أصل أنا مش عاملة ريجيم

1521

الحكاية من بدايتها، أنا عشت مراهقة تعيسة، كنت عبارة عن مستطيل بنضارة مدورة وعلى طول متجهمة، كنت بكره نفسي جدًا وشايفاني مش حلوة كفاية للحياة.

 

مكنتش وقتها بحب الأكل ولا حاجة، كان عادي، زيه زي اللبس زي النضارة المدورة زي الدرجات البين بين في المدرسة، مكنتش مهتمة أوي إني أفسر أنا ليه تخينة، مكانش وزني مأساة يعني بس مع هرمونات المراهقة والجسم اللي لسه مخدتش شكله النهائي، وكان عبارة عن كتل فوق بعضها.. كنت وحشة.

 

عشت مراهقتي مقتنعة تمامًا إني كائن غير مرئي، فرصه في الحياة الممتعة مش كبيرة، مكنتش بهتم أوي بشكل النضارة المهم أكون شايفة وخلاص.

 

دي مرحلة معظم البنات المصريات بيمروا بيها، أو على الأقل في الجيل بتاعي أنا، ضيف لكده إني سمرا أصلًا (سودة زي ما كان بيتقالي في الشارع)، ضيف على كدة إني كنت بحب القراية أكتر من كاظم الساهر وقتها (في الحقيقة أنا عمري ما حبيت كاظم الساهر أصلًا)، ضيف على كده مجموعة الطموحات اللي كلها تتعلق بإني أكون ناجحة عمليًا وبس.

 

ما علينا، المهم إني مكنتش شخص سعيد، أنا مش فاكرة أوي بس عارفة إني كنت شايفاني أوحش من باقي البنات.

 

كبرت، والمراهقة خلصت، وجسمي مبقاش شكله وحش، بس فضلت مقتنعة إنه وحش، طلعت أشكال جديدة للنضارات ولفات جديدة للإيشاربات وأنا لسه زي ما أنا، مبخسش، مبغيّرش شكل لبسي، مكنتش شايفاني.

 

فجأة اتغيرت، أعتقد التغيير بدأ من ساعة ما اكتشفت قدرتي على الكتابة، كانت سري الصغير اللي بيخليني أشوف إني مميزة وإن عندي مميزات غير الشكل، بس مش هكدب، فضل شكل جسمي عاملي عقدة اسمها “أنا وحشة” ولازم أبقى مميزة في حاجات تانية تعوض وحاشتي.

 

فجأة (فجأة تانية غير اللي فاتت) اكتشفت إني بحب الأكل، وفي الوقت ده قررت أخس، ونجحت، وقتها خسيت حوالي عشرة كيلو وجسمي ابتدا معالمه تبان، وقتها ابتديت أشتري لبس مقاسات أصغر من اللي كنت متعودة عليها، وحسيت بالإنجاز.

 

وكبرت واتخرجت واشتغلت وشوفت الدنيا على حقيقتها، معرفش إمتى بالظبط ابتديت أحس إني فعلًا حلوة، لا لا بغض النظر عن مميزات العقل، أنا اكتشفت إن شكلي حلو وإني بعرف أختار لبس لائق.

 

حياتي اتغيرت.. ثقتي في نفسي زادت بشكل مهول. كل ده حصل في وقت قياسي مقارنة بالوقت اللي عشته كارهة شكلي وجسمي ووزني.

 

اكتشفت إني بحب الأكل، ممكن انتظاري لأكلة معينة يخلي مودي حلو طول اليوم، واكتشفت إن أقرب صحاب ليّ همّ اللي باكل معاهم، ولما بحب شخص بحب آكل معاه جدًا، حبي للأماكن بيتوقف على مدى اختيارات الأكل المتاحة فيه، يعني مثلًا اختفاء ديلايت من الفود كورت اللي في سيتي سنتر إسكندرية مخليني مش قادرة أخطي المكان تاني، ضيف على كده خبرتي السيئة في الأكل من المطعم الإيطالي اللي هناك، غالبًا سيتي سنتر بالنسبالي بقى مكان مش موجود في الوجود.

 

الجملة بتاعة “لا مقدرش آكل ده عشان عاملة ريجيم”، أو “النهارده اليوم الفري”، أو شرائي لكميات مهولة من الزبادي، كل دي أشياء مش واردة في قاموس حياتي.

 

حبيت جسمي كده، آه أوقات بتضايق لما بيطلعلي كرش أو البنطلونات بتضيق عليّ، لكن الشيء الوحيد اللي بيخليني أقلل أكلي هو إني أحس بتأثير ده على صحتي، لما قولوني يشتكي، أو لما رجلي توجعني، لكن غير كده أنا بستمتع بكل أكلة باكلها.

 

على فكرة، وزني رجع زي الأول، آه شكلي اتغير ومبقتش عبارة عن مستطيل، بس الوزن في حد ذاته ما زال زايد، عشرة كيلو عن الوزن المثالي مش شوية، بس كمان مبقوش بيعملولي أزمة.

 

بقيت بلاقي مقاسي بسهولة، غير زمان، مع إنه نفس الوزن، شكلي بقى حلو في اللبس، غير زمان مع إنه نفس الوزن، مبقتش أسمع كلام يضايق في الشارع، غير زمان مع إنه نفس الوزن، حتى شكلي بقى أحلى، غير زمان مع إنه نفس شكلي متغيرش.

 

الفيصل في صورتي الذهنية عن نفسي، أنا بقيت حاسة إني أحلى، فبقيت فعلًا أحلى، واللي يشوف صوري من كام سنة ويقارنهم بصوري دلوقتي هيشوف الفرق، مش في شكلي ولا في حجم جسمي، إنما في راحتي اللي طالعة في الصور، واعتزازي بشكلي وبجسمي.

 

أنا مش عاملة ريجيم، ومبسوطة جدًا، ونفسي ديلايت يرجع تاني في الفود كورت بتاع سيتي سنتر.

المقالة السابقةعلمني شكرًا 2
المقالة القادمةوَلِلْحُبِّ وَجَعٌ مُحَبَّبٌ
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا