بطريقة أو بأخرى، سيحدثك طفلك عن الكوارث الطبيعية والمشكلات الأخرى في العالم، كحرائق الغابات، الفيضانات، الأوبئة، أشياء نسمع عنها فقط في نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، ربما سيطرح أسئلة من قبيل: هل سيحدث لنا هذا؟ لماذا يحدث هذا؟ ربما تأتي إجاباتك بسيطة ومقتضبة بحكم البُعد الجغرافي أو بحكم أننا لم نتعرض من قبل لمثل تلك الأحداث، إلا أن الأمر أصبح مختلفًا بعد انتشار فيروس كورونا، بعدما أصبحنا وجهًا لوجه أمام فيروس يحاربه العالم كافة. فطوال الأيام الماضية لاحقتني طفلتي الصغيرة بسيل من الأسئلة حول ماهية الفيروس، وكيف نحمي أنفسنا منه؟ وما هو شكله؟ إلا أن السؤال الأصعب كان: هل يعاقبنا الله ؟ ربما يكون طرح أسئلة هكذا أمر شائك والإجابات عليه لن تكون حاسمة، وربما ليست مقنعة لطفلة لم تكمل عامها السادس بعد، لا تدرك مفاهيم كالإيمان والابتلاء والعقيدة، كما أن صياغة إجابة في إطار المفاهيم الروحية في عصرنا هذا لن تشفي فضول طفلة تبحث دائمًا عن إجابات علمية ومنطقية لكل شيء وأي شيء.
كيف يرى أطفالنا الله؟
يبدأ الأطفال في التفكير في الله منذ مرحلة الطفولة المبكرة، بدافع الفطرة والغريزة، فبحسب دراسة للدكتور جوستين باريت، الباحث في مركز الأنثروبولوجيا بجامعة أكسفورد، فالأطفال لديهم استعداد غريزي للإيمان بوجود الله، فبعد مجموعة من التجارب النفسية التي أجراها على عينة من الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، وجد أن لدى الأطفال اعتقادًا بأن هناك قوة خارقة طبيعية مسؤولة عن تنظيم الكون، وأن السبب وراء هذه القناعة هو الإدراك، فالإدراك بصفته أحد العمليات العقلية، والذي يتضاعف في مرحلة الطفولة المبكرة بسبب نمو خلايا الدماغ بشكل أسرع، وذلك بسبب وجود العديد من المُحفّزات التي تدعم الألياف العصبية للنمو، وبالتالي تزيد من عملية الإدراك، ونتيجة لمجموعة من العمليات الإدراكية المختلفة، يصل الطفل إلى أن الله هو المسؤول عن هذا العالم.
اقرأ أيضًا: بماذا تجيبِ إذا سألك طفلك عن الله؟
كيف تساعد أطفالك على فهم الله بشكل جيد
يدرك الطفل أن الله هو المسؤول عن كل ما يحدث حوله، الأمر الذي يضعه في حيرة في تحديد مفاهيم واضحة حول علاقته بالله، خصوصًا عندما يتعرض لحوادث كالفقد أو المرض أو الموت، فيتبادر في ذهنه تساؤلات عن علاقته بالله وهل يحبه أم لا.
من الصعب وضع قواعد محددة لأطفالنا لفهم الله، فنحن الآباء والأمهات ومقدمو الرعاية بشكل عام قد لا نملك كل الإجابات الشافية لأبنائنا، خصوصًا فيما يتعلق بالموضوعات الروحية، لكن ما يمكن أن نقدمه لهم هو أن لا نشوِّه إحساسهم الفطري بوجود الله، ونقدم لهم المعطيات التي يستطيعون من خلالها استشعار معاني كالرحمة والجمال واللطف.
تعرفي على: كيفية الاجابة على اسئلة الاطفال المحرجة
إذًا كيف يمكن أن نفسر أشياء كالمرض والموت وانتنشار الأوبئة للأطفال؟
نشر جيم دالي، مؤلف ومذيع أمريكي ورئيس مؤسسة fouce on the famiy على مدونته الخاصة، مقالاً يشير إلى ضرورة تفسير أفكار كالمرض والموت للأطفال، في إطار علمي بسيط، يوضح لهم أن الموت هو جزء من دورة الحياة، وليس عقابًا من الله لنا، فأجسامنا لها دورة حياة محددة يمكن أن تنتهي ونموت لعدة أسباب كالشيخوخة أو الحوادث أو الكوارث الطبيعية أو الأوبئة والأمراض، ويشير إلى أن هناك أمراضًا يمكن الشفاء منها، وأمراضًا لا يمكن الشفاء منها
يوضح دالي في مقاله أيضًا ضرورة مساعدة الأطفال على فهم لماذا لم يستجب الله لهم عندما طلبوا منه أن يعجل بشفاء شخص يهمهم أمره، حيث يجب أن نخبرهم بأن الله يحبهم ويسمع ما يطلبونه منه، ولكن في بعض الأحيان، عندما يطلبون منه شيئًا ما، قد يقول لا، يبدو الأمر كما لو أن الطفل يسأل أحد والديه ما إذا كان بإمكانه الخروج للعب أو مشاهدة التليفزيون، وأحيانًا يقول لا وهذا لا يعني أنه لا يحبه.
اقرئي أيضًا: شكرًا يا الله.. لأنك الله
ليس عقابًا
في هذا السياق تقول الدكتورة ياسمين رسلان أخصائي الطب النفسي بمستشفي العباسية، إن على الطفل أن يدرك أن الله هو المسؤول عن الكون، ولكن هناك أخطاء يتحملها البشر، لأنهم جزء من هذا الكون، فعندما يسيء الإنسان للطبيعة من المؤكد أن الطبيعة سترد هذه الإساءة بنفس القدر، وهذا ما حدث فعلاً مع ظهور فيروس كورونا، فمن أخطأ يجب أن يتحمل نتيجة خطئه.
بماذا يجب أن تجيب إذا سألك طفلك: هل مات أحد؟
إذا سألك طفلك بشكل مباشر: هل مات أحد؟ يمكنك أن تجيب بشكل واضح ومحدد “نعم، سمعت أن هناك بعض الأشخاص قد ماتوا بسبب الفيروس”، في الغالب سيكون السؤال التالي الذي يطرحه طفلك هو: هل سنموت؟ في هذه الحالة اشرح لطفلك كيفية انتشار الفيروس، وإجراءات السلامة التي يجب أن نتبعها لحماية أنفسنا ومن نحب منه، وضرورة التزامنا بتطبيق العزل المنزلي، الأمر الذي سيضمن لنا ولمن حولنا السلامة وعدم العدوى.
أيام العزل
تحدث إلى أبنائك لفهم ما يشعرون به حيال الموقف الذي نمر به هذه الأيام. قدم لهم معلومات حقيقية ومبسطة، والسبب وراء ما يحدث وكيف سينتهي قريبًا، إذا استدعى الأمر اشرح لهم تجربة الصين وكيف تغلبت على الأمر. طمأنهم ودعهم يعبرون عن مشاعرهم بوضوح، وإذا شعرت بالخوف والقلق ما زالا يسيطران عليهم، فادعمهم بكلمات مشجعة، وأخبرهم بأن هناك أشخاصًا بالخارج يعملون من أجل أن يعود كل شيء إلى طبيعته قريبًا جدًا.
تأكد من عودتهم إلى روتينهم اليومي المعتاد، حتى وإن لم تكن المدارس مفتوحة، فصِر على قيامهم بأعمالهم اليومية. ستكون هذه الممارسات مطمئنة لهم. الشيء الأكثر أهمية هو أنه لا يجب عليك أن تصاب بالهلع. يتطلع أطفالك إليك في مثل هذه المواقف، فكن مصدر الطمأنينة لهم.
اقرأ أيضًا: يوميات أم في زمن الكورونا