نعيش الآن حياة استهلاكية متسارعة تفترسنا بلا هوادة، نشعر معها أننا نركض في طريقٍ طويل بلا محطات توقف ولا استراحات. الوقت يخذلنا، يبدأ اليوم وينتهي ونحن في حالة لهاثٍ يُصبح معها الحديث عن وقتٍ مستقطع خاص ومساحة شخصية، أمرًا يشبه النكتة السمجة. الأهداف غائبة، وإن وُجِدَت فهي متوارية، خشية أن تدهسها أقدام الحياة التي لا ترحم، متوارية على أمل أن تخرج يوم يصبح الصخب من حولنا أهدأ قليلاً، ونحن نعلم أنه لن يفعل.
لا أعتقد أن هذه المقدمة تشجعكِ على المُضيِّ في القراءة، ولا هي تناسب جو البهجة والجمال الذي يُطل من عنوان حملتنا “سكر برة”، لكنني بحاجة لأن أعرض عليّ وإياكِ الواقع دون تجميل، لتكون الخطوة الأولى في محاولة تغييره ولو قليلاً. لذا أرجوكِ أن تتراجعي عن قرار إغلاق الصفحة، ودعينا نكمل معًا.
قبل التفكير في أي حلول تُدخِل بعض السعادة على حياتكِ لا بد أن نتفق أن مصدر الحل “أنتِ”، ومن سيعمل على إسعادك “أنتِ”، ومن سيأخذ بيدك لاستعادة شيء من البهجة المفقودة فهو “أنتِ”، فأنتِ الأساس وكل ما حولك عوامل مساعدة فقط.
أهدافك شموس صغيرة
أعتقد أنني لست الوحيدة التي تسأل نفسها عند الاستيقاظ من النوم عن سبب حاجتها لمغادرة سريرها، السؤال الذي يجر الواحدة منا لسؤال أعمق عن جدوى الحياة، فإذا كانت بداية اليوم بسؤال وجودي معقد كهذا، فبالتأكيد نحن نعلم كيف سيسير بقية اليوم.
أنتِ الآن في انتظار الحل مني، حسنًا.. عليكِ أن تجيبي الأسئلة السابقة، بالتأكيد ليس الأمر ببساطة الجملة السابقة، بل يتطلب منكِ تفكيرًا طويلاً ووقفة مع النفس وتحديد الأهداف أو ربما إعادة صياغتها.
في وقتٍ مضى كان سبب استيقاظي من النوم والخوض في غمار الحياة، وجود شخص ما في حياتي، وعندما رحل وتركني خلفه، أصبح كل شيء خلفي، حتى الرغبة في الحياة. استسلمت فترة من الزمن ثم قررت أن أعيد صياغة الأهداف، والبحث عن هدف جديد للحياة، لأستيقظ من النوم كل صباح.
ما سبق مثال بسيط عن الهدف من الحياة، ربما الهدف أسرة تسعين لجعلها أكثر سعادة واستقرارًا، أو شخص تودين به اجتماعًا، أو خدمة دين، أو تحقيق طموح، أو رغبة في التعلم والمعرفة. كلها أهداف مهمة وعظيمة، يكفي الواحد منها لمشاكسة الحياة بقدر ما تشاكسنا. فقط أنتِ بحاجة لأن تضعي يدكِ على الهدف، ثم تبرزينه أمامكِ. قد يكون ذلك بصورةٍ تقع عليها عيناكِ عند الاستيقاظ، أو كتاب يُذكِّركِ بطموحك، أو حتى كتابة الهدف بخطٍ كبير على الحائط المقابل. كل شيء قادر على تشجيعك لبدء اليوم، أنتِ بحاجة لوضعه أمام عينيكِ.
وقت مستقطع لمساحةٍ من نور
إن كنتِ ربة منزل أرهقتها الأعمال المنزلية والضغوط الداخلية والخارجية، أو أم تنفد كل طاقاتها في معارك الصغار، أو امرأة عاملة يطاردها “الديد لاين” هادم الملذات ومفرق الجماعات، أو طالبة تطحنها الدراسة والمحاضرات، فدعيني أرحب بكِ في نادي المعذبات. أي امرأة في الدنيا هي واحدة مما سبق، ونسبة كبيرة منهن لا تملك وقتًا مستقطعًا لها فقط، بعيدًا عن أي مسؤولية تُذكر. وقت تقضينه بذهنٍ صافٍ لا يأكله ندم أو شعور بالذنب أو التفكير في مهمة مستعجلة، وكل المهمات عند النساء كذلك.
إلى نفسي وكل هؤلاء، نحن بحاجة إلى وقت مستقطع من اليوم لأنفسنا فقط، ساعة محددة تعيد لنا شيئًا من آدميتنا بعيدًا عن فعل الآلات الذي أصبح سمة حياتنا. ساعة نمارس خلالها هواية محببة، نشاهد فيلمًا، نستمع لموسيقى، نتناول كوبًا من مشروبنا المفضل، أو حتى للتحديق في الفراغ العظيم بعيدًا عن الأزواج والأطفال والالتزامات والأعمال ودفاتر المحاضرات. حددي لنفسك وقتًا وأخبري من حولك به، وكوني حازمة بشأنه، ولا تشعري خلاله بالذنب، لأن ذلك حقك، وتأكدي أنه سيعود بالنفع عليهم كما عليكِ، فهو نوع من أنواع شحن الطاقات التي تحتاجينها لهم ولكِ.
قبلة على خد الهواية النائمة
عن تجربة.. قد تكمن البهجة في هواية ما، وعن علمٍ.. فكثير من الهوايات هي متنفس لتخفيف التوتر والضغط. مؤمنة بأن كل امرأة لها هواية ما، فلا تتذاكى إحداكن وتخبرني أنها لا تملك واحدة. فلتتذكر كل امرأةٍ منا هوايتها، أهي الطبخ، الكتابة، القراءة، الخياطة، التطريز، الكروشيه، الرسم، النحت، رياضة ما، الرقص. أنتِ تعلمين جيدًا ما هي هوايتك التي أهملتها في معترك الحياة، فقط قبلة صغيرة على خدها وستستيقظ من جديد. وسأصدق من تقول إنها بلا هواية محددة، وسأخبرها أن كثير من الهوايات يُمكن تنميتها بالتعلم والممارسة. الهوايات بهجات صغيرة تولِّد في النفس شغفًا وإقبالاً على الحياة. حبي للكتابة والقراءة والسينما يومًا ما أنقذني من تجربة نفسية مظلمة مهلكة، والكتابة تحديدًا ساعدتني على إيجاد عمل هو مصدر رزقي الآن. فلا تستهيني بهواية تحبينها فقد تكون يومًا مصدر قوتك الوحيد.
قد تعتقدين أن الحلول أمامكِ غير مجدية لفرط بساطتها، لكن البساطة في صياغتها في كلماتٍ ليس إلا. عند التنفيذ ستجدين أنك بحاجة لبعض المقاومة والكثير من المحاولات، لتنفضي عنكِ الرغبة للاستسلام لهذه الحياة الطاحنة. الاستسلام سهل، لكننا كنساء لم نُخلق له، جُبلنا على المقاومة والمعافرة، فلتكن معافرتكِ هذه المرة لأجلك أنتِ، فأنتِ أملك الوحيد للحصول على سعادتك المفقودة.
Hello! I just would like to give a huge thumbs up for the great info you have here on this post. I will be coming back to your blog for more soon.