كل ما تحتاجين معرفته حول اكتئاب ما بعد الولادة

نظرت لي صديقتي وقالت "أخيرًا شميت نَفَسي".. كانت في نهاية جلسات علاج اكتئاب ما بعد الولادة، جلسنا نتناول القهوة صباحًا
ونتذكر كيف مرت أيام كآبتي الأولى، وكيف اكتشفت هي أنها تعاني من الاكتئاب وليس مجرد كآبة، بعد ثلاثة أشهر من وضعها
لمولودتها الجميلة.

كل ذلك الآن أصبح ذكرى.. عادت صديقتي سالمة من كهف الاكتئاب، عادت أقوى مما كانت.. هكذا أرى، ولهذا أروي عليكن حكاية
صديقتي وحكايات أمهات عائدات من اكتئاب ما بعد الولادة.. لعلهن يضِئن في طريقكن نورًا وونسًا.. وأملاً.

مبروك.. ليه؟
آلاء.. أم لطفل عمره سنة تقول:
أول ٣ شهور بعد الولادة كنت في اكتئاب تام، لما كان حد بيباركلي كنت أقول على إيه؟ مبروك ليه؟! أنا حياتي اتدمرت، لكن بالتدريج
لما لقيت إن ده أمر واقع، وخلاص فيه روح ملزمة مني، ابتديت أتعامل مع الوضع بطريقة أحسن، وأقول أنا مش هموِّت نفسي عشان
خلفت.

بدأت أخرج مع ابني لوحدنا، بقينا نسافر سوا وأعمل كل حاجة وهو معايا، قررت أعمل كل اللي يحببني في الأمومة، دعمت نفسي بنفسي
بجانب مساعدة أمي، لحد ما تخطيت الاكتئاب، ودلوقتي بقت الأمومة بالنسبة لي رغم تعبها ممتعة".

***
ياسمين.. أم لطفلين توأم 3 سنين، تقول عن حكايتها مع الاكتئاب:
أنا كنت بتمنى أخلف، قعدت 4 سنين بعد جوازي مفيش حمل بيكمل، 3 مرات إجهاض في شهور مختلفة، وأول ما قررت أنسى حملت،
واكتشفت إنهم توأم، كنت عايشة شهور الحمل رعب وقلق وتعرض لإجهاض منذر، لدرجة إني كنت خايفة أسمع كلمة مبروك وبعدها الله
يعوض عليكي، ولما ولدت، مريت بعملية صعبة جدًا، لأن حالتي كانت فيها مشاكل كتير، ولادي دخلوا الحضانة شهر.

دخلت في نوبة اكتئاب، بس لأني كنت بمر باكتئاب الحمل كمان، جوزي سندني وروحنا لدكتور، فضلت أتعالج شهور أدوية وجلسات
نفسية، جوزي كان بيدعمني بشكل كبير. اكتئاب ما بعد الولادة مرض زي أي مرض لازمله علاج، دي الحقيقة اللي لازم نعترف بيها.
أنا دلوقتي بعوض مع ولادي السنة اللي ضاعت في حزن وضيق ومرض، والأهم إني مبقتش خايفة أحمل وأولد تاني.. أنا بعد الاكتئاب
بقيت أم قوية.. ده اللي أقدر أقوله.

الاكتئاب مش صاحب
إيمان.. أم لطفل عمره سنتين:
أنا مكنتش أعرف إن اللي عندي اكتئاب، كنت متأقلمة معاه واتهيألي إني صاحبت الإحساس المؤلم ده بالضيق والحزن والخنقة، اكتشفت
بعد سنة إنه لأ مبيتصاحبش، ده بيزيد، والسبب إني كل ما كنت أحكي لحد مشاعري أول ما خلفت، يلومني ويتهمني بالبطر على نعمة
ربنا، كتمت جوايا، لحد ما تعبت نفسيًا وبدأت تجيلي هواجس وحشة زي الانتحار وإني أؤذي ابني.

بالصدفة قريت على الإنترنت وعرفت وقتها إيه الأعراض اللي عندي، وكان ضروري علاج طبي، رُحت لدكتور وبتعالج دلوقتي بقالي
شهر، حاسة إني بتحسن، لكن مقدرش لسة أقول إني خفيت.

