خمس عشرة بهجة منسية

511

ليلة رأس السنة الميلادية، الشوارع مزدحمة لشراء الهدايا ونسمة باردة تحرك طرف وشاحي الملوّن وتطيّره. أنهي عملي وأسرع إلى منزل والدي لمشاركة أسرتي بدء العام الجديد 2015، تقترب الساعة من منتصف الليل أدعو الله بطلب وحيد “طبطب على روحي يا رب”.

 

1- أتفحص صندوق رسائلي صبيحة يوم الحادي والعشرين من شهر يناير، تأتيني رسالة من جميلات “نون” تدعونني فيها للانضمام لفريق كتابها، فرحة لم أتوقعها تطرق بابي، وتكتمل البهجة بتنظيم “نون” لقاء بقرائها ليكون تجمعًا نسويًا مرحًا، ضحكنا ولعبنا وختمنا بمجموعة مساندة نفسية، يوم حافل بالأحداث يحلو بلقاء “ياسمين عادل ” إحدى كاتبات “نون” المميزات، نتعرف في ثوانٍ ونضحك طويلاً لفشلنا في رقص الزومبا.

اقرئي أيضًا: شكرًا يا الله.. لأنك الله

2- قبل أن ينجح الاكتئاب في نسج خيوط سوداويته، ألجأ لشراء كتاب جديد، يقع اختيارى على رواية “ساق البامبو” للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، أتصفحها في طريق عودتي للبيت وتنجح في اختطافي لثلاثة أيام متواصلة حتى أنهيها، تتناول قضية البحث عن الهوية لشاب من أب كويتي وأم فلبينية، يرفض أهله لأبيه الاعتراف به، فيبحث في المجتمعين الفلبيني والكويتي عن جذوره، وينجح في أن يصل بعد صعاب كثيرة. رواية قوية سلسة تتعرض لمواضيع شائكة في مجتمعاتنا العربية.

 

3- أسترخي وأغمض عيني خلال جلسة التأمل، أذهب للشاطئ أرى زرقة المياه بدرجاتها المختلفة، أسمع تلاطم الأمواج في أذني ورذاذها يلمس أصابع يدي، أستمتع بدقائق من الهدوء والسكينة، كنت في احتياج مُلحّ لها، يطالبنا المدرب أن نقف ونمارس بعض الحركات من التمدد، أحاول رفع ذراعي لكني أعجز عن تحريك المفصل، أشعر بسريان تيار من الكهرباء في أوتاره أصرخ من شدة الألم، أذهب لطبيب يخبرني بضرورة عمل جراحة، أرفض وأخضع لجلسات العلاج الطبيعي.

 

4- أعلم أني أمتلك إرادة قوية، فقد حققت إنجازًا على مدار ثلاثة عشر شهرًا وحتى يومنا بالامتناع عن تناول المياه الغازية والمشروبات التي تحتوى على الكافيين، وشرب ثماني أكواب من المياه يوميًا، وتناول طبق من السلطة على مائدة غذائي. مستمرة في الالتزام بالحفاظ على صحتي الجسدية، لقد عاهدت نفسي على تغيير نمط حياتي.

 

5- للوحدة مخالب شرسة وقادرة أن تنقضّ على روحي المتعبة إن لم أكن على يقظة من هجمتها، وتقليمها يحتاج لمهارة الترفيه، ومشاهدة فيلم يجدد طاقتي التي فقدتها في معترك الحياة، وفيلم “eat pray love” للجميلة جوليا روبرتس يزودني بالرغبة في مواصلة الحياة واكتشاف شغف جديد رغم كل التحديات، والبحث من خلال الطعام والصلاة والحب عن ذاتي وهدهدتها بكل الطرق.

 

6- فكرة جديدة تستحوذ على تفكيري تجعلني أقلب صفحات الإنترنت لتنفيذها. أختار أشكالاً ملونة وكلمات مرسومة بخطوط عربية جميلة، أود عمل وشم (tattoo) ربما يحمل كلمات محمود درويش أو أمل دنقل أو صورة لزهرة الأقحوان، تنهرني صديقاتي واصفات إياي بالجنون، لا أعترض، ربما أكون في احتياج لكسر رتابة العقل.. ربما.

 

7- “والخوف في قلبي لما زاد قواني.. كل شيء بأوانه والنهارده أواني”.

