انجي ابراهيم
تم نشرة في 07/06/2017
وقت القراءة : 4 دقيقة
كل الأيام شبه بعضها، الملل هو اسم اللعبة، مفيش جديد، زهق زهق زهق، ع الأقل جوزي بينزل يشوف الشارع ويكلم بني آدمين إنما أنا آخري أقعد أعمل سكرول داون ع الفيس بوك للأبد، وبعدين أقوم أحضر الغدا، كل ده وأنا بزعق للعيال.
الملل ده بيحولك بالتدريج لشخص طول الوقت بيشتكي، بتشتكي لجوزك من مسؤولياتك اللي مبتخلصش وإنه مش مهتم خالص يخرجك ويفك عنك، بتشتكي لولادك من حياتك وقد إيه إنتي مضحية عشانهم، بتشتكي لصحابك وأهلك قد إيه إنتي زهقانة طول الوقت وبتدوري عندهم على حلول.. شوية بشوية هتلاقي كل الأطراف دي زهقت منك، إنتي بقيتي شخص بيصدَّر طاقة سلبية طول الوقت، على طول بتشتكي وبتتأففي وزهقانة، الناس هتزهق منك واللي كان بيتعاطف معاكي وبيدورلك على حلول ابتدا يشوفك شخص أوفر وزنان، وتدخلي الدايرة اللي مش بتنتهي، اللي بتبتدي بالزهق وتنتهي بمحدش فاهمني، واللي بالمناسبة محدش خسران فيها غيرك.
عارفة ليه بيحصل معاكي كده؟ عارفة ليه إنتي طول الوقت حاسة الأحاسيس دي؟ ده حاصل لأنك نسيتي أهم حاجة في معادلة انبساطك اللي بتضيعي عمرك وإنتي بتدوري عليه عند الناس، نسيتي الشخص الوحيد اللي هيعرف وهيقدر يهتم بيكي ويدلعك، مش جوزك اللي واكلة ودانه طول الوقت (حتى لو كان مقصَّر) ومش ولادك اللي مش مطلوب منهم يعيشولك حياتك، ومش صحباتك اللي كل واحدة فيهم عندها هم ما يتلم، فيه شخص واحد بس مسؤوليته فعلاً إنه يحسن نفسيتك، الشخص ده مش موجود في أي حتة غير المراية.
أنا مش هقولك كلام نظري كل الناس بتقوله، ومش هقولك حبي نفسك ودلعي نفسك وروحي الكوافير وخسي والعبي رياضة، كل الحاجات دي مهمة جدًا وهتفرق في نفسيتك جدًا جدًا، بس أنا عارفة ومتأكدة إن الحاجات دي محتاجة مجهود وعزم مش موجود عندك لأنك مرهقة جدًا وشايفاه كلام فارغ، أو لأن مفيش إمكانيات مادية لكده، أو لأن معندكيش وقت فعلاً، فأنا قررت النهارده أكلمك عن حاجة متاحة لينا كلنا، بس معظمنا بيعتبرها من ضمن الحاجات اللي بتضغط على أعصابنا، في حين إننا لو بس غيَّرنا نظرتنا ليها هنكتشف إنها نعمة كبيرة إحنا مش مقدرينها، أنا هكلمك النهارده عن نعمة الروتين.
الروتين؟! الروتين نعمة؟! استني بس قبل ما تقفلي الصفحة وتتنرفزي، اشتري مني ولو معجبكيش الكلام متنفذيش، بس فكري فيه يمكن يطلع صح..
إنتي كل يوم بتصحي الصبح في ميعاد ثابت، إحنا دلوقتي في الصيف فمعندكيش مسؤولية صحيان العيال وسندوتشاتهم وتسريح شعورهم والجري ورا بعض في الشقة عشان تلحقوا الباص، غالبًا بتحضَّري الفطار لجوزك وتقعدي تقوليله يلا هتتأخر لحد ما ريقك ينشف، وبعدين ينزل، ويبتدي يومك الممل، بترجعي تنامي وتصحي متأخرة تحضري فطار للعيال، يقعدوا قدام التليفزيون وفيسبوك وواتس آب، تعملي أكل، تملي الغسالة، شوية تليفونات ومسح على خفيف، فيسبوك وواتس آب، الغسالة خلصت تنشري الغسيل، يلا جوزك جه، نتغدا ونتنح قدام التليفزيون، يدخل هو ينام، تسهري مع الولاد فيسبوك وواتس آب، يلا خناقة قوموا ناموا.. واليوم ينتهي وبكرة هنكرر نفس الروتين القاتل، طبيعي تزهقي، لو مزهقتيش يبقى فيكي حاجة غلط.
طيب خلينا كده بنفس المعطيات والأشخاص والإمكانيات المتاحة لينا نفكر في شكل تاني لليوم الروتيني ده وقوليلي إيه رأيك..
هيبتدي يومك من بعد ما جوزك ينزل شغله أو الولاد ينزلوا المدرسة، مش هتنامي تاني، يومك هيبتدي بدري والدنيا لسه طراوة، هتغسلي وشك وتسرحي شعرك وتغيري هدوم النوم، هتفرشي سريرك وتفتحي الشبابيك، هتروحي تعملي حاجة تشربيها أيًا كانت وتختاري مكان مخصص ليكي إنتي هتقعدي فيه كل يوم تشربي الاصطباحة بتاعة يومك، ويا ريت يكون مكان واصله شمس ومنوَّر، يا ريت يكون الوقت القليل ده شغال جنبك فيه أي حاجة بتحبيها، قرآن، ترانيم، مزيكا، إن شالله مهرجانات، المهم إن الوقت ده يكون بتاعك وكل تفاصيله إنتي اللي حاطاها، حتى لو كان الوقت ده ربع ساعة بس في بداية اليوم، بعد كده هتبتدي يومك اللي هتكوني مخططة لتفاصيله من بالليل، عارفة هتعملي أكل إيه وعارفة عندك غسيل أبيض ولا ملوّن ولو عندك مشاوير فإنتي مخططة هتنزليلها إمتى، ولادك مش هتسيبيهم نايمين للعصر ولا للضهر حتى بحجة إننا صيف وأجازة، هتصحيهم أقصى حاجة الساعة عشرة، كملي يومك بمسؤولياته الكتير واعملي معاد محدد لنومك، هتاخدي معاكي السرير كوباية أي حاجة بتحبي تشربيها وموبايلك اللي منزلة عليه أي كتاب خفيف بي دي إف أو حتى تفتحي المقال ده تقريه وإنتي في السرير، نص ساعة وتصبحي على خير.
فيه نصايح تانية متضمنة في اليوم ده هتلاقي الستات كلهم بينصحوكي بيها، بس أنا مش عايزة أنظّر عليكي من أولها، زي إن المواعين تغسليها أول بأول عشان تصحي الصبح منظر المطبخ ميعكننش عليكي (نصيحة مجربة والله على ما أقول شهيد) وزي إن لو حاجة اتدلقت منك ع الأرض في المطبخ تمسحيها قبل ما تبقع، وزي إنك لو لقيتي سطح مترّب كده وإنتي معدية تمسحيه في السريع بدل ما يتكوم عليكي شغل البيت ويقفلك من حياتك كلها، كل دي حاجات هتفرق جدًا في يومك.
لو بصينا كده لليوم، إنتي نفس الشخص، بس مسرَّح شعره ونايم كويس ولابس كويس ومزاجه حلو ومش مضغوط، نفس البيت بس مترتب شوية، نفس الولاد ونفس شقاوتهم بس إنتي قادرة تتحمليها أكتر شوية لأنك حاسة إنك إنسانة ليكي حقوق زيهم، نفس الأربعة وعشرين ساعة بس من غير زهق وملل وخنقة، نفس الروتين اليومي بس بشوية تباديل وتوافيق يومك هتحبي تصحي من النوم عشان تعيشيه.
طول ما إنتي بتخلي بالك من نفسك وبتديها حقها بشوية تنظيم ووقت مستقطع من الحياة، هتطاوعك وتسمع كلامك، وطول ما إنتي مش واخدة بالك منها ومركزة مع الناس ومستنية منهم معجزات، نفسك هتضغطك وتعاقبك والناس عمرهم ما هيشوفوكي تستحقي، محدش قادر يعرف احتياجاتك غيرك، ومحدش قادر يبسطك ويدلعك قدك، وطول ما إنتي إنسانة مستقرة نفسيًا هتقدري تعيشي كويس، والروتين ده هيساعدك جدًا في تحقيق الاستقرار، وهتحسي إن إنتي اللي متحكمة في يومك وفي حياتك، مش حياتك وملل الأيام هو اللي ساحبك من رقبتك بسلسلة ومجرجرك وراه في سكة بايخة مش عايزة تكمليها ولا عارفة ترجعي منها.