستخدمه يفرح وتفرح معه، أدركت ذلك في حياتي مؤخرًا بعد أن أفنيت سنين
كان بإمكاني أن أفرح أكثر ولكني اخترت العكس.
أحاول مؤخرًا الإمساك بمفاتيح الفرح المركونة في خزانة حياتي، وأزيل عنها الصدأ بعد أن قاربت على الخمسين من عمري،
لأستخدمها بشكل أكبر وأوسع.
ما أجمل أن تفرح وتسعد! ويأتي ذلك مباشرةً عندما نسعد من حولنا.
على سبيل المثال.. أدركت أن لزوجي مفاتيح للفرح، وهي الإكرام والاحترام والتقدير لما يفعل، والتشجيع والابتسام في وجهه
والحوار الهادئ. كوب من القهوة في المغرب مع قطعة من الكيك دون أن يطلب، الاستماع لأحاديثه دون مقاطعة، كلمات
امتنان لحبه وتعبه.
أما ولدي الصغير فمفتاح فرحة أن أشاركه ألعابه وأخرج معه في نزهة نأكل ونشرب، هذا يسعده حقًا، يجعله طلق الوجه 3
مبتسمًا. هدية صغيره كان يتمناها. أقدمها له مفاجأة في وقت غير متوقع.
أما ابنتي الجميلة مفتاح فرحها الحضن الدافئ، اللمسات الحانية والحوار الصادق والصريح، الحكي والاستماع المتبادل،
مشاركتها الخروج للشراء والتنزه، هدية تحبها مثل بعض أدوات الرسم القيمة.
جارتي البسيطة غير المتعلمة تسعدها كلمة "صباح الخير" و"عامله إيه؟"  ودقائق من الحوار الذي يبدو سريعًا لكنه مؤثر
مليء بالابتسام الصادق، وملاطفة ابنها الجميل الذي يجعل وجهها يمتلئ فرحًا.
حماتي كان مفتاحها الكلمة الحلوة وهدايا بسيطة مع أحاديث عن الجيران وما يخططون لشرائه من السوق، والاستماع لأخبار
العائلة، وكيف كانت مشاركتها لهم في الفرح والحزن.
مديري في الشغل أيضًا مفتاحه الالتزام وكلمات الاحترام والحضور في الميعاد.. إتمام العمل في ميعاده وسرعة الإنجاز.
في الحقيقة مفاتيح فرح الناس ليست بعيدة، وكل منا يمكنه أن يكتشف ببعض التفكير البسيط كيف يسعد من حوله، ببساطة
مفاتيح فرح الناس هي نفسها مفاتيح فرحنا نحن.
أتذكر قصة خيالية كن أحكيها لأطفالي وهم صغار عن الساحرة الطيبة التي كانت تذهب كل يوم إلى حديقتها لترعى زهورها
الجميلة، ولكنها فوجئت بأن أزهار الفرح غير موجودة، فأسرعت وأحضرت بذور الفرح وزرعتها مرة أخرى، وبعد عدة أيام
أنبتت البذور وأخرجت أوراقًا جميلة، وبعد عدة أيام ماتت، فحزنت الساحرة الطيبة، وعندما تفحصت المكان وجدت بعض
نباتات الأنانية تحيط بأشواكها حول المكان، فما كان إلا أن اقتلعتها وزرعت بعضًا من بذور الفرح مرة أخرى، وحولها
وضعت بذورًا من المحبة، وبعد عدة أيام نمت زرعة الفرح وأخرجت ابتسامات وضحكات ملأت المكان، تحيط بها قلوب من
الحب في حديقة الساحرة الطيبة.

كان أولادي يبتسمون عندما أحكي لهم هذه الحكاية الخيالية، وإن كانت تحمل في داخلها حقيقية، وليس خيالاً أن المحبة تجلب
الفرح والأنانية تخنقه. استخدم مفاتيح الفرح لتفرح وتفرح من حولك.

المقالة السابقةكعكة من بيضة واحدة
المقالة القادمة10 أسباب لحُب طارق رمضان

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا