آية خالد
في بداية حملي أخذت قرارًا بأني سأحاول التركيز على الجانب المضيء ما استطعت، سأبذل ما يمكنني من جهد للاستمتاع بالتجربة والاستفادة من كل لمحة إيجابية تظهر في الأفق. رغم تذبذب الحالة النفسية بفضل الهرمونات الجميلة، لكن يمكنني أن أقول إني استمتعت بتفاصيل التغييرات التي حدثت لي، لا أقصد في الحقيقة التغيرات الجسمية بالمرة، ولكن أقصد التغييرات التي لها علاقة بسلوكي اليومي، وعاداتي القديمة التي عرفت طريقها إلى التغيير.
ببساطة شديدة جدًا -ومثل معظمنا- أنا أحب الأكل، وأحب تجربة المطاعم، وأحب الأكل خارج البيت. المشروبات الغازية جزء أساسي من حياتي، خصوصًا في الصيف، أعتبر الكولا مشروبًا سحريًا برذاذه العظيم المتطاير، وأدعو جهرًا لمخترعه أن “يبشبش” الله الطوبة تحت رأسه.
بدأ الحمل كالعادة بقائمة طويلة من الممنوعات، وإلحاح أكبر بقيمة غذائية أحتاجها ليسدد جسدي مهمته، ويكمل جنيني نموّه. على غير عادتي تعاملت مع الأمر بجدية واهتمام، وقررت أن أبذل ما أستطيع من وسع لتلبية حق جسدي وجنيني. وهذا ما حدث:
1- كان أول قرار صعب هو تقليل الوجبات السريعة لأدنى حد ممكن، ليس فقط لأنها ضارة عديمة المعنى أو الفائدة، ولكن لأن شبح زيادة الوزن كان -وما زال- يطاردني بإصرار، وكان الحل أن أعد وجبات منزلية صغيرة، إذا كنت ذاهبة للعمل أو أعرف أني سأقضي النهار كله بالخارج، الشروط الواجب توافرها أن تكون الوجبة سهلة الإعداد وغنية القيمة وقليلة “اللغوصة”. مثلاً: خضار سوتيه أو سلطات سريعه سلطة حمص، سلطة فاصوليا، أو ساندوتشات سريعة بطاطس بيوريه، فاهيتا فراخ، خليط جبن بالأعشاب.
2- اعتدت أن أمر على السوبر ماركت قبل بداية مشواري، وأصطحب زجاجتين من اللبن الطازج، وزبادي بالفاكهة.
3- أصبح وجود زجاجة المياه في حقيبتي شيئًا أساسيًا، خصوصًا بعد ظهور أعراض الإمساك السخيفة التي تعاني منها كثير من الحوامل.
4- وضعت قائمة طويلة بالأصناف المفيدة والمهم أن تتوفر في غذائي، وجعلتها ملصقة على سطح المكتب sticky note ألجأ إليها كلما شعرت بالجوع. كان تركيزي على أصناف يكون أساسها الحبوب الكاملة والبقوليات والخضراوات والفواكه، وصنّفتها لأصناف تصلح للإفطار (بليلة – زبادي بالشوفان – بيض بالخضراوات…)، وأصناف للغداء وأخرى للعشاء. ووضعت في قائمة المفضلة المواقع التي تقدم وصفات مختلفة تناسب ذوقي واحتياجي، ألجأ إليها كلما شعرت بالحيرة أو الملل أو الضعف والرغبة في الاستسهال.
5- اعتمدت على الفاكهة والخضراوات الطازجة كـ”سناك” أساسي، وفي معظم الأيام التي كنت أقضيها في المنزل كنت أعد صينية تحتوي على جزر مقطع – خيار – خس – وثمرة أو اثنتين من الفاكهة. (كانت فكرة لطيفة عمل صوص لغمس الخضراوات أو الفاكهة)، أقضي معظم وقت العمل في غرفة المعيشة بصحبة هذه الصينية المغذية.
6- لم أكن من عشاق الكافيين ولا مدمنيه، ولكن كوب الكافيين الصباحي كان أساسي في حياتي. قررت أن تكون هذه حصتي المسموحة منه في كوب كبير من اللبن، دون إضافة الماء. وامتنعت عن الشاي والنسكافيه على مدار اليوم.
7- المياه الغازية احتاجت مني القدر الأكبر من المقاومة والكفاح، لكني بالتدريج استطعت الاستغناء عنها، وقل شعوري بالرغبة فيها أو الاشتياق لها. واستبدلتها بدورق أو زجاجة من العصير الطبيعي في الثلاجة بشكل دائم (عصير البرتقال كان ذا الحظ الأكبر، لأن فيتامين c يساعد على زيادة امتصاص الحديد*. (يمكنكم مراجعة *http://www.babycenter.com/0_vitamin-c-in-your-pregnancy-diet_660.bc).
8- في تحاليل الحمل الأولى اكتشفت أن لديّ نقصًا شديدًا في الحديد، ولأني لست من محبي اللحوم بأنواعها البيضاء والحمراء، كنت مضطرة لإدراج الحد الأدنى منها في وجبة غدائي اليومية، وهو ما دفعني لتعلم طرق جديدة أيضًا في طهيها، بالإضافة إلى بذل مجهود لمحاولة تقبلها من جديد واستقبالها بشكل مختلف، بمنطق “مش يمكن لما أجرب أطلع بحبها؟”.
9- مع التقدم في أشهر الحمل وزيادة حجم بطني، احتجت لتطوير عاداتي الغذائية بشكل يتناسب مع وضع معدتي التي يضغط عليها الرحم، شعوري بالتعب وضيق التنفس بعد تناول وجبات كبيرة، ولم أجد بديلاً لتناول وجبات صغيرة على مدار اليوم، المحك ليس أبدًا الشعور بالجوع أو الشبع، ولكن كمية من الطعام تساوي قبضة اليد كل عدة ساعات، تعطي البراح للتنفس، والهضم بسلاسة أكبر.
10- الشرب بكمية كبيرة في منتصف الوجبات أو بعدها مباشرة يقتل القدرة على التنفس غالبًا، بعد مرور ساعة على الأقل يكون الوقت أنسب للاستمتاع بالأكل والشرب على السواء، بدلاً من الندم على كل منهما. (يمكنكم مراجعة http://www.lifescript.com/well-being/articles/0/9_best_times_to_drink_water.aspx).
11- دخل عامل ترتيب الأصناف الغذائية عندما بدأت أقرأ أكثر أن تناول الكالسيوم قد يؤخر أو يصعّب من امتصاص الحديد، ويفضل مرور عدة ساعات بينهما حتى يستطيع الجسم امتصاص كل منهما وتحقيق أقصى استفادة ممكنة، وبالتالي كنت أركز على تناول الكالسيوم (اللبن- الجبن…) في الإفطار والعشاء، وأركز في منتصف اليوم على الأطعمة الغنية بالحديد. )للمزيد يمكنكم مراجعة http://www.thehealthsite.com/pregnancy/should-you-avoid-taking-iron-and-calcium-pills-together-when-youre-pregnant-query/).
12- انتظمت لأول مرة في تناول المكملات الغذائية والفيتامينات، وصفت لي الطبيبة أقراص حمض الفوليك في بداية الحمل، وأوميجا 3، بالإضافة إلى أقراص الحديد والكالسيوم.
13- استطعت أن أكون انتقائية في المواقف التي تفرضها عليّ الظروف، العزومات مثلاً والخروج وفي المطاعم، أستطيع دائمًا أن أختار طبقًا كبيرًا من السلطة كبداية، يليها قطع اللحم أو الدجاج، وكميات أبسط من النشويات والحلويات.
14- توقفت عن زيارة “الكشك على ناصية الشارع” وشراء كمية مهولة من الحلويات والشيبسي والمياه الغازية، واستبدلتها بزيارة متأنية وهادئة عند الفكهاني.
15- كنت أراقب وزني بشكل حريص، صحيح أنه لم يخلُ من بعض الهوس، لكنه ساعدني أن أذكر نفسي طوال الوقت أنه لا يجب أبدًا أن أنجرف لرغبتي في الأكل بلا توقف.
بشكل العام، الأمر لم يكن بالمسطرة والورقة والقلم، كان يحمل الكثير من المرونة، عزومة في رمضان هنا، وعشاء في مطعم هناك، لكن في الأعم كان المهم بالنسبة لي هو أن أحتفظ بالخطوط العريضة لهذه الخطوات ما استطعت، أو حتى أستلهم روحها إذا اضطرتني الظروف لأي شيء آخر. التحدي الحقيقي بالنسبة لي، هو أن أستطيع الاحتفاظ بشيء من هذه العادات بعد الولادة.
عادات ساعدتني على التمتع بالتجربة