لماذا لا ترتدي إنجي التوكة؟!

896

انجي ابراهيم

تم نشرة في 01/22/2016

وقت القراءة : 3 دقيقة

آه للأسف.. أنا منكوشة طول الوقت، منكوشة لدرجة أن أم أيمن مراة البواب مرة خبّطت عليّ لقتني مسرحة شعري، مقدرتش تخفي ضحكتها المندهشة. منكوشة لدرجة إني لما بلم شعري في الشتا بحس إني سقعانة.

 

منكوشة لدرجة إن جوزي في بداية الجواز مرة قعّدني قدام المراية وقعد يسرحلي القُصّة على اعتبار إنها كده ممكن تتلم، بس فشل الحقيقة، فمحاولش تاني، هو كان فاكر إني بسيب شعري أيام الخطوبة لما بييجي عندنا البيت كترحيب بيه يعني وعشان أوريله إن شعري حلو وطويل، بس اكتشف بعد الجواز إن ده الديفولت.

 

هو في الحقيقة محدش متخيل إن التوكة فعلاً بتعملي صداع رهيب، مهما كنت مخففة الربطة برضو بتصدعني، أي نوع من أنواع التوك، حتى دبابيس الشعر والمشابك، بحس بتقل على دماغي وبيقلب بصداع.

 

خلينا كده نرجع فلاش باك سنين كتير لورا، لما كنت طفلة صغيرة ماما كانت بتهتم جدًا بمظهرنا وشعرنا وشطارتنا في المدرسة، فكنت دايمًا البنت المرتبة المتسرحة أم ضفيرة مشدودة كويس أوي على ورا، كنت بحظى باستحسان كل اللي حواليا لأن شكلي مهندم.

 

لما كبرت شوية وبقيت مراهقة، الناس بطلوا يقولوا عليّ “الله بنوتة صغننة شوكولاتة” بقوا يقولوا عليّ البت الدبدوبة السودا أم نضارة، فطبيعي كنت أتحول لمراهقة معقدة، ومن ضمن العقد كان شعري، اللي فضل ملموم سنين كتير أوي مش عارفة عددها.

 

أنا مكنتش أعرف شعري ناعم ولا خشن، مكنتش أعرف لونه، ومكنتش أعرف شعري طوله قد إيه، بس ده اللي كان حاصل حرفيًا.

 

عديت مرحلة المراهقة ودخلت مرحلة الشباب، ابتديت أتعافى من عقدي بالتدريج، اكتشفت نفسي واكتشفت شخصيتي الحقيقية، واتغيرت كل حاجة فيّ، شكلي وأفكاري وطريقة حياتي.. وفكيت شعري.

 

ابتديت أفك شعري في أواخر سنين الجامعة، في الأول كنت بفكه عشان أكتشفه، وبعد كده بقيت بفكه عشان معجبة بيه، وفي الآخر بقيت بفكه عشان مبقتش أعرف أربطه زي زمان، وقتها كنت ابتديت أعرف حقيقتي وأقبلها، حتى لو مكانتش أحسن حقيقة في الدنيا. ابتديت أفهم أنا مين وإيه قدراتي بالظبط. رغم إن التقبل مكانش تام إلا إني ابتديت أفهم إن مش معنى إني مش أشطر واحدة ولا أحلى واحدة ولا أذكى واحدة إني مش كويسة، أنا ممكن أبقى كويسة بالإمكانيات المتاحة ليّ.

 

وعلى فكرة.. وقتها كان شعري مقصف جدًا وضعيف وخفيف من كتر ما اتعذب طول السنين اللي فاتت، بس ابتديت أتقبّله زي ما هو، وأحاول أهتم بصحته أكتر، وده كان انعكاس للتغيير اللي حصل في شخصيتي وقتها، يعني رغم إن فيّ عيوب إلا إني ابتديت منكرهاش وأخبيها، وابتديت وقتها في تحسين المتاح.

 

مراحل فك شعري حصلت بالتدريج الشديد، زي ما أكون كنت بلهي نفسي عشان أوصل لحاجة في النهاية، يعني مقدرش أقول في اللحظة الفلانية مبقتش أقدر ألم شعري، ولا أفتكر توقيت معين للي حصل ده، أنا فجأة لقيت نفسي بصدع جدًا ومش برتاح غير لما بشد التوكة من شعري وأسيبه منكوش، فك الشعر ده حصل زي ما أي تطور بيحصل في حياتنا، مفيش حاجة بتحصل فجأة، مش سحر هو، إنما كل شيء بييجي بالتدريج، زيه زي طلوع النهار بالظبط، مفيش لحظة محددة الليل فيها بيخلص وبيبتدي النهار، إنما السما بتفضل تتلون شوية شوية لحد ما تلاقيها نورت تمامًا، وده اللي حصل معايا بالظبط، مع الاعتراف إني لسه في مرحلة التلوّن دي وموصلتش للنور التام، وممكن موصلش، بس ع الأقل عديت العتمة.

 

ومن ساعتها وأنا منكوشة، لدرجة إني لما بلم شعري وأبص في المراية بحس إن شكلي وحش، بحس إني قرعة، أنا مدركة كويس إن دول طرفيّ النقيض، وإن الصح إني أكون في الوسط لا متطرفة في شد الشعر ولا متطرفة في نكشته، بس أنا بكتفي بفترات وجودي برة البيت بالحجاب وبقول إن الفترات دي كفاية أوي لربط شعري بتوكة تحت الإيشارب، فمش حاسة إني متطرفة ولا حاجة.

 

أنا دلوقتي بقيت منكوشة بصفة مستمرة، ومش متضايقة خالص، وبحب شعري لدرجة جنونية، مع إني مش من مهووسي حمامات الزيت والكريم والفوطة الدافية ع الشعر المغسول، بس بحب شعري، بحب لونه وبحب فتلته وبحب ريحته، وحبي لشعري المنكوش اتنقل لجوزي غريزيًا، فلما بيلاقيني لمّاه على سبيل التغيير بيقولي “انكشيه انكشيه”.

 

أنا مبلبسش توكة عشان أنا خفيت منها، خفيت من إحساسي إني لازم أستخبى، خفيت من قلة ثقتي في نفسي اللي كنت بنفّس عنها في حاجات كتير، منها قلة ثقتي في شعري، التوكة اللي كانت خانقة شعري كانت علامة كبيرة أوي على إني محبوسة جوة أفكاري، عن خوفي من المواجهة بإمكانياتي، وقلة ثقتي فيها ورؤيتي ليها كإمكانيات محدودة، بس خفيت من الإحساس ده خلاص، وعرفت إن كل حاجة فيّ حتى العيوب، هي اللي كوّنت شخصيتي واللي اتعلمت أحبها وأقدّرها وأحارب اللي يهز ثقتي فيها.

 

وأحب بالمناسبة دي أهدي لنفسي أغنية “والشعر الغجري المنكوش يسافر في كل الدنيا” أيوه هو كان قصده يقول المنكوش بس اتلخبط.

 

المقالة السابقةعلبة هدايا صندوق الذكريات
المقالة القادمةغزة – القاهرة 3: ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا