عن ذوي متلازمة داون (3).. منطقة القدرات المختلفة

1724

نود جميعًا لو ننجب أطفالاً عباقرة، أطفالاً لهم قدرات فائقة، وبعلامات ذكاء لا يضاهيها أحد.

بشكل أو بآخر.. اعترفنا أو أنكرنا، نحن نبحث عن تحققنا الشخصي في استمرار حقيبتنا الجينية التي مررناها لأطفالنا، وأنها تعمل بشكل رائع.

هذا ما قد يفسر جزءًا من صدمة الأب عندما يدرك أن طفله من ذوي متلازمة داون.

فمجرد محاولة التعرف على ابنه من السبل المتاحة (الأطباء أو صفحات الإنترنت المترجم مثلاً) سيلتصق بها صورًا محبطة ومخيبة للآمال.

لكن دعونا نفكك الأمر ونطرح الأسئلة وإجاباتها فيما يتعلق بأمر الذكاء..

 

هل يستطيع طفلي التعلم؟

يُطلق على ذوي متلازمة داون عند أهل العلم “Responsive.. teachable people“، وتعني “أشخاص متفاعلون قادرون على التعلم”. فاحذر المفاهيم المعلبة التي قد تُعامل من خلالها طفلك، فكما يقول “كانون” عالم الاجتماع: “الأحكام المسبقة تلعب دورًا خطيرًا في تعطيل وإعاقة عملية التطور”. لذا لا تسمح لنفسك أو للآخرين أن تصدر على طفلك تصنيفًا وتعامله من خلاله، لأنك ستعوق نفسك وأي طرف آخر في اكتشاف مواهبه الكامنة.

 

هل الأمر فطري أم مكتسب؟

نلاحظ أطفالاً عاديين بذكاء حاد تبهت قدراتهم بالتدريج. بحسب نظرية “كاتل” يوجد ذكاء موروث وذكاء مكتسب (العامل الوراثي- العامل البيئي)، فكلما منحنا الطفل بيئة أغنى خصوصًا في الأعوام الأولى من عمره، تكونت لديه اتصالات دماغية أكثر وكان أقدر على تحسين قدراته.

إدراكنا للطريقة التي يحبها الطفل في تلقي المعلومة يجعل عملية شحذ ذكائه عملية أيسر وأبسط.

 

إذا تأخر طفلي في العملية التعليمية هل يعني هذا أنه متأخر عقليًا؟

تعودنا على توقع ذكاء الفرد بناء على درجاته، ووفقًا لـ”جاردنر”* تكون نظرتنا للذكاء الفردي ضيقة جدًا، فهناك لكل فرد ما يصل إلى تسعة أنواع من الذكاء.

1- الذكاء اللغويأي القدرة على فهم اللغة ومعانيها وتراكيبها واستخدامها، وهذ النوع تستطيع أن تلمسه بوضوح عند الشعراء والكتاب.

 

2- الذكاء الرياضي المنطقيالقدرة على استيعاب المفاهيم المجردة والتعامل مع الأرقام، وكذلك القدرة على التفكير المنطقي، سيتضح هذا النوع عند المبرمجين مثلاً.

 

3- الذكاء الموسيقيوذلك لا يقتصر على مهارات العزف والتلحين، بل يشمل الحس الموسيقي والقدرة على تمييز النغم والإيقاع.. تراه واضحًا عند كاتبي الموسيقى.

 

4- الذكاء الحركيهذا الذي يتمتع به الأبطال من الرياضيين والمشتغلين بالأعمال اليدوية، فلديهم القدرة على تطوير معرفتهم من خلال شعورهم بأجسادهم، مثل “رحمة خالد”**

 

5- الذكاء الاجتماعيالقدرة على التفاعل وتكوين العلاقات، ويتمتع به الشخصيات القيادية، وهذا النوع من الذكاء تراه في شخصيات أثّرت في تاريخ العالم، مثل: المهاتما غاندي.

 

6- الذكاء المكاني/ التصوريهؤلاء القادرون على تخيل الأشكال في الفراغ. ذوو الحس البصري العالي مثل “دافنشي”.

 

7- الذكاء الذاتيأي القدرة على معرفة وإدراك المشاعر والأحاسيس الذاتية وصياغتها، مثلما فعلت مثلاً “الأم تريزا”.


8-
الذكاء الطبيعييمتاز به القادرون على تصنيف مكونات البيئة الطبيعية المهتمون بعلوم الأرض والأحياء والأرصاد الجوية، وكذا الطهاة والمزارعون يمتازون بهذا النوع من الذكاء.


9-
الذكاء الوجوديالقدرة على طرح الأسئلة المتعلقة بماهية الوجود، لماذا نموت؟ ولماذا نحيا؟ هذا النوع سنراه عند “سارتر” ومعظم الفلاسفة.

 

وأنت تقرأ عن الذكاءات المتعددة تستطيع أن ترى نفسك في أكثر من نوع منها، وتسمح لنفسك أن تخرج من أزقة الأحكام المسبقة على طفلك، وأن تقتلع رواسخ فاسدة فيما يتعلق بقدرات الأطفال عمومًا، وخصوصًا أبنائنا من ذوي متلازمة داون.

 

ما دفعني لخط سطور هذا المقال قلقي الدائم من أن نفقد بريقًا مبهجًا في أعين أطفالنا، أو أن نُضيِّع عليهم فرص التعلم وعلى أنفسنا عبقرية مختلفة المذاق.

_______________________

*هوارد جاردنر: عالم النفس وأستاذ التعلم والإدراك بجامعة هارفرد.

فبعد دراسة دامت خمسة عشر عامًا حدد “جاردنر” في عام 1983 سبعة أنواع من الذكاءات، ثم أضاف عاملاً جديدًا عام

1995، وأضاف الأخير في العام 2016.

 

**رحمة خالد: بطلة السباحة العالمية من ذوي متلازمة داون.

 

المقالة السابقةأقرب طريقة لقلب جوزك الدليفري
المقالة القادمةما هي أسس وطريقة تسعير المنتجات اليدوية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا