بقلم: كاثرين نالف
ترجمة: رزان محمود
في إحدى السنوات، لم يكن يمرّ عليّ ليلة واحدة إلا وقد سمعت نفس الألبوم قبل أن يجرفني النوم.
لم أشعر بالملل منه، لأني أحببت أن أعرف ما الذي أتوقعه، كنت على عِلم بترتيب الأغاني، كيف تبدأ الكلمات وكيف تدور الموسيقى، أحببت امتلاك شيء مألوف موجود لأجلي، ليلة بعد أخرى، قبل النوم. كانت تلك طريقتي في التأكيد على نفسي بأنني موجودة من أجلها، مرارًا.
من المؤكد أن كلمات الأغاني لها معنى ما، ومع ذلك، فقد شعرت بالألحان أكثر من الكلمات، وجعلتها تتخلل داخل روحي.
لم أعرف معنى “الشخصيات مفرطة الحساسية” – Highly Sensitive Person HSP- في ذلك الوقت، كل ما عرفته أنني كنت أمضي في الحياة وأنا أشعر بالأشياء شعورًا مكثفًا جدًا، أحببت أن أعرف ما عليّ أن أتوقعه، أحببت الشعور بالألفة، وذلك في أثناء وجودي في مكان غريب وبعيد عن المنزل، في الجامعة.
وكان الاستماع لنفس ألبوم الأغاني كل ليلة هو طقسي الاعتيادي، شعرت أن الأمر كله طبيعي جدًا، بالنسبة إليّ.
إلى أن أعلنت عن هذا الموضوع للآخرين، وحينها كان ردّ فعلهم “هاه؟” لم أعرف لماذا، لكني فكرت أنهم سيفهمون ما أفعله، كما لو كانوا يفعلونه هم أيضًا، شعرت بأن الأمر طبيعي جدًا بالنسبة لي لدرجة أني توقعت أن يفعل الجميع مثلي.
بالنسبة للأشخاص بالغي الحساسية، فإن الحصول على طقوس يومية في حياتهم يمكن أن يساعدهم في الشعور بالاتحاد مع عالمهم، بدلاً من أن يصبح ذلك العالم ساحقًا لهم أغلب الوقت، إن تشغيل ذلك الألبوم كل ليلة قبل النوم، كان بداية اعتناقي للطقوس، في حياتي.
يمكن للطقوس أن يصبح لها تأثير عميق على مفرطي الحسياسية، حيث إنها تهدئ من نفوسنا، وتحملنا على طمأنة أرواحنا، وتبطئ إيقاعنا، وتذكرنا بأن نعيش في اللحظة الحاضرة، كما أنها تغذي روحنا وتذكرنا بأننا مسؤولون عن رفاهيتنا وصحتنا.
فكّر فيما تحب أن تفعل: ما الذي يطمئن روحك؟ ما الذي يريحك ويبث فيك الروح اللازمة للحياة في نفس الوقت؟
للطقوس تأثير مهدئ على جهازنا العصبي، لأنها تشكّل أشياء نتطلع إليها؛ أشياءً تحررنا وتوصلنا بالأرض، في نفس الوقت، كما أنها تخرجنا من رؤوسنا، هل هناك آخرين يعيشون على مدى 24/7؟ وترجعنا لأجسادنا، إضافة إلى ذلك، فهي تمنحنا هدنة من عقولنا ذات التفكير المفرط، وتجعلنا نستريح هنا والآن.
يعتبر اتباع الطقوس على نحو منتظم (يومي لو أمكن) مثاليًا، حيث إنه يعرّفنا أن “الهدوء” مفردٌ له مساحة في التقويم اليومي، يعد الاهتمام بالذات أحد أكثر الأمور أهمية بالنسبة لمفرطي الحساسية، إن لم ندرك ذلك بعد.
ولذا، ما الأمثلة على الطقوس المتبعة؟
لست بحاجة للاستماع لنفس الموسيقى كل ليلة لتضيف الطقوس إلى حياتك، اقتطع لنفسك وقتًا للتفكير حول ما يصلنا بالواقع، لأن مفرطي الحساسية يمكن أن يعيشوا في رؤوسهم وقتًا طويلاً جدًا، ولذلك، نحتاج لطرح الأسئلة على أنفسنا لمعرفة ما يعيدنا للأرض ويصلنا بها، كيف هذا؟
يتضمن الآتي بعض الأمثلة:
1- احتساء كوب ساخن من الشاي كل صباح، مع القراءة في كتاب.
2- تمشية كلبك أو وحدك عبر حديقتك المفضّلة.
3- الاستماع لموسيقى تفضلها بينما تحصل على فُسحة من الوقت للرقص (تفضيلي الشخصي).
4- إعادة ترتيب لحنك الداخلي عبر التأمل.
5- إجراء تمرينات شدّ وبسط العضلات، إلى جانب التنفس.
6- كتابة يومياتك.
7- أن تسأل نفسك ما الذي يجعلك ممتنًا.
من الممكن أن تكون طقوسك اليومية تجميعًا لكل الأمثلة عاليه، أو شيء مختلف تمامًا.
وإذا واجهتك صعوبة في تحديد ما الطقس المناسب لك، فكّر في ما يجعلك متصلاً بالعالم الواقعي، ويمكن أن يضيف بعض التوازن إلى حياتك.
اكتب بعض الأفكار على الورق لتشكّل قائمة محترمة يمكنك أن تعود وتختار منها، جرّب شيئًا منها لعدة أيام أو لأسبوع، لترى كيف ستشعر بعدها.
قد تشعر في بداية اتباعك له بأن هذا كثير بالنسبة لك.
من المهم معرفة أن مفرطي الحساسية لا يحبون اتباع هيكل محدد للأمور، إلا إذا كان من ابتكارهم، إن إضافة طقس يومي يعتبر استرجاعًا للقوة، لكي تمسكها بين يديك وتخلق بها التوازن في حياتك الخاصة، وذلك عن طريق عملية تدريجية: طقس واحد في المرة.
إن الحصول على طقس يومي طريقة بالغي الحساسية للعمل والنجاح مع خصالهم المتفردة، وليس على عكس تلك الخصال.
نحتاج للمزيد من الوقت المخصص للواقعية أكثر من الشخص العادي، وتخصيص الوقت كل يوم لتأدية طقس يحمل معاني إيجابية لنا، يعتبر وقتنا المستقطع لإعادة التواصل مع أنفسنا.
ما الذي يحضر لذهنك عندما تفكر في طقس يومي؟ هل تقوم بالفعل بشيء ما كل يوم، يمكن أن نعتبره طقسًا أضف تعليقك أدناه لتشارك الأفكار، ولمساندة بعضنا البعض.
المصدر : أضغط هنا