بينما كانت شمس في شهرها الثالث، اكتشفتْ اكتشافًا عظيمًا بالنسبة إليها وإلينا أيضًا: إصبعها. وكم كانت فرحتي أنا وزوجي عظيمة عندما وضعناها على السرير ذات يوم لحين نفعل شيئًا ما، ثم إذا بنا نجدها قد وضعت إصبعها في فمها وظلت تمصه حتى نامت! كان ذلك بالنسبة إلينا حدثًا عظيمًا، لأنه سيزيح عن عاتقنا بعض العنت الذي كنا نلقاه عند نومها حتى يضطر أحدنا إلى حملها والسير بها نحو نصف ساعة حتى تهدأ وتنام. وبدأت شمس تمص إصبعها كلما رغبت في النوم أو جاعت وتأخرت عليها أو شعرت بالملل أو حتى من باب الاستمتاع (مثلما نحتسي -نحن الكبار- كوب الشاي بالنعناع أو فنجان القهوة مثلًا).
في البداية شعرت ببعض القلق: هل من الممكن أن يمنعها إصبعها عن الرضاعة، أو عن الاستكشاف واللعب؟ ولاحظت فلم أجد أن هذا يحدث، ثم بدأت تعليقات الأقارب: لازم تمنعيها منه لما تتم 6 شهور كده وإلا هتتعبي عشان تبطليه لها، خلي بالك لا تفضل تمصه لحد ما تكبر (ثم حكايات عن أشخاص بالغين ما زالوا يمصون أصابعهم)، على فكرة ممكن تستسهله عن الرضاعة… إلخ.
لذلك قررت البحث في هذا الموضوع، وها أنا ذا أشارككم بعض المعلومات التي توصلت إليها.
لماذا يمص الأطفال أصابعهم؟
يولد الأطفال بميل طبيعي للمص، وذلك لأن المص هو وسيلتهم للحصول على الطعام، غير أن بعض الأطفال يلجؤون إلى مص أصابعهم لتهدئة أنفسهم عندما يشعرون بالجوع أو الخوف أو الملل أو التعب أو حتى فقط من أجل الاستمتاع. وتعتبر قدرة الطفل على استخدام أجزاء جسمه لتهدئة نفسه علامة على الصحة العاطفية وليس الاضطراب النفسي، حتى أنكِ قد توجهينه نحو إصبعه إذا لم يكتشفه هو بنفسه.
يتوقف معظم الأطفال من تلقاء أنفسهم ما بين السنة الثانية والرابعة، أو في سن ثلاثة إلى ستة أعوام. وفي دراسة أجرتها مستشفى “يورك هل” في أسكتلندا أن عادة مص الأصابع تصيب معظم الأطفال على مستوى العالم، وأنها تختفي عند 80% من الأطفال في عمر خمس سنوات، وعند 95% منهم عند سن ست سنوات. ويشير استمرار هذه العادة بعد هذه السن إلى انشغال الطفل بموضوع أو أكثر، أو إلى شعوره بالتوتر بسبب ضغوط مرضية أو علاجية أو نفسية… إلخ.
متى يصبح مص الأصابع مشكلة؟
- إذا استمر الطفل في مص إصبعه في سن أربع أو خمس سنوات كثيرًا أو حتى السادسة من عمره، لأن هذا قد يعرضه لمشاكل في الكلام أو في الأسنان (منع الأسنان من الإطباق على بعضها بإحكام، عدم نطق التاء والدال جيدًا، اللثغ ودفع اللسان إلى الخارج أثناء الكلام).
- إذا كان مص الإصبع يمنع الطفل من التفاعل مع أقرانه.
- إذا شعر الطفل بالحرج بسبب تعليقات الآخرين.
هل مص الإصبع في الصغر يؤدي إلى مصه في الكبر؟
ربما يحدث ذلك كنوع من التعود إذا لم يتم إيقافهم أو مساعدتهم على التخلص من هذه العادة في الوقت المناسب، ولكن هذه العادة قد تكون أيضًا نتيجة للشعور بالقلق والتوتر. وفي الحالتين قد يحتاج الشخص إلى الاستعانة بمعالج نفسي.
إذن: هل يجب منع الطفل من مص إصبعه؟
يوصي معظم الخبراء بالتجاهل حتى سن ما قبل المدرسة، إلا أنه يمكن التدخل في العامين الثاني والثالث للطفل بشكل غير مباشر عن طريق إلهائه بألعابه المفضلة، وإبعاد الأشياء التي ترتبط لديه بالمص، وعدم اللجوء إلى المص كخيار أول لتهدئة الطفل، بل يقوم الكبار بالغناء له وتدليكه وهزه وشغله بلعبة حتى يتعلم أن هناك وسائل كثيرة يهدئ بها نفسه غير المص.
أما بالنسبة إلى الأطفال الأكبر سنًا فهناك الكثير من الوسائل التي ليس من ضمنها أبدًا في كل المصادر التي قرأت فيها شد إصبع الطفل من فمه أو تعييره بأنه بهذا يشبه الأطفال الصغار وأن شكله “وحش”، لأن ذلك لن يفيد في شيء سوى في تدمير ثقته بنفسه.
من ضمن الوسائل التي يمكن اتباعها لتخليص الطفل من هذه العادة: لف إصبعه ببلاستر، الثواب والتشجيع، إفهامه ضرر مص الأصابع على أسنانه، اختيار الوقت المناسب، تعليمه كيف يتفاعل مع أقرانه، وأخيرًا الاستعانة بمعالج نفسي إن لزم الأمر وإن لم تفلح جهودك.
الخلاصة أن مص الأصابع ليس مشكلة في أطفال ما قبل المدرسة أو أصغر، ومعظم الأطفال يتوقفون من تلقاء أنفسهم فقط إذا أعطيتهم الوقت.
المصادر: نصائح دكتور محمد رفعت عن عاده مص الأصابع، Thumb Sucking Baby، thumb-sucking-topic-overview، Thumbsucking