كلما استمعت لكلمات أغنية “حبة ظروف” للمطربة أصالة أشعر بأنها نابعة من أحشائي، أنجبتها بعد سنوات من الخبرة وتعلم فن ممارسة الحياة، ورغم مرور عام على إصدارها لكنها تعبر عني بأصالة (…. لينك الاغنية )

 

8- أتلقى دعوة لحضور مسرحية “روح” على خشبة مسرح الطليعة، كنت أنوي الاعتذار، فقد كنت في مزاج سيئ جدًا، لكن لإصرار أصدقائي ذهبت، المسرحية تدور أحداثها داخل حانة يلتقي فيها مجموعة أشخاص تختلف طبيعة أعمالهم، لكنهم يتفقون على رغبة واحدة، وهي التخلص من الحياة بسبب شقائهم، لكن عندما يظهر ملك الموت لاختيار أحدهم للذهاب معه يتهرب الجميع، إلا شخصًا واحدًا مبتسمًا منذ دخوله الحانة، راضيًا بحياته، لتكون الرسالة أن الحياة تستحق أن نعيشها متحلين بالأمل وعدم اليأس.

 

9- الصداقة تعني لي الشيء الكثير. إنها تأتي عندي في مرتبة الحب، “لأن الصداقة كالحب، كسْرٌ لعزلة القلب، وتدمير لصقيع الغربة.. غادة السمان”. خذلان الأصدقاء قاسٍ ووجودهم في مكانة لا تعبر عن حقيقتها أكثر قسوة، فقدانهم أكثر رحمة من وجود مزيف، فقدت صديقة خانت ثقتي وربحت جسارة قلب.

 

10- منذ سنوات قمت بلصق صورة جواز سفري على مرآة حجرة نومي، كنت أتمنى السفر للخارج، سافرت فعليًا في المرة الأولى لزيارة شقيقتي الصغرى، والثانية في رحلة عمل، اليوم لديّ نفس الرغبة لكن بغرض الترفيه بمفردي تمامًا، نعم لا أخشى خوض التجربة أو الإفصاح عنها.

 

11- كنت محظوظة بحضور تدريب للعلاج الجمعي على يد الطبيب النفسي “عادل مدني” لثلاثة أشهر متواصلة، كان إضافة جديدة لحياتي الشخصية والمهنية، لم أكن أتوقع هذا النبل والتواضع من شخص ذي قامة علمية وطبية؛ أشعر بالامتنان لتلك التجربة لِما زوّدتني به من وعى جديد بأعماقي.

 

12- أهدتني فتاة قلبًا ورقيًا ورديًا مطويًا وبداخله اسمي، كاختيار لأفضل شخصية مؤثرة في التدريب المقدم لمجموعة من الفتيات والسيدات في محافظة من محافظات الوجه القبلي، لم أُهدَ من قبل بهدية أثمن من تلك، أحتفظ بالقلب الورقي الوردي في عمق وجداني.

 

13- سمعت من أصدقائي كثيرًا عن روعة شواطئ دهب، لكن لم تسنح الفرصة لي لزيارة تلك المحافظة البعيدة، نرتب أغراضنا ونحدد ميعاد السفر ونتجه نحو محافظة جنوب سيناء، روعة المياه والشعب المرجانية أدهشتني، أعترف أنها أجمل رحلة قمت بها في حياتي.

 

14- لم أكن أحلم أن أقوم ضمن فريق عمل بتقديم تدريب للإعلاميين على مستوى محافظات مصر في محافظة الغردقة، ويحظى بقبول المتدربين ويغطى إعلاميًا كحدث يساهم في نشر الوعي بحق المرأة في الميراث، خصوصًا في صعيد مصر، ودور الإعلام لمناهضة العنف ضد المرأة، خبرة جديدة ونجاح أحمد الله عليه.

 

15- خضعت ابنتي الصغيرة لجراحة لم تأتِ بالنتائج المرجوّة منها، لكنها تمتلك قلبًا ذهبيًا شاكرة غير متنمرة أو غاضبة، التحقت ابنتي الكبرى بالجامعة التي تتمناها وأنا حصلت على شهادة الكالوريوس في “المشورة النفسية” كخطوة في طريق الماجستير.

 

لقد قمت بتغيير عنوان المقال بعد أن سردت خمس عشرة “بهجة” لم ينشغل بها بالي على مر اثني عشر شهرًا، لم أكن أعي كم هذه النعم حتى المؤلم منها.. شكرًا “نون” على الحملة الجديدة.

المقالة السابقة15 عادة حافظت عليهم في 2015
المقالة القادمة15 حلم من أحلام العصافير

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا