انتصري على عفاريت الأمومة العشرة

1415

انتصري على عفاريت الأمومة العشرة

تم نشرة في 03/21/2018

وقت القراءة : 5 دقيقة

كل ست بتمر بتجارب كتير فارقة في حياتها، ورغم أهمية كل تجربة منهم ودورها في حياتها، لكن تجربة الأمومة بتفضل تجربة مختلفة وفارقة. ومفيش واحدة فينا فضلت نفس الشخص اللي كانته قبل ما تبقى أم. 

 

تجربة الأمومة بكل اللي فيها من مشاعر مختلفة ومتضاربة مليانة كمان بمخاوف ووحوش، وورا كل خطوة فيه بعبع مستخبي.

دي أشهر عفاريت أو مخاوف الأمومة اللي بتواجه أغلب الأمهات الجداد، واللي واجهتني أنا شخصيًا، منها اللي انتصرت عليه ومنها اللي لسة عايش معايا:

1- كده صح ولا غلط؟

مهما كان عدد الكتب اللي قريتيها عن العناية بالأطفال ونصايح ماما وخالتك وحماتك، بيبقى فيه دايمًا خوف من إنك تكوني بتعملي حاجة غلط، بتغيَّري الحفاضة بطريقة غلط، أو شايلة البيبي غلط، راضع قليل وجعان أو راضع زيادة وهيقشط.

فيه موقف عمري ما بنساه، بعد ما ولدت بنتي الكبيرة وماما اضطرت تخرج تشتريلنا حاجة وتسيبني معاها لوحدنا. الحفاضة سرَّبت وغرَّقت هدومها، وكان لازم أغيرلها هدومها كلها لأول مرة (لأن ماما اللي كانت بتتولى المهمة دي) كنا في عز الشتا، قلعتها هدومها ومعرفتش ألبِّسها تاني، كل ما آجي ألبِّسها من ناحية أخاف، كائن صغير قوي وهش كده وعريان وبيصرخ، قعدت ألفها في بطاطين كتير وأعيط جنبها.

دقايق مرِّت كأنها سنين لحد ما انتصرت على خوفي ولبِّستها هدومها.

2- الخوف من إني مبحبش طفلي كفاية

والخوف من الاعتراف بكده سواء قدام نفسك أو قدام الناس.

الصورة النمطية اللي الميديا والدراما بتقدمها عن الأمومة، إن الأم أول ما بتشوف طفلها قلبها بيرفرف والسعادة بتفط منها وبيبقى أحب إنسان ليها من أول لحظة.

اللي حصل لي كان مختلف تمامًا، مشاعري كانت حيادية تجاهها، وأحيانًا بسبب اكتئاب بعد الولادة كانت بتوصل للكراهية. 

رغم إني قريت عن اكتئاب بعد الولادة كتير، لكن اللي في الكتب حمادة واللي واجهته حمادة تاني خالص، ده تقريبًا أبشع عفريت واجهني في حياتي كلها. لأني أنا نفسي تحولت لعفريت. حسيت إني أكيد مش طبيعية، مستحقش أكون أم. ما هو مش معقول حد ربنا يديله نعمة بالجمال ده وميحبهاش. أخدت وقت عشان أقدر أعترف بيه، وشهور طويلة عشان أتعافى منه. وسنين عشان أتصالح مع اللي حصل وأسامح نفسي عليه.

الإحصائيات بتقول إن من 9 لـ16% من الأمهات بتعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، ونسبة أكتر بكتير (من 60 لـ80% بتعاني من الكآبة النفسية أو Baby blue).

المعاناة بتخف أحيانًا لما نعرف إننا مش لوحدنا. أنا فاكرة راحتي في أول مرة قدرت أتكلم فيها مع مجموعة من الأمهات الجديدات واكتشفت إن هما كمان عندهم نفس الشعور وإننا كتير بس بنخاف نتكلم.

3- الخوف من عدم نموه أو تطور قدراته بشكل طبيعي

كل واحدة فينا معاها جداول: جدول الوزن والطول، جدول التسنين، جدول تطور المهارات الحركية والمهارات الحركية الدقيقة والمهارات المعرفية، وقاعدين نقارن الأطفال بالجداول.

وزنه أقل من المتوسط؛ مبيرضعش كويس، وزنه أكتر من المتوسط؛ هيعاني من السمنة. تأخر في التسنين، تأخر في الحبو، تأخر في المشي. بنت خالته قالت بابا وماما وهو بيقول بابا بس. 

كل واحدة فينا عندها بعبع الجداول. واللي بيكبر مع الإحساس بالذنب اللي بيتولد تقريبًا مع أول يوم أمومة واللي حواليكي بيغذوه. 

بترضعيه كفاية؟ مبتشربيش حلبة ليه؟ كده لبنك مبيشبعش.

بتديه حديد؟ بتديه فيتامين دال؟ سوسو دكتورها قال لازم فيتامين دال من أول يوم، بس توتو دكتورها قال إن فيتامين دال غلط من أول يوم.

الجداول دي كلها مبنية على تقديرات واسعة، وكل طفل تطوره مختلف تمامًا عن التاني، ابنك مش زي ابن أختك، وحتى ولادك الاتنين مش لازم يكونوا زي بعض، كل طفل له إيقاع مختلف في التطور والنمو.

4- الخوف من أحكام الناس

أنا واجهت أحكام من كل ناحية، أحكام بإني أم مش كويسة كفاية ومش مهتمة ببناتي، أو أحكام الناحية التانية، بإني تخليت عن أحلامي وطموحي الشخصي وتحولت لأم وست بيت بس.

