مفتتح
أعترف أنني لا أجيد التعاطف المطلق، يتمزق قلبي عندما يختبر أحدهم حزنًا يشبه شيئًا مررت به من قبل، أما الحزن الذي لم أختبره فلا يجد لقلبي طريقًا، أظل أمنطق الأمور وأحسبها، أنت حزين لأنك تمر بكذا وكذا وتمتلك على الجانب الآخر كيت وكيت، أنت لا ترى سوى مشكلاتك فقط ولا تحسبها بالعقل، إذًا أنت لا تستحق تعاطفًا، ومن يربت على كتفيك دون أن يدفعك دفعًا لتدير وجهك ناحية النور يظلمك، إذًا أنت لا تستحق تعاطفي.
متن
كلنا يمتلك أحزانًا، لسنا في ديزني لاند لو لاحظت هذا، كلنا نستحق التعاطف، هذه حقيقة، ولكن التعاطف المطلق لا يمكن أن يفيدك دائمًا، لا أنكر أبدًا أن فينا من لا يمكنه أن يجد نقطة النور، منا من لا يمتلك نقطة نور أصلاً، ولكن -للغرابة- هؤلاء الذين يحملون حزنًا حقيقيًا وثقيلاً لا يطلبون التعاطف طوال الوقت، من يحملون على ظهورهم همًّا ثقيلاً يبحثون دائمًا عن نقطة النور حتى إن لم يوجههم أحد، أما من يحزنون لأن الحزن مريح يطلبون تعاطفًا مُطلقًا طوال الوقت، يرهقون أنفسهم ويرهقون من حولهم، حتى إذا ما وقعت أنت تجدهم منشغلين بهمومهم الشخصية، ليس لديهم مكان لك، تعاستهم تكفيهم، لا يقولون هل من مزيد.
ليس جحودًا أن أدعوك لتضع الأمور في نِصابها، سوف تحصل على تعاطفي كاملاً ومساعدتي غير المشروطة عندما أراك تقاتل من أجل نفسك، من أجل ألا ترتاح في المنطقة الرمادية التي ترمي فيها كل الأعباء وتسامح نفسك على كل شيء لأنك حزين، خذ وقتك وسوف أدعمك، تمادى قليلاً سوف أستمر في دعمك، تعايش مع الحزن واجعله أسلوبًا لحياتك وتنصَّل به من كل شيء سوف أراك ضعيفًا تستحق الشفقة، تمادى أكثر واستغنى عن محاولاتي لإفاقتك، آسفة.. سوف أنقلب ضدك.
تلك ليست قسوة قلب، أنت ستراها قسوة بالطبع، سوف تملأ الدنيا صراخًا عن مدعي المثالية الذين يملكون قلوبًا من حجر، سوف تبكي وتضرب الأرض بقدميك، سوف تصمني باللا إنسانية، سوف تخبر نفسك أنني لم أختبر ما مررت به أنت ولذلك لا أستطع مواساتك، سوف تكرهني كثيرًا جدًا، وتستمر في البحث عن آخرين جدد تحكي لهم مأساتك فيتعاطفون، والأهم أنك سوف تحبس نفسك في الدائرة التي لا تنكسر، وسوف تفيق -إذا أفقت- متأخرًا جدًا.
قال عبد الوهاب مطاوع ذات يوم إن التعساء أنانيون، لا يرون سوى مآسيهم الخاصة، وليس لديهم مكان لحزن الآخرين، لا يستطيعون أن يروا سقوط الآخرين، منشغلين دائمًا بسقوطهم الخاص، أنا لا أريدك أنانيًا، ولا أريدك تعيسًا، لا تنتظر مني تربيتًا لا نهائيًا على قلبك المرهق، ربما صفعة على وجهك ستعيد الأمور إلى نصابها، أصفعك لأنني أحبك، لأنني لا أريدك أن تغرق أكثر، لا أراك تستحق السقوط النهائي، وأرى النور في نفقك لأنني أنظر من الخارج، فقط لا تكرهني لأنني أقسو عليك، فليس كل التربيت حنوًّا، أحيانًا التربيت يثبِّت قدميك في الأرض فلا تستطيع الانتقال لمكان آخر أفضل.
ابحث عن الدعم، سأبحث معك، فكر ستجدني أجد لك الحلول، اطلب مساعدتي ستجدني أقدم لك يديَّ الاثنتين تعيناك على النهوض، ولكن لا تبكِ فقط؛ بكاؤك سيحزنني يومًا، سيؤلمني بضعة أيام، سيضجرني إذا استمر للأبد.
أنت تحتاجني وأنا أحتاجك، لا تركن لحزنك وتستقر وتدير وجهك عن وجهي لأنك مثقل، نحن هنا من أجل بعضنا بعض، أنت في حزنك بعيد جدًا عني، اقترب كي أستطيع أن أقدم لك ما أملكه، لا تغلق كل أبوابك في وجهي ثم تشتكي من وحدتك في مأساتك العميقة.
خاتمة
لا تكن أنانيًا وتطلب مني أن أتعاون معك للأبد.