لماذا خفت من دوائر الحكي الآمنة والأصدقاء؟

1248

“بعض الأشخاص يعاقبون من قبل أشخاصًا كانوا يظنون بأنهم أصدقاء لهم”.. فرانكلين روزفلت.

ظل أثر بعض التجارب السلبية التي مررت بها مع عدد من الصديقات ممن يمكن أن يوصفن بأنهن دوائر حكي آمنة، حاضرًا بقوة داخلي عند ذكر كلمة صداقة أو دوائر حكي، فحل الخوف محل الأمان، واختفى الإقبال عن الحكي أو تكوين صداقات، ليحل محله الإحجام التام عن الحديث.

 

فصديقة اختبرت معها تقديم كل أشكال الدعم النفسي من أجل مساعدتها على اجتياز ألم مرض شقيقتها، وعندما احتجت لبعض من دعمها عقب أزمة مررت بها كان الغياب هو ما لاقيته منها بأعذار واهية، وصديقة أخرى لم تنتبه أنها تقدم طاقة سلبية دومًا حول أي حدث أو خطوة أقوم بها، حتى ودعت حلمي الأكبر على المستوى المهني، بعد أن شعرت باليأس وأنه لا جدوى من المحاولة، كان من أقسى ما مررت به نفسيًا، وصنع حفرة كبيرة في روحي مليئة بالحزن والألم، وندوب كبيرة في قلبي لا أستطيع الشفاء منها أو التعايش معها، فالصداقة كانت بالنسبة لي الملاذ الذي أحتمي به من السقوط النفسي، ولكن حدث العكس بالضبط، فشرعت في بناء الحواجز النفسية حولي، وأغلقت الأبواب في وجه أي طارق، وبين الحين والآخر ألوم نفسي بصمت، وأرى أن أخطاء تلك العلاقات وفشلها يقع على كاهلي وحدي.

 

“أعظم علاج للشفاء على الأرض هو الصداقة والحب”.. هيوبرت همفري – سياسي وكاتب أمريكي.

هي حكمة صحيحة تمامًا، ولكن المقصود هو الصداقة الحقيقية، فبعد فترة اكتشفت وجود ما يسمى “العلاقات المسيئة”، وهي لا تقتصر فقط على علاقات الحب والزواج، بل أيضًا هي في الصداقة، وكما هناك دوائر حكي آمنة نلجأ إليها للحصول على الدعم، للاستمرار في الحياة ومواجهة مخاوفنا النفسية، هناك دوائر حكي غير آمنة، وهي أكثرها رعبًا على الإطلاق، لأن من الصعب اكتشافها، ولأننا نضع فيمن أمامنا ثقة عمياء وبلا حساب، وهو ما حدث معي، ويحدث مع كثيرين يوميًا، لغياب الوعي النفسي والثقة بالنفس، والقدرة على تمييز الإساءة التي تقع بحقنا، والتصدي لها بقوة دون لوم أنفسنا.

 

وهناك عدة نصائح بسيطة يمكن أن تساعدنا على تجنب دوائر الحكي غير الآمنة، وعلاقات الصداقة المسيئة وهي:

 

1- الهدف الأساسي من أي علاقة (دوائر حكي) هو الحصول على الدعم والأمان، لمواجهة الحياة وتعزيز الشعور بصحة نفسية جيدة، إذا لم يحدث هذا فعليك بالتساؤل عن مدى جدوى استمرارك في تلك العلاقة.

 

2- هل شعرت يومًا بعد جلسة مع صديق أنك محبط أو يائس؟ إذًا عليك الحذر، ففي العلاقات هناك صديق أو دائرة حكي تسمى “سلة القمامة”، والمقصود بها الصديق الذي يستخدم كوسيلة لتفريغ كل الطاقة السلبية والمشكلات التي يواجهها الطرف الآخر، دون تقديم أي طاقة إيجابية، أو مشاركة تفاصيل حياته الأخرى معه.

 

3- إذا كان الطرف الآخر لا يهتم بمعرفة مشاعرك الحالية، فيسأل عنها بشكل سطحي، ويمر عليها مرور الكرام خلال الحديث ويركز على نفسه فقط.

 

4- كما هناك اعتداء جسدي في أي علاقة، فهناك اعتداء عاطفي أو إساءة عاطفية، وهو أن يقوم أحد طرفي العلاقة بتوجيه الانتقادات حول ما تقوم به، أو السخرية بلا مبرر، سواء على الشكل الخارجي أو السلوكيات، وذلك بشكل متكرر، مما يؤدي إلى كسر ثقتك في نفسك، والشعور بالدونية أو الفشل، فهنا لا بد من الانسحاب من تلك العلاقة فورًا.

 

5- إذا كان الطرف الآخر في الحكي أو الصداقة يدفعك للشعور بأنك تتحمل أخطاء كل شيء، أو الشعور بالذنب، أو يتعمد إحراجك أمام الآخرين، فهنا الطرف الآخر يتلاعب بمشاعرك ولا يمثل مساحة آمنة بالنسبة لك.

 

6- من أهم سمات دوائر الحكي غير الآمنة أو علاقات الصداقة المسيئة بالنسبة للرجال والنساء، هي الشعور بالعجز أو عدم الكفاءة أو أنك غير قادر على فعل شيء معين، لا لشيء سوى أن الطرف الآخر يقنعك بذلك، ويؤكد لك ويرى فيك عدم المقدرة.

 

7- محاولة عزلك عن الآخرين، إذا كان الطرف ينتقد كل المحيطين بك دومًا ويظهر عيوبهم بشكل مبالغ، ويبدي غيرة شديدة من أصدقائك الآخرين، ويسعى لمعرفة مكانك طوال الوقت، فهنا بوادر محاولة فرض عزلة اجتماعية حولك، وهي بوادر علاقة غير صحية.

 

8- أخيرًا.. إذا كان الطرف الآخر في العلاقة لم ينجح في تحقيق النجاح في مشروع معين (عمل- دراسة- سفر- زواج… إلخ)، ويحاول نقل تفاصيل تجربته السيئة لك، ويثبط عزيمتك لكي لا تنطلق أيضًا فى مشاريعك الخاصة، ففكر أكثر من مرة قبل الاستمرار في تلك العلاقة.

 

وأخيرًا.. منذ بدء الخليقة وحتى الآن، خلق الله لنا قيم الأصدقاء ودوائر الحكي لكي تكون لنا سندًا وعونًا على مشاق الحياة، وتضفي عليها الكثير من الجمال والمحبة الصافية، فلنضع لأنفسنا معايير وأسسًا تناسبنا عند اختيار الصديق أو دائرة حكي، ثم ننطلق في مسيرتنا، ولا ننسى أن تكون أهم تلك الأسس ما قاله جبران خليل عن فن اختيار الصديق “إن صديقك هو كفاية حاجاتك.. هو حقلك الذي تزرعه بالمحبة وتحصده بالشكر.. هو مائدتك وموقدك.. لأنك تأتي إليه جائعًا، وتسعى وراءه مستدفئًا”.

 

مصدر:
1-
https://mainweb-v.musc.edu/vawprevention/research/defining.shtml

2-
https://psychcentral.com/blog/21-warning-signs-of-an-emotionally-abusive-relationship

3-

https://www.theduluthmodel.org/wp-content/uploads/2017/03/PowerandControl.pdf

المقالة السابقة10 نساء في السينما المصرية كسرن القالب
المقالة القادمةحبنى وخد ريال.. المحبة مش بالحيال
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا