– هي بنتك سمرا ليه كده؟ لازم كانت بتصيف؟
– اممم.. بس هي مش لونك؛ لازم طالعة لباباها.
– يا عسل.. سمرا بس دمها خفيف.
– شعرها هايش كده ليه؟! ما تسرحيه!
– متسرح!
– هو مفلفل ليه كده؟!
– كيرلي يا طنط.
– كيرلي إيه بس؟! إنتي إزاي تخرّجيها من البيت منكوشة كده، ابقي اشتريلها توك!
– جربي تحطيلها خلطة زيوت، زيت زيتون وجرجير وخروع وعليهم نخاع لحمة جيبيه من الجزار.
– جربتي السمنة؟ حطيلها سمنة، مفيش حاجة بتنعم الشعر أد السمنة البلدي.
– سيبك من كل الكلام ده مفيش زي الكيراتين، بنتي من ساعة ما تمت سبع سنين بعملهولها كل ست شهور !
– بس ده فيه فورمالين، ودي طفلة!
– كوافيرتي قالتلي إنه آمن.
كل الحوارات اللي فوق دي كانت جزء من حياتنا أنا وبنتي لمدة تلات سنين ونص فاتوا، لمجرد إنها أسمر مني بحاجة بسيطة وشعرها مفلفل حبة، في مجتمع عنده عقدة الخواجة بيقدس أي ست بشرتها بيضا وشعرها ليس وعينيها ملونة، أطفال تانية بيتعرضوا لتعليقات كتير مختلفة على إنهم رفيعين أوي أو تخان أوي أو طوال أوي أو قصيرين أوي.
كلها تعليقات عنصرية وسخيفة بتزنق الجمال في قالب واحد مبتشوفش غيره، وللأسف الطفل بيكبر والكلام ده بيستقر في لا وعيه باعتباره مُسلّمات، لو منتبهناش كويس لدعم ثقته بنفسه ممكن يقضي عمره كله وثقته بنفسه مهتزة وهو بيحاول يوصل لمعايير الجمال المثالية من وجهة نظر المجتمع، فتفضل البنت تجرب في كريمات التفتيح وخلطات الشعر والريجيمات اللي ورا بعضها لمجرد إنها عايشة في مجتمع بيحارب أي جمال مختلف عن معاييره.
في البداية مكنتش منتبهة لتأثير ده عليها باعتبار إنها لسه صغيرة ومش فاهمة، لحد ما احتكيت بأكتر من صديقة مروا بتجارب مشابهة، وحكولي عن معاناتهم اللي استمرت لحد ما كبروا، عن التعليقات السخيفة اللي كانوا أحيانًا بيسمعوها حتى من أقرب الناس ليهم، عن تعليقات زي “إيه الوحاشة دي جايباها منين؟!” اللي بتتقال أحيانًا لدرء تهمة الحسد! وعن إحساسهم الدائم إنهم بط أسود لمجرد إن شكلهم مختلف.
في أغلب التجارب دي كان الأساس هو البيت، أول مكان الطفل بيلجأله لما بيواجه مشكلة برة، البيت لازم يكون المكان الآمن اللي كل اللي فيه مؤمنين بجمال الطفل ده وتميّزه، إنتي أكتر حد لازم يكون مدرك لجمال بنته ومقدرّه وفاهمه، مفيش بنت بتصدق إنها حلوة لو أمها مش مصدقة ده.
اتعلمي تحبي بنتك وتآمني بيها وبمواهبها وتدعمي ثقتها بنفسها، متسكتيش على أي تعليق سخيف لمجرد إن بنتك صغيرة ومش فاهمة، الأطفال بيفهموا بدري أوي أكتر مما نتخيل، دافعي عن جمالها المختلف وقدّريه عشان تتعلم تدافع عن نفسها وتقدرها