لو هنصح بحاجة فهي "متتأقلميش مع الاكتئاب"، اطلبي المساعدة وتجاهلي الكلام السلبي، ارتاحي قد ما تقدري، حبي نفسك، اشتري
هدوم حلوة ومكياج واهتمي بمظهرك، واجهي واتعالجي عشان ابنك ونفسك قبل أي حد.

***
آية.. أم لطفلتين توأم 4 سنين. وحامل في الشهر السابع:
أنا ولدت في الغربة. مع مسؤوليات بناتي وإحساسي بالوحدة دخلت ف نوبة اكتئاب صعبة جدًا، كنت محظوظة إني اتعالجت في بدايتها،
بعد شهور لما بناتي كبروا شوية، الدكتور نصحني أحط لحياتي هدف برة الأمومة، أنمي هواية، أدرس، أشتغل، أمارس رياضة، أي
اهتمامات تحسسني بنفسي وإن حياتي موقفتش. لما بدأت أعمل ده بالتدريج وبدؤوا بناتي ينزلوا حضانة، الأمور اتحسنت تمامًا، واتعلمت
محملش نفسي فوق طاقتها وأفكر دايمًا في الجانب الإيجابي للأمومة عشان منهارش.

اللي بقدر أعمله بعمله، ودي مش أنانية. تصدقيني لو قولتلك إني بقيت أشوف الأمومة متعة وقوة وحياة؟ أنا حامل دلوقتي، ومجهزة نفسي
نفسيًا وجسديًا.. هواجه الاكتئاب لو زارني بقوة أكبر، ولو إني أعتقد إنه هيخاف يقربلي تاني، لأني حبيت الحياة واتشعلقت بيها أكتر،
ببناتي وابني المنتظر.

للأب نصيب من اكتئاب ما بعد الولادة
دي حقيقة شاركنا بيها أحمد.. أب لطفلة عمرها سنتين:
كنت متخيل إن كوني أب ده معناه إن عندي طفل هفضل ألعب معاه ونضحك طول اليوم.. مفكرتش أبدًا في نقطة المسؤولية والرعاية.
طبعًا الموضوع اختلف ١٨٠ درجة أول ما بنتي اتولدت، لما رجعنا البيت وخلصت المباركات وفضلنا أنا ومراتي حبيبتي والكائن اللي
عمال يزن ليل نهار، فبدأت مراتي تعاني من الأعراض اللي عرفت بعد كده إنها اكتئاب. شهور لحد ما قريت عن الموضوع وفهمت،
بدأت أساعد نفسي وأساعدها تخرج من الحالة اللي هي فيها، وكان ده طوق النجاة لينا، حاليًا إحنا أحسن كتير، الضغوط بتقل وبنتقبل
المسؤوليات بطريقة أفضل.

***
خالد.. أب لطفل عمره 3 سنين:
الغريب إن أنا اللي مريت باكتئاب ما بعد الولادة، مش مراتي.. مراتي عانت من الكآبة وتغير الهرمونات واللخبطة بتاعة أول كام
أسبوع، لكن اتحسنت جدًا لما بدأت تعرف تتعامل وتسيطر على مشاكل الأمومة الأولى. لكن أنا دخلت في نوبة اكتئاب لمدة 6 شهور،
مكنتش عارف أحب ابني ولا أرتبط بيه ولا أحس المشاعر الحلوة اللي مراتي بتحكيلي عنها.. لما كان حد يقولي مبروك بقيت أب..
حاسس إيه؟ أقوله معرفش.. مش حاسس!

الاكتئاب أثر على شغلي وعلاقتي بمراتي وأصحابي.. لحد ما صديق نصحني أشوف دكتور. رُحت بالعافية واكتشفت وقتها إنه اكتئاب
مزمن، مش مجرد ضيق ويعدي. بعد العلاج، بدأت أحس إن حد لمَّع قلبي وعقلي وبقيت أحس يعني إيه أب.

هل رأيتِ عزيزتي الأم الجميلة؟ الاكتئاب يمرّ إن أردت ذلك.. اقبلي المساعدة واطلبيها من المحيطين. يومًا ما ستعثرين على المنحة في
طي المحنة.. وستتأكدين أن حياتك لم تنتهِ مع مسؤوليات الطفل ورعايته، بل بدأت للتو بشكل آخر أكثر حميمية. وإن كان استطاع كل
هؤلاء الأمهات أن يفعلنها ويتغلبن على الاكتئاب.. إذًا فأنتِ أيضًا تستطيعين.