ما تيجي نلعب!

557

طفلك يحب الألوان ويرسم على كل ما تقع عليه يداه من الأوراق أو الجدران؟

أم أنه يحفظ العديد من الأغاني وإعلانات التليفزيون ويردد كلماتها دون توقف؟

أو ربما لديك طفل بارع في الرقص والقفزات الخارقة بين الكنب والكراسي؟

أم أنه يحكي قصصًا خرافية طوال الوقت؟

 

كلها أفعال يقوم بها أطفالنا أغلب الوقت دون أو ننتبه لها ونعتبرها مجرد لعب دون أن ننتبه ﻷهميتها، على الرغم من أنها قد تكون مفاتيح مهمة لفهم أطفالنا.

كما أنها قد تكون علامات دالة على وجود بذرة موهبة حقيقية لدى الطفل تحتاج منك التركيز عليها وتنميتها.

لنستعرض معًا بعض الوسائل البسيطة التي يمكنك استخدام إبداع أطفالك فيها لفهمهم ومساعدتهم بشكل أفضل.

 

الرسم:

منذ مطلع القرن العشرين بدأ اهتمام علماء النفس برسوم الأطفال وما يمكن أن تعطيه من دلالات نفسية وسلوكية، فالرسم من الأنشطة الإبداعية التي يحب أغلب الأطفال ممارستها، كما أنها تساعدها في تحسين المهارات الحركية الدقيقة، والشعور بالثقة، والتعبير عن الذات، كما تساعد الطفل في تعلم الفروق بين الألوان والأحجام والأبعاد، والاهتمام بالتفاصيل، كما أنها قد تساعدك على فهم ما يمر بالطفل من مشاعر وأحاسيس.

 

وفري لطفلك دائما الأوراق والأقلام المناسبة لعمره، استثمري في شراء ألوان جيدة وابتعدي عن النوعيات الرديئة التي لا تظهر خطوطها بوضوح وتصيب الطفل بالإحباط، اختاري أقلامًا ذات خطوط واضحة لا تحتاج للضغط عليها بشدة بما لا يناسب العضلات الضعيفة لصغارك. كذلك اختاري أقلامًا سميكة يمكنه الإمساك بها والتحكم فيها بسهولة دون أن تشكل عبئًا على يديه.

اتركي لطفلك دائمًا حرية التعبير على الورق ولا تنتقدي ما يرسمه وتحاولي توجيهه، بل اقبليه كما هو وشجعيه، لا تنتقدي الأشجار البنفسجية والسماء الوردية ولا تحاولي توجيهه، وشجعيه دائمًا.

 

إذا كان طفلك يفضل الجدران أكثر من الورق يمكنك شراء أفرخ ورق ضخمة ولصقها على جدار غرفته وتخصيصها للرسم.

من خلال تأمل رسومات الطفل بإمكانك فهم الكثير عن مشاعره، على سبيل المثال إذا رسم الطفل صورة لعائلته تأملي في ترتيب الأفراد في الصورة؛ عادة ما يرسم الطفل نفسه بجوار الشخص الأقرب له. كذلك أحجام الأشخاص، فإذا رسم الطفل نفسه بحجم كبير فقد يدل هذا على ثقته بذاته، بينما يدل رسمه لنفسه بحجم صغير على مشاعر القلق والخوف التي تراوده. إذا رسم وجهه بدون فم فقد يعني هذا أنه لا يرغب في الكلام، وإذا رسم أحد الوالدين بعيون كبيرة فقد يعني هذا شعوره بأن هذا الشخص يقوم بمراقبته.

بالإضافة إلى ما قد تحتويه الرسوم من دلالات، يمكنك استخدام الرسم لمساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره.

 

على سبيل المثال: إذا كان طفلك يشعر بالغضب يمكنك مساعدته على القيام برسم أحداث اليوم ومساعدته على تفريغ مشاعره وفهم ما يسبب الغضب.

بإمكانكما أيضًا رسم وجه حزين على ورقة فارغة ثم التحدث معًا عما يغضبه ومحاولة حل مشكلاته، وحين يشعر الطفل بأنه أصبح أفضل يقوم بمسح الوجه الحزين واستبداله بوجه ضاحك، وهكذا.

 

الحكايات:

لا يوجد طفل لا يحب الحكايات، يحب سماعها أو حكيها، بالتأكيد يمكنك أن تمرري له العديد من القيم والمعاني من خلال الحكايات، لكن ماذا عن حكاياته لكِ؟ حكايات الأطفال الخيالية التي قد تمتد لساعات (والتي -حتى لو لم نعترف- تصيبنا أحيانا بالصداع). من خلال حكايات أطفالك يمكنك اكتشاف تفاصيل دقيقة خاصة بشخصياتهم،على سبيل المثال: قومي بإعطاء طفلك عدد من الشخصيات واطلبي منه تكوين حكاية، مثلاً أسد وفيل ودب، وتأملي ما يحكيه الطفل، فغالبًا ما تنعكس في حكايته العديد من الدلالات النفسية: هل هو أكثر انتباهًا للتفاصيل أم يركز أكثر على الصورة الكلية؟ ما هي الصفات المفضلة لديه؟ وما موقعه في الحكاية؟

 

يمكنك البدء في قص حكاية عن شخصية خيالية يحمل بطلها اسم طفلك، ثم دعي له حرية إكمالها، ومن خلال التفاصيل التي يقوم بسردها تستطيعين التعرف على مشاعره ومخاوفه (بإمكانك استخدام الموبايل لتسجيل الحكاية دون أن يشعر ثم سماعها وتحليلها فيما بعد بتركيز أكبر).

 

استخدمي الحيوان المفضل لدى طفلك لحكي حدوتة تتعرفي بها أكثر على مشاعر طفلك، على سبيل المثال :”كان فيه عصفورة جميلة طارت من العش وراحت الحضانة، بس كانت زعلانة عشان (واتركي للطفل إكمال الحكاية من هنا)، العصفورة كانت زعلانة وخايفة من…” وهكذا.

 

لا تحاولي بأي شكل أن تقومي بتقييد خيال الطفل في حكاياته، اتركي له حرية الحكي والتجريب كما يشاء، فالطفل في المرحلة العمرية المبكرة لا يكون قادرًا على التمييز بين الواقع والخيال. فحين يحكي لك على سبيل المثال أنه أكل اليوم مائة ساندويتش لا تقومي بتأنيبه ﻷنه كذب، فالطفل في هذه الحالة لا يقصد أن يكذب، فهو لا يفهم معنى الرقم مائة، لكنه يريد أن يحصل على تشجيعك ويخبرك بطريقته أنه يحاول أن يفعل ما يسعدك.

 

اطرحي على طفلك أسئلة تساعده على توسعة نطاق خياله، ماذا لو ذهبنا إلى المريخ ونسينا فرشاة أسناننا؟ كيف نتصرف؟ إلى أين نذهب لو كانت لدينا قدرة سحرية تمكننا من الطيران؟

كلها أسئلة تساعد الطفل على إطلاق العنان لخياله، اسمعيه بلا أحكام، ولا تحاولي التسخيف من إجاباته، بل العبي معه وشاركيه خياله.

 

في كل الأحوال شاركي طفلك اللعب، لا تنعزلي عنه في عالمك الواقعي، بل استغلي الفرصة ودعيه يصحبك في عالمه، العبي معه ولوّني وارقصي وتحرري من قيود عالمنا التي أنستنا متعة الخيال اللا نهائية .

المقالة السابقةمن بعض المعاناة يخرج النور والوَنَس
المقالة القادمةالكاريكاتير.. فن الضحك المر

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا