أغلب البنات بيبقى عندها تصوّر إزاي هتربّي ابنها اللي لسه مجاش، وغالبًا التصورات دي بتزيد أوي مع الحمل، وبنبدأ نرسم في خيالنا مثال للأم المثالية بالمواصفات العصرية اللي هنكونها. وماله! كلنا كنا عندنا نفس الأفكار الوردية دي، والموضوع مش عشان يحبطك، على الإطلاق يعني، بس هحكي تجربتي بين الآمال والخيال وبين الواقع، من خلال سنتين أمومة.
هخرج مع أصحابي
كان تخيلي دايمًا إني هخرج مع أصحابي اللي عندهم أطفال في نفس السن، ونقضّي يوم لطيف ظريف والأطفال يلعبوا مع بعض، هو ده بيحصل بس الجزء الأول بس، يعني بخرج بس مبيكونش يوم لطيف أوي. الأطفال بيتخانقوا ويضربوا بعض، وبعدين بنتي تشدني من الهدوم وأخرج من نفسي وتفضل تزن تزن. وبرجع من اليوم ده منهكة جدًا ومعرفتش أتكلم مع ولا واحدة من صحابي، وأكيد بستعين بالمسكنات والنسكافيه للقضاء على الصداع الشنيع اللي بينتج من اليوم ده.
هخرج ببنتي عادي في المطاعم
بشوف كده في الصور أطفال حلوين قاعدين في الكراسي المخصصة ليهم، والأب والأم قاعدين متهنيين بأكلة حلوة، ومش بعيد تلاقي الأب في الصورة بيأكل الأم بالشوكة. فيوم بقى ما بنقرر ننقل الصورة للحقيقة، بنتي بترفض تفضل قاعدة على الكرسي بتاعها، وغالبًا بتفضّل تقعد جوة طبق الأكل بتاعي. وممكن جدًا متستريحش نفسيًا لشكل الجرسون اللي واقف معانا، فتفتح المناحة وتفضل ترمي الأكل على الأرض وهينتهي اليوم بإن الأب بيعتذر للجرسون على الفوضى اللي عملناها والأم بتحاول تهدّي الطفل شوية.
بس مش عايزاكي تتضايقي، لو طفلك مفرقش معاه شكل الجرسون، هيلاقي أي مبرر إنه يرمي الأكل على الأرض، زي إن دي حركة بتفطّسه من الضحك.
مش همشي أتباهى ببنتي على الفاضي
كنت أبص لكل أم فخورة جدًا إن بنتها عرفت تلبس الجزمة بتاعتها لوحدها، وأقول فين الإنجاز؟ إيه خصّنا إحنا بالتفاصيل دي؟ وأقول لما أبقى أم مش هعمل كده، الناس في غنى إنها تعرف تفاصيل ملهاش لازمة. فكل اللي يعرفه الناس دلوقتي بنتي بتحب أنهي أوبريت أطفال وإيه وجبتها المفضّلة وآخر فستان لونه إيه، مع شوية تفاصيل صغيرة زي إنها لما استحمت النهارده معيطتش ولما جت تنزل من السرير قالت أيّ. كل التفاصيل دي تظل متهمّش حد زي ما بتهمني، بس مبقدرش أمنع نفسي من إني أفضل أحكي عنها طول اليوم كل يوم بدون أي مناسبة.
مش هزعق
طبعًا قلت إني مش هزعق، التربية الحديثة بتقول إن مش بس الضرب، بل الزعيق كمان غلط على نفسية الأطفال. وطبعًا حققت حلمي ومبزعقش خالص، ولا جيراننا في الشارع اللي ورانا يعرفوا صوتي عامل إزاي. وإيه أخبار طنط نفسية بقى، أتمنى تكون بخير سلمولي عليها.
مش هسيبها تتفرج على التليفزيون كتير
الفرجة على التليفزيون بتجيب للأطفال تخلف وبتزوّد نسبة الإصابة بالتوحد. خلاص مش هفرّجها على التليفزيون، طيب ساعة واحدة يوميًا! همّ ساعتين بالكتير، بصّوا، أنا هحاول أشيلها من قدام التليفزيون ولو نص ساعة. ما هو أعمل إيه طيب! ما فيه 500 حاجة لازم تتعمل، فيا تبنولنا بيوت يا توفرولنا الكُلّة!
مش هسيبها تغلس على الناس
قبل ما أكون أم وييجي طفل صغنون كده يغلس عليّ، كنت بستغرب أوي من أمه اللي رامياه كده، طيب حتى تسأل عليه، وقررت -طبعًا- إني مش هعمل كده. فعشان كده الطفلة اللي هناك دي اللي بتعمل عروضها الاستعراضية قدام الترابيزة اللي جنبنا دي مش بنتي ولا حاجة، وأكيد برضو لما راحت على الترابيزة اللي جنبهم عشان تاخد منهم الأكل اللي لسه نازلهم مش بنتي، حتى لما جت في حضني وبعدين ضربتني ومشيت، لسه مش بنتي. أنا مش مخلّفة أساسًا. وكمان الراجل آخره هيتنرفز ويروح ع الفيسبوك يشتم في أمهات آخر زمن، الشتيمة مبتلزقش، وبعدين أنا معرفش الراجل ده أصلًا، ثم أنا أساسًا مش مخلّفة.
مفيش بطاطس مقلية
بيتهيألي بقى إن ده شيء بديهي، الحاجات دي كلها زيت وقرف وغلط على الكبار قبل الأطفال، وبالتالي لما تلاقوا أم بتسكّت بنتها في الهايبر ماركت وتديها كيس شيبسي، أو البنت رافضة الأكل تمامًا وعمالة تجري في النادي كله فتضطر تديها كيس شيبسي تاني عشان تقعد شوية، خليكو واثقين إنها مش أنا. إحنا أساسًا مش بنخرج من بيتنا.
كل اللي فات ده -عزيزتي الأم- أمثلة مبالغة شوية وإن كان فيها طبعًا جزء كبير من الحقيقة، عشان أقولك إن الخيال حاجة والواقع حاجة تانية، متخليش حد تاني يفرض عليكي أسلوب معيشتك أو يحكم عليكي بالفشل عشان حاجات بسيطة زي دي. وإنتي نفسك متحاوليش تكوني مثالية في كل حاجة وكما قال الكتاب، خلّي اللي في الكتاب للكتاب، وخلينا إحنا أصحاب التجربة الحقيقيين لواقعنا اللي محدش هيعيشهولنا، واستمتعي بالأخطاء البسيطة اللي هتقعي فيها، لإنك ببساطة لازم هتقعي فيها، يبقى نخلّي الحياة تاخد دورتها، وإن شاء الله كلّه هيبقى تمام ما دام بنعمل اللي في مقدرتنا.