10 جُمل لا تقُلها أبدًا لمريض الاكتئاب

1668

كل يوم تزداد الأسباب التي تدفعنا للإصابة بالاكتئاب، ذلك المرض الذي يُشبه ظلاً أسود يجثم على روح صاحبه، فيتغلغل داخله دون أي قدرة على الإفلات منه أو مواجهته. ما يجعل المعركة ليست سهلة وغير واضحة المعالم، يأتي ذلك في ظل حياتنا بمُجتمعات تزيد من وطأة المرض على أصحابه، إما بسبب الاستهانة بما يعُانيه المريض وإما لعدم تقديم العَون المناسب له.

 

ليصبح مريض الاكتئاب أغلب الأوقات على الحافة، حافة الاستسلام للحزن الذي ينخر الروح، للغضب، للتقوقع، للانهيار، أو رُبما لحافة الانتحار. من هُنا وَجب التعامل معه بحذر وإدراك ما يُمكن قوله وما لا يجب قوله كي لا تكون كلماتنا غير المحسوبة هي التي تسببت بخَط كلمة النهاية في حياة أي ممن يُعانون الاكتئاب.. مرض العصر.

 

من الجُمل التي عليكم عَدم قولها لمرضى الاكتئاب:

أنا كنت فاكرك أقوى/ أذكى/ أنضج من كده.. إنت قوي جدًا

مريض الاكتئاب يغلب عليه الشعور بالضعف، لذا هو لا يحتاج إلى تذكيره بضعفه، في الوقت نفسه إخباره بأنه قوي وكفى أمر غير مُفيد ولن يُغَيِّر شيئًا، بالعكس، سيشعره بالفشل أكثر لعجزه عن التعامل مع اكتئابه.

ما يُمكن قوله إنه وإن فقد الإيمان بنفسه فإن مَن حوله ما زالوا يؤمنون به، فجميعنا نمر بكَبَوات وأوقات نستشعر فيها أننا أضعف مما نحن عليه حقًا، لكننا بالمثابرة والمحاولة مع منح أنفسنا بعض الوقت نستطيع مُعاودة الوقوف على أقدامنا من جديد.

 

– إنت تكتئب؟! إزاي؟! إنت حياتك مثالية!

تأتي هذه الجمل بأشكال أخرى مثل “إنت أحسن من غيرك، أومال اللي أقل منك يعملوا إيه؟”، في الحقيقة ما مِن أحد يملُك كل شيء، وما هو مصدر سعادة للبعض قد يكون عاديًا غير كافٍ لهؤلاء مَن يملكونه بالفعل، هذا بالإضافة لكَون مريض الاكتئاب يفقد قُدرته على الاستمتاع بما لديه، لذا تلك الجُمل لن تفيده، بل والأسوأ ستُشعره بالذنب لأنه جاحد أمام ما يملك من نِعَم.

الأفضل قَول “أعلم أن الحياة ليست مثالية معك، وأنك تمر بضغوط كثيرة. أعدك بتقديم يَد العون قدر استطاعتي لمساعدتك بالتغلب على ما يُزعجك”.

 

– نام وبُكرة هتبقى أحسن

بنفس المنطق.. ما الذي يمنع الغَد أن يكون أسوأ من اليوم؟!

الأفضل ذِكر أن الاكتئاب مرض له أسباب وأعراض وطُرق علاج، نتيجتها لن تتحقق بين يوم وليلة، بالتالي من الحكمة التَرَوِّي قبل إعلان اليأس أو إطلاق أي أحكام على فاعلية العلاج وجدوى الخطوات الشاقة المبذولة برحلة الشفاء.

 

– قرَّب من ربنا.. يلا نخرج أو نسافر

الجملتان شئنا أم أبينا وجهان لعملة واحدة، فالوِد الموصول مع الله له آثاره الطيبة بلا شك، لكن آخر ما يحتاج المكتئب إلى سماعه اتهامه بأن سبب الاكتئاب البُعد عن الله، ما سيؤدي إلى نتائج عكسية إذا اقتنع المريض أن الباب بينه وبين الله صار مُوصدًا، كذلك إخبار المُكتئب أن الحل الوحيد بخروجه من قوقعته أمر له عواقبه أيضًا، خصوصًا حين يأتي رد المريض بالرفض، فيتم اتهامه بأنه “عايز يفضل مكتئب”.

الممكن فعله هنا: دعوة المريض للاشتراك بأنشطة جماعية تتماس مع روحه أو تُخفف عنه، سواء دينية أو دنيوية

أؤكد.. الدعوة فقط دون إلحاح أو إشعار بالذنب.

 

– من المؤكد أن الله له حكمة فيما يحدث

ونعم بالله! لكن هل من الصواب إخبار أحدهم أن الله له حكمة في إصابته بكل هذا البؤس النفسي؟

رُبما كان من الأفضل تأكيد أن الغيوم على إظلامها لن تلبث أن تنقشع، النور آتٍ لا محالة طال الوقت أو قصر، وقتها فقط يُمكن إعادة التدبُّر بتلك الأيام ومعرفة جدواها.

 

– عيش زي ما كل الناس عايشة وخلاص

الرضا بالمقسوم فضيلة يتمتع بها القليلون، أما الرضا بواقع مَرَضي له توابعه التي قد تصل حَد الموت محض سذاجة.

لذا يُفَضَّل نُصح مريض الاكتئاب باللجوء إلى متخصصين نفسيين، وبقَدر بديهية الخطوة، إلا أن كثيرًا ما تكون صعبة التنفيذ، إما لكَون المريض رافضًا الخروج من قوقعته أو الشُغل على نفسه، وإما بسبب تكاليف العلاج الباهظة، لذا على مَن يهمه الأمر البحث عن طبيب نفسي له سمعة طيبة و”فيزيتا” قليلة، وترشيحه لمريض الاكتئاب دون إلحاح، ومعاودة النُصح به من وقتٍ لآخر بهدوء.

 

– ابتسامة طفلك ستُشفيكِ

هذه الجملة تُقال دومًا للأمهات المكتئبات، علمًا بأنها كفيلة بإشعار الأمهات بالذنب لأنهن غير قادرات على رؤية البهجة الكاملة التي يراها الغرباء بأطفالهن.

لذا في حالة الأمهات تحديدًا، الأفضل مَنح الأم مساحة لها وحدها، بعيدًا عن أعباء الأمومة والزواج من أجل القُدرة على مراجعة حساباتها واستعادة آدميتها، ليصبح لديها القُدرة على استكمال العطاء.

 

– بلاش دلع/ تمثيل/ متكبرش الموضوع

قُدرة الفرد على التحمل ليس عليها أن تتساوى مع قُدرة كل من حوله، وإلا صار لديه ما يُعيبه، والأهم.. لا أحد يُمكنه الحُكم على الأمور سوى الشخص الذي يعيشها، فوحده هو الأدرى بكل التفاصيل وتأثيرها على روحه، لذا في حالة عدم استيعاب أبعاد ما يمُر به مريض الاكتئاب، يمكن الاكتفاء بقَول إنك وإن كنت لا تفهم جيدًا، لكنك لديك القُدرة على التَفَهُّم والرغبة بتقديم المساعدة.

 

– إنت أناني قوي

البعض يتعامل مع مريض الاكتئاب على أنه مُحب لذاته ومُنخرط بمشكلاته عن قَصد، مُفضلاً ذلك على أن يكون جُزءًا من حياة المُقربين منه، ومن ثَم يبدأون بابتزازه عاطفيًا، فإما أن تخرج من اكتئابك وإما أن تكون لا تُحبنا بما يكفي.

حسنًا..الاكتئاب ليس اختياريًا، بل وصاحبه يُريد التخلص منه أكثر من أي شخص آخر، لذا الأفضل هو تقديم حلول عملية بدلاً من اللوم والتقريع، أو على الأقل البدء مثلاً بقول “إيه رأيك نحاول ندور على حلول مع بعض؟”.

 

– تنتحر وتموت كافر؟

في اللحظة التي يصل الاكتئاب بصاحبه للرغبة في الانتحار، آخر ما سيشغل ذهنه وقتها هو ما ينتظره بعد الموت، ذلك لأن مريض الاكتئاب يرى بحياته العذاب الأكبر، وبالتالي من البديهي التفكير في إنهاء هذه الميلودراما، والحل الوحيد هنا هو الموت، الذي هو راحة، أو على الأقل وقت مُستقطع قبل ما سيليه.

 

عند تلك النقطة من الواجب مُحاولة تخفيف كل الضغوط المُمكنة من على المُكتئب، والعمل على بَث الأفكار الإيجابية لديه، بدلاً من تحميله بالمزيد من الأفكار الهدَّامة، مع تفنيد المشكلات لتفكيكها واحدة تلو الأخرى، والأفضل لو أمكَن ملازمة مَن تنتابهم فكرة الانتحار أكبر وقت مُستطاع، وبالطبع سيكون اللجوء إلى متخصصين بتلك الفترة حتميًا، ولو بأخذ نصائح منهم وتنفيذها مع مريض الاكتئاب منعًا لتفاقم الأمر.

 

جدير بالذكر أن مريض الاكتئاب يمر في اكتئابه بمراحل مختلفة، ورُبما الجملة التي تصلح مع هذا الشخص لا تصلح مع غيره، أو تلك التي تصلح الآن لا يُمكن استخدامها غدًا مع نفس الشخص، لذا على المهتمين بأمر مرضى الاكتئاب ممن يعرفونهم –وهم أكثر مما تتوقعون- حُسن تقدير الموقف، وتقديم الدعم غير المشروط، المصحوب بالتفهُّم التام أو على الأقل الوعد ببذل المجهود لاستيعاب ما يمر به هذا الشخص ومحاولة مساندته في رحلة خروجه من هذا النفق المُظلم.

المقالة السابقةاللمة الحلوة.. والكنز المفقود
المقالة القادمةالاكتئاب.. بين المرض وموضة العصر
كاتبة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا