السخرية.. فن السم في العسل

1039

“ده فلان طيب ومتريقاتي ودمه خفيف” (بيتريق).. جملة سمعتها زمان عن وصف شخص ما.

فيه حد اتريق عليك قبل كده؟

 

من فترة مش قليلة بدأنا نلاحظ مصطلح “التنمر” على السوشيال ميديا، وأول ما أدركته افتكرت طبعًا كل الإساءات اللي اتعرضتلها وشوفتها، من وأنا صغيرة وإلى يومنا. هذا شريط كامل مر قدام عينيا بمجرد ما قريت الكلمة! بس كمان افتكرت مواقف غريبة جدًا ومكونتش بلاقيلها تفسير.

 

من المواقف دي:

البنت الحلوة متكبرة

زمان وأنا صغيرة كان عندي واحدة صاحبتي ملونة، عيونها عسلي وشعرها أصفر، وفي يوم باقي بنات الفصل قالولي البنت الملونة متكبرة، يا تمشي معانا وتصاحبينا يا إما تفضلي معاها وتكوني متكبرة زيها. وزي أي طفل اخترت الكم مش الكيف، وهو إني أصاحب البنات الكتير عشان مكونش متكبرة زي صاحبتنا الملونة.. والفكرة مكانتش في دماغنا بس وإحنا في ابتدائي عيال صغيرة بتلعب.. لأ الفكرة دي كمان كبرت معانا، وبقت البنت الملونة عايزة تفرض نفسها، مغرورة، الولاد بيحبوها أكتر مننا، وبالتالي هي بتشكل تهديد لينا.. إذًا عقابًا ليها هنسيبها وحدها مرفوضة منبوذة ونحسسها إنها ولا حاجة.

 

وأعترف إني حتى بعد ما كبرت وخلصت مراحل التعليم كلها وسافرت وروحت وجيت وشوفت ناس على قد ما شوفت، إلا إني أوقات بيراودني إحساس بالتهديد، لمجرد إن فيه بنت “ملونة” قاعدة معايا في نفس المجموعة، على الرغم إني بكون عارفة إنها مش متكبرة، لكن بالعكس، يمكن تكون من بعض البنات اللي وصلهم إحساس بصغر النفس لأنهم كانوا بيتسابوا وحدهم.

 

قلبك مغرور عايش في الدور

دي جملة من أغنية المغنية شيرين عبد الوهاب. بالنسبة للفنانة شيرين بشوف إن صوتها مميز قوي وإنسانة مكافحة واتكلمت كتير في برامج حوارية عن رحلة كفاحها من وهي طفلة عشان تتعرف وصوتها يوصل للناس، وبرغم نجاحها الكبير والثروة الفنية والمادية اللي حققتها، لكنها دايمًا بتتهاجم على صفحات السوشيال ميديا بمكان نشأتها وشكلها وهي صغيرة، مع إنها مأنكرتش مكان نشأتها ولا التعب والحرمان اللي اتعرضتله وهي طفلة، لكن بيتكتب عنها دايمًا أوصاف سيئة.

 

والنتيجة إننا بقينا بنتريق على فنانة طموحة، مكافحة، ناجحة، لدرجة إن مرة من مرات الهجوم عليها أعلنت اعتزالها بشكل رسمي، برغم إنها تعتبر الصوت النسائي الأول في مصر في جيلنا الحالي. يا ترى بنكون عايزين نوصل إيه على صفحات السوشيال ميديا وإحنا بنعمل معاها كده؟! ليه نقلل من شأن إنسان ناجح بدل ما نفتخر بيه؟! ليه بنكون عايزين نظهر الاختلاف بشكل مسيء مش بشكل يدعو للفخر لأنها عانت وعافرت ونجحت.

 

الأعور في بلاد العمي سلطان

لما كنت عايشة لسة في الصعيد كانت كل الناس بلا استثناء بتتريق على شعري عشان كيرلي، وعشان كمان غزير فكان بيبقى شكله كتير قوي، وكنت بسمع كلام زي لمي شعرك، محدش بيتجوز واحدة منكوشة، شعرك ده ولا شعر الأسد، يا شمس يا شموسة وحاجات تانية كتير.. ووصلت لمرحلة إني فعلاً كارهة شعري وفضلت سنين لماه مش بفكه ونسيت شكلي وأنا فاردة شعري.. ولما نقلت للقاهرة قولت ناس جديدة وجو جديد أجرب أفرده، والناس كانت بتسألني عاملة شعرك إزاي عشان يطلع كيرلي كده؟ أنا؟! شعري؟! عقدتي؟! أبدًا بقيت أغسله وأنزل بيه على طبيعته.

 

وبعد الموقف ده بدأت أسأل نفسي سؤال: هى العقدة اللي عندي من أي حاجة سببها إن أنا مش راضية عن نفسي ولا الناس هي اللي رمت الإحساس ده جوايا من كتر تريقتهم؟!

 

التنمر مش بس هزار تقيل.. التنمر مقص بيقص روحنا عن الانطلاق وإننا نكون على طبيعتنا، التنمر تحويل المميزات لعيوب ونقط الاختلاف لنقط ضعف وخزي، مع إن جمالنا في اختلافنا، في امتزاج درجات ألوانا، لأننا مش قوالب شيكولاتة ولا مصبوغين بلون واحد.

المقالة السابقةلقد وقعت في الحفرة
المقالة القادمةالتنمر يطال الصغار والكبار.. 5 أفلام تؤكد ذلك

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا