تعرفي إن البيت بيتنفس زينا؟ والبلكونة هي المكان ده اللي بيتنفس منه البيت ويرتاح فيها أهله ويحسوا بشوية براح. يمكن ورثت شعور حب البلكونة ده من ماما، هي بتحب تطلع البلكونة لما تبقى زهقانة. وإلى جانب ده فالبلكونة على مدار حياتي ارتبطت بأوقات ومعاني جميلة هحكيلكم عنها شوية.
سر البلكونة وما تفعله في النفس
التأمل والسكينة
أنا مرتبطة جدًا بالبلكونة، وكان عندي روتين يومي للقعدة فيها. أوقاتي المفضلة للقعدة في البلكونة كانت من الصبح بدري لحد ما الدنيا تبدأ تحرّر، وده كان بيبقى غالبًا وقت الشغل، ووقت العصر لما الحر يتكسر لحد المغرب، وبعده كمان لحد ما الدنيا تضلم، فمعرفش أكتب ولا أقرأ. الوقت ده بحبه جدًا، وكنت لازم أسيب كل اللي في إيدي وأعمل مشروب بحبه وأخرج أقعد في البلكونة، ومعايا كتاب أقرأ فيه، أو كراسة وقلم عشان أفضفض للورق لو فيه حاجة مضايقاني أو أفكار ملخبطة، كنت أحب كمان أخطط، وأراجع نفسي، أفكر في حلول لأي مشكلة بتواجهني، أو في القرارات المهمة في حياتي.
الروحانيات ومناجاة ربنا
في رمضان كنت لازم أفضي نفسي قبل المغرب بعشر دقايق مثلاً وأخرج أقف على سور البلكونة وأقعد أتمشى فيها وأنا باصة للسما ورافعة إيدي لربنا وعمالة أدعيه، وأفتكر كل حاجة عاوزاها أو قلقانة منها وأقول لربنا عليها.
وبعد السحور كنت أخرج البلكونة أصلي وبعدين أفرد ضهري على سجادة الصلاة ووشي للسما، وأنا بسمع التواشيح لحد ما الفجر يأذّن. وساعات لما كانت بتبقى الدنيا حر، كنت أصلي الفجر وأفضل نايمة شوية في البلكونة لحد ما الشمس تطلع فأدخل أكمل نوم على سريري.
الحب والرومانسية
أول مرة خطيبي ييجي يزورنا في البيت، وأول ما دخل البيت وقبل ما يقعد ويشم نفسه من السلم أخدته على البلكونة عشان أوريه مكاني الحبيب. وعلى مدار الخطوبة فالبلكونة ياما شهدت مكالمات تليفون بالساعات.
الطبيعة والبراح
وأنا صغيرة كنا بنربي كتاكيت في البلكونة، كنت بحبهم ومصاحباهم ومسمّية كل كتكوت اسم. وبيتهيألي اتعلمت من رعايتهم الرحمة والصبر وتحمل المسؤولية. البلكونة في بيت ماما كانت طويلة، وقدامها شجر فيه ورد أحمر، والعصافير والبلابل بتقعد تتنطط بين أغصانه وهي بتزقزق. كنت بحب صوت البلابل جدًا وبحاول أقلده.
وكنت دايمًا لما بفكر في بيتي اللي هتجوز فيه وأقول يا رب تبقى البلكونة حلوة. فلما اتخطبت ورحت أشوف الشقة، كنت حريصة جدًا أشوف البلكونة، والحمد لله طلعت حلوة. ومن أحلى الهدايا اللي جاتلنا ترابيزة بكراسي للبلكونة، ساعات بنقعد ناكل عليها في الطراوة.
أفكار تزيين البلكونة
المشكلة إن مفيش زرع ولا شجر حوالين بيتي، وأنا بحب الطبيعة، فاشتريت ورد وزرع من معرض الزهور. ومن أمتع اللحظات في يومي وقت ما بخرج أسقي الزرع وأقصقص الورد اللي دبل، بحس بالسكينة. بحب أخرج البلكونة وأقعد أبص على الزرع وأطمّن عليه، وأشوف الورد اللي فتح وأفرح، وأشوف اللي دبلان فأزعل، وأبص للفل اللي هيفتح وأستناه وأحس بالسعادة لجماله، وأمسك الفل اللي فتح فعلاً وأقرب منه وأقعد أشمّه، وأمسك الريحان وأقرّبه مني وأملا نفسي بالريحة الحلوة. ومن الحاجات اللي شجعتني مجموعة على الفيسبوك اسمها “بلكونة” ألهموني بحبهم للبلكونة واهتمامهم بتزيينها بالزرع والورد، انبسطت وحسيت إن فيه ناس شبهي.
تقفيل البلكونة
أنا شايفة إننا لما بنقفل البلكونة بنضيّق الشقة مش بنوسعها، وإننا لما بنستخدمها كمكان لتخزين الكراكيب بنسد المكان اللي بيتنفس منه بيتنا واللي إحنا كمان بنتنفس منه. طبعًا بتعدي عليّ أوقات مش بلحق أقعد في البلكونة وبسقي الزرع كده على السريع، عشان مشغولة أو مكتئبة، أو يمكن بكتئب لما ببعد عنها. في الفترات دي بحس إن فيه حاجة ناقصاني، بحس إني محبوسة، وإني في دوامة. نفسي مفيش حاجة تسرقني منها، ونفسي أملا بلكونتي زرع أكتر وورد كتير ملون، وأربي فيها كتاكيت زي زمان، ولما “شمس” تكبر حبة نخرج كل يوم الصبح أنا وهي البلكونة نسقي الزرع ونأكل الكتاكيت ونلعب معاها. وإنتي كمان لو بلكونتك مش مثالية -سواء من ناحية مساحتها أو طلتها مثلاً- تقدري تدوّري على حلول تساعدك تتغلبي بيها على المشاكل دي قدر المستطاع وتحوليها لمكان جميل يديكي نَفَس وبراح.