الكثير منا يعرفون هذا القلق المصاحب لفترة الامتحانات، هذا التوتر ودقات القلب المتسارعة، والشعور المستمر بعدم القدرة على النجاح. والتوتر الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى أعراض جسمانية قاسية مرتبطة فقط بفترة الامتحانات.
كثيرًا ما أحلم بأني أجلس على مقعد الدراسة، في لجنة امتحانات، أحيانًا في الجامعة، وأحيانًا أخرى في المدرسة.. قد تختلف التفاصيل بين حلم وآخر، لكني دائمًا أجد أني عاجزة عن إجابة الأسئلة، والوقت يمر، وقلقي يتزايد.. ودائمًا ينتهي الحلم بجرس انتهاء الوقت والورقة أمامي خالية. أستيقظ من النوم فزعة بدقات قلب متسارعة ويد مرتجفة.
يتكرر هذا الحلم معي باستمرار، تختلف التفاصيل لكنه دائمًا نفس الرعب والشعور بالقلق، والخوف من مداهمة الوقت، والورقة الخالية التي تتحداني. عندما بحثت عن تفسير لتكراره فوجئت بأنه واحد من أشهر أنماط الأحلام شائعة التكرار بين البشر. ويربط المحللون هذا الحلم بالرغبة في الكمال وتحقيق أفضل النتائج، وكذلك بالتعرض للضغوط والتوتر.
قليل من التوتر لا يضر
يبدو أن تجربة الامتحانات عند الكثير منا تجربة تثير التوتر والقلق. والشعور ببعض التوتر خلال فترة الامتحانات شعور طبيعي، بل وقد يساعد أحيانًا في تحسين الأداء، فالقليل من التوتر يحفز إفراز الأدرينالين وهو ما يزيد من حدة الانتباه. لكن الأزمة تحدث عندما يسيطر شعور القلق، ويتسبب في نتائج عكسية.
يرتبط القلق في بعض الأحيان برغبة الطالب في التميز وتحقيق الكمال والوصول للأفضل، وفي أحيان أخرى بالرغبة في مجاراة توقعات الأهل والخوف من ردود فعلهم في حال نقصان العلامات الدراسية. وتتباين أعراض القلق، وتختلف درجة حدتها، وقد تصل في كثير من الأحيان إلى أعراض جسمانية ومرضية بلا سبب جسدي واضح.
خلال فترة الدراسة الجامعية عانيت في أيام الامتحانات من نوبات مفاجئة لانخفاض الضغط، في الأيام العادية لم أعانِ من أي اضطرابات في ضغط الدم. لكن في أيام الامتحانات كان الضغط ينخفض بشدة لدرجة أعاني فيها من الإغماء.
الأعراض:
- الشعور بالعصبية والتوتر.
- الشعور بالذعر.
- زيادة معدل نبضات القلب.
- تسارع التنفس.
- التعرق الزائد والارتجاف.
- الشعور بالتعب الجسماني.
- صعوبات النوم.
- اضطرابات الجهاز الهضمي بلا سبب مباشر: ألم، قيء، إسهال، مشكلات في الهضم.
يعاني ابني من آلام شديدة في الجهاز الهضمي وقيء وارتفاع في درجة الحرارة في الأيام السابقة للامتحانات، ارتبط هذا فقط بأيام الامتحانات.
من الضروري إيجاد وسيلة لمساعدة أبنائنا على التخلص من الشعور بالقلق، وخصوصًا أن تجربة القلق من الامتحانات ليست أمرًا مرتبطًا بالطفولة والدراسة فقط، بل تمتد أحيانًا لمقابلات العمل أو اختبارات التقدم والترقية في الوظيفة.
إستراتيجيات لتخفيف القلق
1. التدريب على الامتحانات
يساعد التدريب على الامتحانات في بعض الأحيان على تخفيف حدة القلق وبث بعض الثقة. سواء عن طريق حل نماذج امتحانات، أو من خلال التدريب على الحل خلال وقت محدد أو تهيئة أجواء مشابهة لأجواء لجنة الامتحان.
2. المذاكرة قبل فترة كافية
من المهم أن تُقسَّم المادة الدراسية إلى أجزاء، ولا تكدس في وقت واحد قبل الامتحان. بحيث لا يحتاج الطالب قبل الامتحان إلا إلى مراجعة سريعة لملخص أعده بنفسه.
3. القليل من الترفيه لا يضر
البعض يجعل وقت الامتحانات أشبه بمعسكر حربي، بلا أي وسيلة للترفيه، وهو ما يزيد من الشعور بالتوتر والقلق. لكن القليل من الترفيه لا يضر، بل على العكس يساعد على تخفيف حدة التوتر، لكن مع الحرص على ألا يستغرق أكثر من اللازم.
كان امتحان الشهادة الإعدادية تقريبًا، كنت متوترة جدًا وقتها، أعاني من نوبات قلق مستمرة. وفي اليوم السابق للامتحانات سألتني أمي:
– خلصتي مذاكرة؟ البسي ويلا نخرج.
وأخذتني يومها لنأكل آيس كريم ونذهب إلى السينما. لا أتذكر الفيلم لكني أتذكر شعوري بالاطمئنان، وبأنني فعلت كل ما يمكن فعله. ومن حقي أن أحصل على بعض الراحة، بل والترفيه أيضًا. ولا أعتقد أني شعرت بالقلق تجاه أي امتحان منذ ذلك اليوم.
4. تقليل وقت الهواتف أو الألعاب الإلكترونية
نعم للترفيه الحر، لا للشاشات والألعاب الإلكترونية، فهذه الأجهزة تزيد من التوتر، وإن كان لا بد منها فليكن الأمر بحدود. بدلاً من استخدام الهواتف والتابلت في الترفيه، من الممكن الخروج في تمشية قصيرة.
5. استخدام تمارين الاسترخاء
هناك العديد من التمارين التي تساعد على الشعور بالاسترخاء، منها ممارسة التنفس العميق أو إرخاء العضلات تدريجيًا، أو إغماض العين وتخيل مشهد من الطبيعة.
6. تناول طعام صحي
يساعد تناول الطعام الصحي على مد الدماغ بالغذاء اللازم للتحصيل الدراسي، كذلك من المهم أن يحصل الطلاب على قدر كافٍ من المياه، مع تجنب المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات، مثل المشروبات الغازية والعصائر المصنعة.
7. ممارسة الرياضة والحصول على قدر كافٍ من النوم
تساعد ممارسة الرياضة على تخفيف الشعور بالتوتر والقلق. ويؤثر الحصول على نوم جيد بشكل مباشر على الأداء الأكاديمي.
8. لا تتجاهل صعوبات التعلم
إذا كان الأبناء يعانون من صعوبات مرتبطة بالقدرة على التعلم أو الانتباه أو التركيز، على سبيل المثال: اضطراب نقص الانتباه/ فرط النشاط (ADHD) أو عسر القراءة. فإن علاج هذه المشكلات، أو البحث علن طرق مناسبة للتكيف معها، قد يساعد بشكل كبير في التخلص من القلق.
وفي بعض الحالات سيحتاج الطالب الذي يعاني من إحدى صعوبات التعلم لوسائل مساعدة خلال الامتحان، مثل إتاحة وقت إضافي، أو أداء الامتحانات في لجنة خاصة أقل تشتيتًا أو قراءة الأسئلة له بصوت عالٍ. وكلها أمور من الممكن أن توفرها له المدرسة وتسهل عليه الأمر بشكل كبير.
وفي النهاية لا تنسوا أن تؤكدوا ﻷبنائكم أن محبتكم لهم ودعمكم وتقديرهم للجهد الذي يبذلونه غير مرتبطين بأي شكل بالعلامات الدراسية.