الأحكام دي بتواجهني سواء في الحياة اليومية أو على السوشيال ميديا، لما أكتب قصة مثلاً فألاقي حد باعتلي إن مينفعش زوجة وأم تكتب عن الكلام ده. أو لما أنشر صورة مع بناتي أو موقف حصل معاهم ويتقال إني خلاص حياتي بقت بتدور حواليهم.

5- الخوف من المخاطر

بمجرد ما طفلتي خرجت من رحمي وكل حاجة حواليا اتحولت لمصدر خطر محتمل. مجموعة من العفاريت في عفريت واحد. الخوف من الأمراض، من إنها تقع وتتعور أو تتكسر، من إني أتسبب في أذيتها بدون قصد، أو أغلط في تربيتها فتطلع معقدة، من المدرسة، من الناس في الشوارع والحوادث وتلوث الجو والأكل المسرطن، من الأفكار الغلط اللي ممكن تتسربلها برة البيت. من إن معتقداتي وأفكاري نفسها تكون غلط وتفضل متعذبة بيها. من العالم واللي فيه والناس والعيشة واللي عايشينها. والخوف من إن مخاوفي دي تحبسها.

بس رغم كل العفاريت دي، مفيش حاجة هتقدر ترجعها جوة رحمي. مفيش قدامنا غير إننا نصحى كل يوم الصبح ونخرج للعالم ونواجه ونسلمها لله.

6- الخوف من إني أكون قدوة سيئة

أنا زي أي إنسان مليانة عيوب: انطوائية، بتفلت مني ألفاظ سيئة أحيانًا، ثقتي في نفسي مضروبة بالنار ومش عارفة أعيش نمط حياة صحي ولا أهتم بنفسي.

 أنا مش أفضل قدوة، وكل الصفات السيئة دي هتتسرب لبنتي الغلبانة اللي كل ذنبها في الدنيا إنها بنتي.

ده بعبع عايش معايا طول الوقت وعايش مع أمهات كتير، بس البعبع ده بالذات ممكن يتحول مع الوقت لحافز يحركنا عشان نكون أحسن. عشان خاطر نفسنا وعشان خاطرهم كمان.

تعرفي على: سمات الشخصية الانطوائية ومزاياها

7- الخوف من الأمراض والأمور الخارجة عن سيطرتنا

البعبع ده بيصحى من أول ما نعرف بالحمل، وأحيانًا من قبله، الخوف من إن الطفل يتولد بمرض أو مشكلة خلقية منقدرش نسيطر عليها، ويفضل عايش متعذب بيها طول حياته.

8- الخوف من ضياع الفرص وفقد الروح

FOMO 

اختصار لمصطلح Fear of missing out

وترجمته الخوف من ضياع الفرص، ده من المخاوف اللي بتواجهها أمهات كتير، خصوصًا لو كانوا ناجحين في شغلهم أو مشغولين بطموح مهني أو أكاديمي.

قبل الولادة كنت بكتب وبقرأ وبحضر دورات تدريبية، وبدخل سينما وبقابل ناس. بعد الولادة مبقيتش نفس الشخص، لفترة طويلة حسيت إن كله “بح” على رأي بنتي. تحولت لأم وبس. 

بس بعد نوبات طويلة من البكاء والحزن اكتشفت إني ممكن أرجع تاني. صحيح بحارب، بحارب عشان ألاقي وقت للكتابة أوالقراية، بحارب عشان أقعد معاهم في كافيه أو مطعم من غير الخروجة ما تقلب لفضيحة وكل اللي حواليا يبصولي باستهجان، بس حرب تستاهل التعب.

9- الخوف من أمك

أمك هي غالبًا المصدر الرئيسي لفكرتك عن الأمومة، فيه مننا اللي بيحاول طول الوقت يبقى نسخة من أمه وخايف ميقدرش يدي ولاده نفس العطاء اللي أخده. وفيه اللي تجربته مكانتش جيدة وبيحاول يهرب من إنه يعمل نفس الحاجات مع ولاده.

سواء كانت علاقتنا بأمهاتنا مثالية أو مليانة مشاكل، المهم هو الوعي، وإننا نقدر نشوفها ونقيِّمها صح، ونحاول قدر الإمكان نفصل بينها وبين تجربتنا إحنا كأمهات.

10- الخوف على علاقتك بجوزك

خلاص مبقيناش لوحدنا في العالم بتاعنا، فيه شخص تالت هيعيش معانا حتى لو كان سفروت، بس هيغير حياتنا كلها. ده غير طبعًا الخوف من تأثير الولادة الطبيعية والهرمونات على العلاقة الجنسية.

صحيح الحياة بتتغير، بس بشوية تكيُّف وترتيب للأولويات ومشاركة ومصارحة وتفهُّم من الطرفين بنقدر نظبط العلاقة تاني. أما العلاقة الجنسية رغم إنها بتتأثر فعلاً بالتغيرات الهرمونية اللي بتحصل وقت الرضاعة، لكن مع شوية وقت وصبر ومحبة البعبع ده بيختفي تمامًا وبننتصر عليه.

مخاوف كتير وعفاريت بتواجهنا طول الوقت، بنقع ونقوم، المهم نفضل مركزين ونحارب.. يا ننتصر عليها، يا نصاحبها ونتعلم نعيش معاها.

المقالة السابقةمرحلة الـ”لأ” عند طفل الثانية وما فوق
المقالة القادمةإني خيرتك فاختاري