بقلم: كريستين ناجي
اتعودنا أن أي حد بيقدِّم على شُغل ما، بيكون قبلها قرأ الشروط المطلوبة في الشخص اللي محتاجينه. وطبعًا لازم يكون مراجع كويس النقط دي، وشايف أنه -على الأقل- محقق معظمها، إن لم يكن كلها؛ وإلا مش هيتقبل في الشغل!
شُفنا كثير موقف الأم اللي بتتحط تحت الميكروسكوب في القعدة، وخصوصًا لو كانت القعدة مع أمهات سابقينها في المشوار شوية؛ من انتقاد لطريقة تربيتها في نواحي معينة، لتقصيرها في جوانب ما في الحياة، لمحاولة لفت نظرها للوزن الزائد اللي محتاجة تأخذ بالها منه، إلخ .. وكأن فيه “ليستة” ما، لازم الأم الصالحة الناجحة تكون مستوفية شروطها، ومحققاها علشان تستحق المديح والقبول والرضا.
معايير كثيرة في المجتمع حبست الراجل في ممتلكاته وإنجازاته وبس، وأن قيمته في عدد الأصفار اللي جنب رقم مرتبه. وكلما زادت؛ زاد تقدير الناس له، بل أحيانًا للأسف تقديره كمان لنفسه!
معايير ثقيلة خلّت المرأة والبنت والست تئن وتصرخ، لو الرقم زاد على الميزان عن رقم محدد ثابت جدًا؛ مع عدم مراعاة عوامل السن، ولا التغيير اللي حصل لها في الحياة؛ فالمهم أنها تحقق الرقم المراد، وإلا مش هتستوفي الشروط علشان تفوز بلقب البنت الجميلة.
معايير وشروط وأفكار قيدت شكلي وتصرفاتي، وحطّت على كتفي ثقل أنا عارف أني مقدرش عليه. بس هي دي معاييرنا كبني آدمين. حطيناها لبعض وورثناها لأولادنا وأحفادنا، وبنحاول طول الوقت نستوفي الشروط علشان نسمع التصفيق والابتسامة اللي بتقول لنا بالعافية: برافو، عشرة من عشرة، بس حاول كمان علشان لو جبت تسعة من عشرة هتبقى غير مقبول.
للأسف أوقات كثير عقلي بيصور لي أن هي دي معايير السماء، وأن الله بيقيّمني من خلال معايير زي دي مع اختلاف الشروط أو الأمثلة طبعًا.
كثير وقعت في الحتة دي، وافتكرت أن معايير الأرض هي نفسها معايير السماء، وأحبطت من نفسي وافتكرت أني مليش مكان أروحه خلاص؛ لأني مش جايبة عشرة من عشرة، ومش راضية عن نفسي بناء على معايير الأرض اللي دايمًا قيّمت نفسي من خلالها وبس.
لكن الله رحمته واسعة .. تقييمه لي مش قاسي زي الناس. مش بيقارني بغيري عارف أني ضعيف وبحاول أجتهد.
الحمد لله أن فيه معايير أخرى ينفع نقيّم نفسنا من خلالها، معايير هتقول لي إني ضعيف ومُقصّر لو كنت كده فعلًا، لكنها هتفضل ترحمني وتقبلني وتعطيني قوة علشان أقف على رجلي وأكمّل ومنهارش.
قوة الله رحيمة تدعمني وتسندني لما أحبط وأقدر أشوف نفسي من خلالها لما كل الناس تشوفني مش قد كده أقدر ألاقي أمل جديد في بكرة، علشان أبدأ من ثاني وأكمل.
وأنا عارف أن رحمة الله الواسعة هتفضل هي الزاد، والوقود اللي هيخليني أقبل ضعفي ومحدوديتي كبشر، وأجتهد لأكون أفضل من غير ما أحبط أو أفقد الأمل في نفسي.
المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب