بقلم: هولي تشافيز
ترجمة: رزان محمود
يقدّم أغلب الآباء أفضل ما لديهم مخلصين من أجل توفير تربية سعيدة وصحية لأبنائهم، لكن حتى هؤلاء الأفراد يمكنهم ارتكاب أخطاء عن غير قصد، والتي ينتج عنها مستقبلاً حجز مواعيد لدى المعالج النفسي.
ولسوء الحظ، يذهب بعض الآباء لأبعد من الأخطاء البسيطة ويدخلون ضمن خانة الإساءة. وبغض النظر عما إذا كان الوالد مسيئًا عن قصد أم لا، فهناك العديد من التصرفات التي تسبب ضررًا نفسيًا وعاطفيًا للطفل، الأمر الذي ينتج عنه تأثير هائل يستمر حتى بعد كِبَر سنه.
إذا مررت بأي من المواقف التالية كطفل، فإن الاحتمالات عالية لاعتبار أحد والديك أو كليهما مسيئًا، ولو بدرجة بسيطة.
1- يفشلان في إحاطتك بالأمان والدعم
يؤمن بعض الناس أن إظهار الحب الصارم طريقة مهمة للتأكد من أن أطفالهم قادرون على الاعتناء بأنفسهم في المستقبل. إذا كنت من مستقبِلي هذا النوع من المعاملة على نحو مستمر، فربما تعتقد أن له تأثيرًا إيجابيًا على حياتك. ومع ذلك، فإذا انهرت الآن بسبب أي فشل أو رفض تلقيته، فإنه على الأغلب ناتج عن رفض والديك المسيء لتزويدك بالكمية المناسبة من الأمان والدعم عندما كنت صغيرًا. قد ينجح الحب الصارم في بعض الأحيان، لكنه لا يمكن أن يكون المنهج الوحيد لمعاملة طفل، وذلك إذا كان الوالدان يريدان لطفلهما أن يصبح بالغًا صحيح النفس.
2- يبالغون في النقد
لكل الناس آباء ينتقدوهم من وقت لآخر. وبدون هذا الأسلوب، ربما لا نعرف كيف نؤدي العديد من الأشياء تأدية سليمة، مثل المهام اليومية، كغسيل الملابس. لكن الوالد المسيء يذهب لحدّ التطرف، بأن يصبح مسرفًا في النقد حيال كل شيء يفعله الطفل. يمكن للوالدين أن يرتكبا خطأ الاعتقاد أنهما يجنّبان بفعلهما ذلك أطفالهما ارتكاب الأخطاء الكبيرة. لكن لسوء الحظ، ما يقوم به هذا السلوك فعلاً أنه يدفع الطفل لتطوير ناقد داخلي قاسٍ، والذي يمكنه أن يؤدي لحدوث إعاقة نفسية أثناء النمو.
3- يطلبون اهتمامك
عادة ما يحوّل الآباء المسيؤون أطفالهم إلى البديل الأبوي لهم، بطلب إعطائهم الانتباه والاهتمام طوال الوقت. قد يُرى هذا على أنه توثيق الروابط بين الوالد والطفل، لكنه في الحقيقة علاقة طُفيلية تتطلب الكثير من وقت الطفل وطاقته اللذين بدلاً من ذلك يجب أن تتوجه ناحية تعلم المهارات الجديدة. وعلى الرغم من أن هذا يبدو صعبًا في بعض الأحيان، فإن الوالد السليم نفسيًا سيعطي أطفاله مساحة كافية للنمو وأن يكونوا أطفالاً بحق دون طلب التدخل الدائم لملاءمة احتياجات الأبوين الخاصة.
4- يُطلق الأبوان نكاتٍ مسيئة متعلقة بالطفل
ينتقد كل الآباء أطفالهم نقدًا لاذعًا في بعض الأحيان، لكن حينما تتحوّل تلك التي تُسمّى نكات إلى عادة مستمرة، فإنها مشكلة كبيرة. لست بحاجة لتقبل هذا النوع من السلوكيات لمجرد أن والدك اعتاد على إطلاق النكات حول أشياء تخصك مثل طولك أو وزنك. وفي النهاية، فإن هذا أسلوب يقلل من قيمتك ويجعلك تشعر بالسوء البالغ حيال نفسك. إذا اعترى الأبوين قلق مشروع حيال طفلهما، فعليهما أن يكونا صريحين وغير منتقدين، وهذا يعتبر العكس تمامًا من إطلاق النكات الوضيعة.
5- يدفعانك لتبرير التصرفات المريعة
هل نشأت معتقدًا أن أحد والديك كان مسيئًا لك جسديًا أو عاطفيًا لأنك استحققت ذلك؟ لو الإجابة بنعم، فقد تستمر للآن في تبرير تصرفات الآخرين المريعة نحوك. يمكن للآباء المسيئين قلب أي موقف ليناسب احتياجاتهم، وهذا يترك الطفل أمام خيارين: إما تقبّل كون والديه مخطئين أو توجيه كل اللوم لداخل نفسه. وفي أغلب الأحوال، فإن الأطفال -حتى الذين كبروا منهم الآن- يختارون الخيار الثاني.
6- لا يسمحان لك بالتعبير عن المشاعر السلبية
إن الآباء الذين يفشلون في تغذية احتياجات أطفالهم العاطفية ويستخفون بمشاعر الابن السلبية ينشئون مستقبلاً يشعر فيه الطفل بعدم القدرة على التعبير عن احتياجاته. لا يوجد أي شيء خاطئ في مساعدة الأطفال على رؤية الجانب الإيجابي من أي موقف. ومع ذلك، فإن الرفض التام لمشاعر الطفل السلبية والاحتياجات العاطفية قد يؤدي للاكتئاب ويجعل من الصعب عليه التعامل مع السلبية عندما يكبر.
7- يخيفون أطفالهم حتى عندما يكبرون
ليس من الضروري أن يتوافق الاحترام والخوف مع بعضهما بعض. وفي واقع الأمر، فإن الأطفال الذين يشعرون بالحب والدعم والارتباط بوالديهم ترتفع فرصهم كثيرًا في أن يصبحوا سعداء عندما يكبرون. وعلى الرغم من أن الانضباط ضروري لا محالة من وقت لآخر، فإن الآباء غير المسيئين لا يوظفون الأفعال المخيفة جدًا والكلمات التي تخرّب النفس البشرية خرابًا دائمًا. لا يجب أن يكون الأطفال خائفين ليظهروا احترامهم للوالدين، ولا ينبغي للبالغين أن يشعروا بالقلق في كل مرة يتصل فيها الأبوان أو يرسلا رسالة إلكترونية.
8- دائمًا ما يضع الوالدان مشاعرهما أولاً
قد يعتقد الأبوان أن مشاعرهما يجب أن تأتي أولاً أثناء الأمور العائلية، لكن هذه طريقة عتيقة للتفكير ولن تعضد العلاقات الإيجابية. وعلى الرغم من أن الآباء يحتاجون لاتخاذ القرار الأخير حيال كل شيء، من العشاء للتخطيط للإجازات، فإنه من الضروري وضع مشاعر كل أفراد الأسرة في الاعتبار، بما في ذلك الأطفال. غالبًا ما يرغم الأشخاص المسيؤون أطفالهم على كبت مشاعرهم الخاصة من أجل إسعاد آبائهم.
9- يرغمونك على إعادة اختيار أهدافك
هل أصبح أيٌ من والديك مهتمًا بكل شيء تفعله لدرجة أنه يتولى التحكّم في كل شيء أو حتى يحتلّ مكانتك؟ قد يبدو على هذا أنه تصرف شخص مهتمٌ بحياة طفله، لكن ما يقوم به فعليًا أنه يُصعّب على الطفل تحقيق أهدافه. على سبيل المثال، إذا أردت بيع 50 صندوقًا من البسكويت في نفس الوقت الذي تقرر فيه والدتك أن تخبز البسكويت وتوزعه للجيران، فسيكون من الصعب كثيرًا عليك أن تنجح في تحقيق هدفك التجاري. يمكن لهذا السلوك أن يخرجك دائمًا عن أهدافك، إذا سمحت لوالديك أن يستمروا في تصرفاتهم تلك نحوك.
10- يستعملان الذنب والنقود للتحكم فيك
يشعر كل طفل بالذنب حيال والديه أو بسببهما، لكن الأفراد المسيئين يلجؤون لهذا الأسلوب على نحو مستمر. وحتى عندما تكبر، فإن والديك، أو أحدهما، ربما ما يزال يتحكم فيك بإهدائك هدايا غالية ثم يتوقع منك أشياء في المقابل. إذا فشلت في أن تقوم بما يريد، فإنه يحاول أن يجعلك تشعر بالذنب حيال ذلك بسبب “كل ما فعلوه من أجلك”. إن الآباء الأصحّاء تجاه أطفالهم يعرفون أن الأطفال لا يدينون لهم بأي رد فعلٍ محدد في مقابل الهدايا أو النقود، خصوصًا حينما لا يطلب الطفل هذه الأشياء بالمقام الأول.
11- يُظهرون نحوك المعاملة الصامتة
من الصعب التحدث لأي إنسان عندما تكون غاضبًا، لكن إقصاء الطفل عن طريق المعاملة الصامتة يصبح ضارًا جدًا وأمرًا غير ناضج. إن اتباع هذا المنهج السلبي – العدواني يؤذي أي نوع من العلاقات، ويجعل المتلقي يشعر بالضغط تجاه حلّ الموقف، حتى عندما لا يكون قد فعل أي شيء خطأ. إذا كان الوالد غاضبًا جدًا لدرجة عدم القدرة على إجراء حوار عقلاني، فعليه أن يستأذن وينهض لبضع دقائق بدلاً من التجاهل الصارخ لطفله.
12- يتجاهلون الحدود الصحية
يمكن للآباء أن يبرروا المراقبة الدائمة لأطفالهم، وفي بعض المواقف، قد يستدعي الأمر القيام ببعض التلصص للمحافظة على سلامتهم. ومع ذلك، فإن كل شخص بحاجة لإقامة الحدود حولهم وخصوصًا المراهقين. إن الآباء المسيئين يتجاوزون تلك الحدود في كل فرصة ممكنة، ويسبب هذا العديد من المشكلات. على سبيل المثال، فإن الوالد المسيء يفتح باب الطفل دون الطرق قبلاً. ينشئ هذا نمطًا يجعل من الصعب على الأطفال أن يفهموا الحدود ويتعرفوا عليها لاحقًا في حياتهم.
13- يجعلانك مسؤولاً عن سعادتهما
إذا قضى أحد والديك وقتًا طويلاً لإخبارك بالكثير الذي تخلّى عنه من أجلك، وذلك لربطه مع تعاسته، فإنه قد وضع توقعات غير عقلانية على دورك في حياته. لا يجب أن يكون أي طفل مسؤولاً عن سعادة والديه. وأيضًا لا يجب على الآباء أبدًا أن يطلبوا من أطفالهم التخلّي عما يسعدهم من أجل تحقيق العدل في معادلة “أنا أعطيتك كل شيء فلتعطني أنت أيضًا”، إن الإرغام على ذلك الموقف سيجعل من الصعب على الأطفال فهم عندما يكبرون أننا جميعًا مسؤولون عن سعادتنا الخاصة، وليس غيرنا.
قد يبدو من المحال إزالة الأشخاص المسيئين من حياتك، وبخاصة إذا كان أحدهم والدًا لك. وإذا لم تتخذ موقفًا صارمًا سيكون من الصعب كثيرًا تصحيح الضرر النفسي والعاطفي الذي تسبب فيه ذلك الوالد أثناء طفولتك. وعلى الجانب الآخر، فإن أي والد مسيء يجد تصرفاته في إحدى النقاط الثلاث عشرة المذكورة بالأعلى، يجب عليه أن يطلب النصيحة من متخصص نفسي من أجل كسر النمط السلبي لتصرفاته تجاه أطفاله.
المصدر : اضغط هنا