هل أنت أم أنانية؟ تعرفي على صفات الأم الأنانية

3238

(1) التجربة الأولى في “الأنانية”

الأمومة تجربة تختلف ليس فقط من أم لأخرى، ولكن حتى بين مرات الإنجاب للأم الواحدة، وبما أني أم لطفلين، فأنا أمتلك تجربتين، أستطيع القول إنهما مختلفتين تمامًا.

 

تجربتي الأولى في الإنجاب كنت في أوائل العشرينيات، أقطن بجانب أمي، لم أكن قد اعتدت على تحمل المسؤوليات بعد، كنت أترك طفلي يوميًا ساعتين أو أكثر في رعاية أمي، وأنام، أهتم بنفسي، أستمع للموسيقى، أرقص، أو حتى أحدق في الفراغ.

 

كان بإمكاني الخروج وقتما شئت، السهر، الذهاب للسينما أو المسرح أو حفل غنائي.. قرأت كثيرًا عن تربية الأطفال، كنت أشتري لابني الألوان وأجلس بجانبه في صبر أشاهد خطوطه المتشابكة التي كانت بالنسبة لي لوحات ثمينة، أعلمه الحروف الأبجدية بكروت ملونة، وأشاهد معه برامج الصباح على Mbc3.

 

تدريجيًا بدأت بعض الأصوات تتسلل إليّ، عن مدى قسوة قلبي، لأنني أستطيع ترك طفلي سويعات قليلة لأمي، لأقوم بأمور خاصة بي، وبينما أحاول تقديم المبررات، التصقت بي تهمة الأنانية.

 

(2) التجربة الثانية بلا أنانية.. ولكن!

عندما أصبحت أمًا أنانية قد الدنيا، كان طفلي الأول صار في الثالثة، أصبحت أتجنب الخروج بدونه، أرفض أن يبقى طويلاً بعيدًا عني، درءًا لاتهام الأنانية عني. واجهت صعوبات، ولكن ما صنع توازنًا هو أن طفلي لم يعد ذلك الرضيع الذي بحاجة إلى الرعاية على مدار اليوم.

 

ثم جاء حملي الثاني بعد أن انتقلت إلى مكان بعيد نسبيًا عن أمي، حيث انتقلت إلى مستوى رعاية طفلي الأول دون أي مساعدة، مع الحمل، ثم الولادة.

 

أكثر من عامين مرَّا على ولادة طفلي الثاني، لا يفارقني سوى للضرورة القصوى، غالبًا أكون في رحلة لشراء احتياجات البيت، وبعد ترتيب مسبق لهذا الوقت مع زوجي حتى أتفرغ لرحلتي إلى السوبر ماركت أو السوق.

 

أصبح الذهاب إلى السوبر ماركت نزهتي، والوقوف بمفردي لغسيل الأطباق هو الوقت المناسب لإيجاد أفكار جديدة لعملي وسماع بعض الموسيقى.. أستمتع بيدين خاليتين أثناء الذهاب للتسوّق، وأدفع الثمن أكياسًا تثقل ذراعَي وقلبي في رحلة العودة، فتربت على كتفي فكرة جديدة كانت تنتظر فرصة الانفراد بي.. أستيقظ فجرًا، وأتسلل لأصنع كوبًا من القهوة، وأختلي بأفكاري قليلاً، فيصحو صغيري الذي أصبح متعلقًا بي بشدة.. أستكمل اليوم بعقل لم ينل كفايته من النوم، وقلب محبط من أمنيات بسيطة لا يستطيع تحقيقها.. الانفراد بكوب قهوة.

 

في تقييم سريع لتجربتي الثانية في الإنجاب.. وقتي بالكامل تقريبًا لأطفالي، والكثير من العصبية، المزاج السيئ، وشعور بالذنب لا يفارقني.. علاوة على تهم جديدة باتت تلاحقني كلما حاولت التعبير عن مشاعري.. “البطر على النعمة” مثلاً.

 

(3) تهمتك إيه يا مدام؟

نحن في مجتمع يحتفظ بالتهم جاهزة في الثلاجة.. تهمتك على التسخين فقط! تهتمين بنفسك؟ إذًا تحبين نفسك، فأنتِ أنانية.. تعبرين عن مشاعرك السلبية؟ أي أنكِ تشعرين بالسخط، فأنتِ جاحدة، لا تقدرين نِعم الله.

 

ولكن الحقيقة أنكِ بحاجة لحب نفسك، والاهتمام بها وتقديرها، ومن ثم تشعرين بالرضا، فتتمكنين من تقديم الحب والاهتمام والتقدير للآخرين.. الأمومة تقتضي العطاء، ولكن بعد وقت، تحتاج الأم نفسها إلى ما يغذي روحها ويجعلها قادرة على الاستمرار في العطاء.. فالأم بشر في النهاية.. ليست مصدر طاقة دائم، إنها ليست الشمس ببساطة.

 

عدم تقديم الرعاية الذاتية يجعلكِ على حافة الانهيار، تشبهين القنبلة الموقوتة التي تنتظر وقت الانفجار، كما أنه يدفعك للخواء الروحي، والميل للكآبة، بالضبط كالتشبيه الدارج “شمعة تحترق”.. هذه الشمعة بالتأكيد ستنطفئ، لأنها ببساطة تحترق.

 

(4) محاولات النجاة..

كعادتي.. أنا لا أسدي نصائح، فلا زلت في خضم التجربة، أحاول النجاة.. فقط أشارك ما توصلت إليه ليساعدني.. وفي نقاط مختصرة، إليكِ طرق تساعدك على تقديم الرعاية الذاتية والمحبة لنفسك.. فبعض الأنانية –إن صح التعبير- تفيد.

 

1- وقت لنفسك

ضعي وقتك الخاص على جدول أعمالك، خصصي لنفسك وقتًا يوميًا، ولو دقائق، بالإضافة إلى موعد ثابت تحصلين فيه على ساعات خاصة بكِ، فقد وجدت دراسة بريطانية حديثة أن الأمهات اللاتي ينفردن بأنفسهن لمدة 17 دقيقة يوميًا، تصبحن أكثر قدرة على تحمل المهام المنزلية، والتعامل مع الأطفال، بشكل أكبر من الأمهات اللاتي لا تحصلن على وقت خاص بهن.

 

وقتك الخاص يجب أن يكون مقدسًا مثل أوقات الطعام والتمارين والنوم، لا تتنازلي عنه، ويكون مخصصًا لأمورك الشخصية، مثل الاهتمام بجمالك، القراءة في موضوعات غير التربية ورعاية الأسرة، أو التأمل.

 

2- اهتمي بصحتك

احرصي على التغذية الصحية.. الحصول على قدر كافٍ من النوم يوميًا.. ممارسة الرياضة ولو تمرين بسيط لمدة عشر دقائق يوميًا.. شرب الكثير من المياه.. وعدم الإهمال في أي مشكلة صحية قد تواجهك.. تذكري دائمًا أنكِ حجر الأساس لهذه الأسرة، وأن عنايتك بصحتك تعود بالنفع على الأسرة بأكملها.

 

3- اهتمي بجمالك الداخلي والخارجي

صورتك الجسدية أحد مصادر الرضا، فاهتمي ببشرتك وشعرك، وتقبلي ما لا يمكنك تغييره، ولا تغفلي جمالك الداخلي الذي يمكنك تعزيزه عبر القراءة والاهتمام بالجانب الروحاني في حياتك.

 

4- طموحاتك ورغباتك

الإنسان يحتاج إلى الطموح من أجل المُضي قدمًا في حياته، ضعي أمامك أهدافًا قصيرة المدى، وأخرى بعيدة المدى، وكلما حققتِ هدفًا، ستشعرين بالإنجاز والتحقق.

 

أيضًا لا تغفلي رغباتك، عليكِ الاستماع لنفسك، والعمل على تحقيق رغباتك، مثلما تفعلين مع أطفالك وزوجك.

 

5- علاقاتك

علاقاتك بأهلك وصديقاتك أحد سُبل الدعم النفسي التي عليكِ التمسك بها بكل قوة، ضعي مواعيدك مع صديقاتك، وزيارات الأهل على جدول مواعيدك.

 

6- توقفي عن الشعور بالذنب

أدركي أن الأمومة تسير في منحنى، وليس في خط مستقيم، لن تقدمي لأسرتك كل يوم طعامًا مثاليًا، ولن تحظي بطفل خارق لا يمرض، فتوقفي عن الشعور بالذنب ما دمتِ تتحملين مسؤوليات أمومتك بكل طاقتك.

 

7- الامتنان

الشعور بالامتنان هو مفتاح الرضا والسعادة.. أنشئي قائمة بالأشياء الجيدة في حياتك، حيث يمكنك الرجوع إليها كلما شعرتِ بالغضب، فتمكنك من التركيز على الجوانب الإيجابية في حياتك.

 

أيضًا يمكنك إنشاء قائمة قصيرة بثلاثة أشياء إيجابية كل يوم، هذه القائمة تساعدك على الذهاب إلى النوم برضا وسعادة، حيث ستكتشفين أثناء كتابتها أن يومك كان مليئًا بإنجازات صغيرة، والعديد من الإيجابيات، مما يصرف انتباهك عن الأمور السلبية.

 

8- اطلبي المساعدة

لا بأس من طلب المساعدة، سواء في إنجاز الأعمال المنزلية أو رعاية الأطفال، من زوجك أو والدتك أو أختك، أو إحدى صديقاتك المقربات.. كما يمكنك الاستعانة بجليسة أطفال أو مدبرة منزل إذا كانت ميزانيتك تسمح.

 

9- التوازن

احرصي على التوازن في جميع أمور حياتك، خصوصًا فيما يتعلق بالأمومة، فلا تتركي نفسك تحترقين كالشمعة دون أن تقدمي لنفسك الرعاية، ولا توكلي مهامك بالكامل إلى جليسة الأطفال أو مدبرة المنزل.. التوازن دائمًا هو الاختيار الصحي، فهو يساعدك على الاهتمام بنفسك، ويدفع عنكِ الشعور بالذنب والتقصير.

 

10- أحبي نفسك

لا تقسي على نفسك.. عبري عن مشاعرك.. لا تكترثي للأصوات التي لا تعرف إلا الانتقاد، والأصابع التي لا تعرف إلى إلقاء الاتهامات.. أحبي نفسك، فهي تستحق المحبة والرعاية، وتأكدي أن حبك لنفسك سيكون مصدرًا كبيرًا لمحبة تغمر أسرتك، وجميع من حولك.

 

المقالة السابقةأفضل افلام ديزني للاطفال بالعربي والانجليزي لا تفوتيها مع طفلك
المقالة القادمةالشوار كما يجب أن يكون

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا