ماذا يحدث لنا عندما لا نحكي؟

1654

 

بقلم/ هديل إسلام

 

الحكي والمشاركة هما جزء أساسي من التجربة الإنسانية، لا أعتقد هناك من تستطيع أن تمضي يومها دون بعض الحكي وتبادل الحديث مع الآخرين. لكن ربما ما نحتاجه هو أكثر من مجرد الثرثرة، ما أقصده هنا هو الحكي الذي نستخدمه للتنفيس عن أنفسنا والتعبير عن ذاتنا. ربما هذا تحديدًا ما نفتقده في حيواتنا المزدحمة.

لكن إذا تركنا الأيام تمر دون أن نمارس حاجتنا الطبيعية للحكي، فهناك شيء ما يتغير بداخلنا، وقد يأخذ هذا التغير الأوجه التالية، تعرَّفي عليها إذًا.

 

الصمت مقترن بالقبول

عندما قالوا “الصمت علامة الرضا” لم يخطئوا أبدًا. اللجوء للصمت لأننا لا نرغب في الحديث عن المشكلات التي تعكر مزاجنا لن يحلها، بل يجعلنا نعتاد على وجودها لأننا ببساطة نتجاهل التعامل معها ونتهرب من مواجهتها.

الحكي الواعي كثيرًا ما يأتي بالحقيقة ويضعها أمام أعيننا، لكن الصمت والتجاهل يجعلنا نستسلم لها. قد يبدو الأمر هينًا في البداية وكأننا تقبلنا الأمر، لكنه لن يتوقف عن إزعاجنا. ومن ثم فإن الصمت لم يحل الأمر أبدًا، بل سيجعله يتفاقم ويزداد صعوبة مع مرور الوقت.

 

الصمت يسكتنا حرفيًا

صوتنا الحقيقي عادة ما يضيع في لحظات الصمت. دون أي محاولة للتنفيس والتعبير عن أنفسنا، فإننا نستسلم للأصوات التي تتصارع داخلنا. في داخل كل منا عدد من الأصوات مثل الصوت الغاضب والصوت الناقد والصوت اليائس والصوت العقلاني، ووسط هذه الأصوات يضيع صوتنا الداخلي الحقيقي.

الصمت يسكتنا حرفيًا، يبعدنا عن حقيقتنا، فقط يجعلنا نقول ونفعل ما يُملى علينا، بينما الحكي في دوائر آمنة ربما يتيح الفرصة لنا لسماع صوتنا الحقيقي.

 

الصمت يصيبنا بالوحدة والانعزال

أحد الأمور التي تحفزنا إلى الحكي في الدوائر المقربة لنا، أو تلك التي نرتاح بالوجود فيها، هي أن الحكي يجعلنا نشعر بالألفة مع الآخرين. الحكي يجعلنا نشعر أننا لسنا بمفردنا، وأن ما نشعر ونمر به ليس خطأ، فهناك من يشبهنا ويفكر مثلنا. بالتأكيد ردود الفعل عما نحكيه تختلف من شخص لآخر. لكن بالتأكيد هناك من يشبهنا ويفكر مثلنا بلا أي أحكام مسبقة في هذا العالم.

 

في حين الميل إلى الصمت ودفن مشاعرنا بداخلنا يجعلنا نشعر بالوحدة وأننا نستحق السوء الذي نمر به، ونغرق في بحر من المشاعر السلبية والأصوات الناقدة.

 

لا مكان للأفكار الإيجابية مع الصمت

يُعد الحكي واحدة من وسائل التنفيس التي يستخدمها البشر منذ قديم الأزل، وهو ببساطة وسيلتك للفضفضة والتفريغ عما بداخلك من أفكار سلبية. لكن إذا تراكمت الأفكار السلبية لدينا واحتلت الحيز الأكبر بداخلنا، فكيف يمكن للأفكار الإيجابية أن تجد متسعًا داخلنا إذًا؟!

 

حتى وإن لم يكن هناك فائدة من الحكي وتفريغ ما بداخلنا من أفكار سلبية، من قال إننا لا نحتاج إلى بعض من هذه الفضفضة من وقت لآخر؟! وكيف لنا أن نمضي قُدمًا إذا كنا أسرى للأفكار السلبية المتكدسة داخلنا.

 

الصمت يصيبنا بالعدوانية السلبية

عدم التنفيس عما بداخلنا من غضب ومشاعر سلبية على نحو سليم، وفي المساحات التي نجد فيها الأمان الكافي لتحقيق ذلك يدفعنا دون قصد إلى إخراج مشاعرنا السلبية في صورة سلسلة من التصرفات العدوانية السلبية. والعدوانية السلبية هي ميل الشخص إلى التصرف بعدوانية لكن بطريقة غير مباشرة.

 

لذا قد نجد أنفسنا كثيرًا ما نتصرف بعصبية غير مبررة أو بعناد، في مواقف أخرى لا تستحق، أو عدم الرغبة في القيام بمهامنا وتأجيلها باستمرار، أو حتى استخدام المزاح العدواني، وذلك لأننا لم ننفس عن أنفسنا وعن غضبنا ومشاعرنا بالقدر الكافي، ومن ثم فإن لجوئنا إلى دفن هذه المشاعر هو ما يدفعنا إلى التصرف على هذا النحو.

 

قوتك وصلابتك وقدرتك على الاحتمال هي أشياء لا تتعارض أبدًا مع أهمية العناية بنفسك والاستماع لها، ومن أبسط الأشياء التي قد تمنحينها لنفسك هي الحكي، لأننا جميعًا نحتاج إلى أن يسمعنا أحدهم والأهم من ذلك نحتاج إلى أن نستمع إلى أنفسنا ونحن نعبر عن ذاتنا.

 

مصدر 1

مصدر 2

https://www.psychologytoday.com/us/blog/emotional-fitness/201311/dont-bury-your-feelings

https://www.inc.com/kevin-daum/5-reasons-you-should-speak-up-even-when-you-think-you-shouldnt.html

 

المقالة السابقةلمن نذهب لطلب المساعدة النفسية؟
المقالة القادمةمشكلات المراهقات.. حوار مع أخصائية نفسية
نون
كاتبات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا