بقلم شيرين شحاته
“أنا خايف” جملة مقسومة بين عالمين، واحنا صغيرين واحنا كبار. بدايتها مع الطفل جوانا، وهو بيجري من خوفه بكل سرعته، عينه على حضن أمه. وبصوت مهزوز وضربات قلبه الخايفة يبدأ حكايته عن خوفه من حشرة، لقطة بفيلم، صوت ريح، قصة سمعها من مدة. ولكن فضلت جواه، ورجعت مرة تانية تصحيه يجري من كابوسه. ويوم عن يوم يكبر الخوف جوانا؛ لو كلبشات السيطرة عليه تاهت مِنَّا وضاع منا مكانها.
- الخوف عدو
لكن ايه هو الخوف؟ وازاي أقدر أتأكد أن اللي جوا قلبي ده خوف مش شعور تاني؟ ببساطة وتأكيد على مقولة “اعرف عدوك” هنعرَّف الخوف؛ واللي هو شعور بيضرب قلبك أول ما يشعر بالخطر، يغير من سلوكك؛ فممكن تلاقي نفسك بتهرب من كل حاجة، من مواعيدك، صحابك ومن نفسك.
“ليس هناك سوى شيء واحد يجعل الحلم مستحيلًا؛ هو الخوف من الفشل”. مقولة للروائي البرازيلي باولو كويلو، بيركز الضوء جواها على ذراع الخوف اللي بتصمم توقف حركة المستقبل، وازاي أن الخوف اتنقل من حالته السلمية؛ واللي بتكون مفيدة في أننا ننجز أعمالنا بالوقت المناسب، على عكس الحالة المَرَضِيَّة اللي بتمنعنا تمامًا من الحركة ولو لخطوة.
“عندما نقع في الماء لا يخيفنا الشتاء”. مثل روسي فهم الخطر من الخوف؛ فطلب منا مواجهته، نشمر دراعتنا، نستعد لمعركة حياة مافيش جواها بدايل غير الفوز على خوفنا وانسحابه تمامًا من جوانا.
“و لكن ما الذي يمكنني أن أفعله لو ظل ذلك الخوف ينبض في جسدي بدلًا من القلب!”. مقولة للكاتب التشيكي فرانس كافكا، الكاتب بيوصف حالة العجز ببراعة في الوقت اللي الخوف بيتمكن فيه مننا. عجز أعلنه مع سؤاله لنفسه ولينا؛ لأن الخوف بيمنع عنا الحياة زي الموت. وإن كان الموت غابت معاه حياة أجسادنا اللي سكنت قبر خارجي، فمع الخوف المَرَضِي هنعيش مع أجسامنا وأرواحنا بكل أوجاعهم، وإن كان القبر جوانا. ومن هنا هنفهم إن وقفتنا قُدَّام الخوف لازم تكون من بدري، قبل ما وحشه يبلعنا.
- خطوات عملية لطرد الخوف من جوانا
في الأول لازم نتفق أن مافيش طبخة من غير طباخ، ولا بدلة من غير ترزي، ولا أرض مزروعة من غير فلاح، ولا رواية من غير كاتب، ولا حلم جميل من غير عيون نعسانة، ولا خوف مهزوم من غير باب مقفول وعزيمة تحاربه ولو كل يوم.
– جسمك وحقه عليك. الجسم بيت من لحم ودم، سكن لروحنا. حقه علينا نراعيه، نسمع طلباته، منهملش إشاراته. وإلا هنلاقي نفسنا مطرودين برا بابه. من وقت للتاني أكل صحي، ألوان من فاكهة تزين طبقك، وتمارين رياضية تنظم بيها وقتك اللي هيتخلله تأمل وتدريبات التنفس العميق، اللي هتطرد بيه كل مخاوفك.
– الامتنان و الحب. هنصنع مُذكرة حب نشكر جواها كل وقت فرحنا فيه. هنعلِّم على اللحظات الحلوة دي بصور سعيدة وبتضحك، تمامًا زي اللحظة اللي عشناها. هتفكرنا وقت هجوم الخوف إن وقته مش دايم والفضل بيعود لمذكرة الحب.
– لا هروب من الخوف. منخزِّنش خوفنا جوا دولاب عشان نخبيه؛ لأنه في يوم هيكسر دولابنا ويخرج، وهو قوي واحنا ضعاف، ويقول “أنا هنا”. واحنا اللي هندخل جوا الدولاب. فمن الأول نتكلم عن مخاوفنا، منكسفش، مافيش إنسان ماخفش، بس فيه إنسان هزم خوفه.
– نشوف الحجم الطبيعي للخوف، منبصش عليه من عدسة مكبرة فيظهر ديناصور وهو أصله نملة.
– خطوة ورا خطوة، هنقدر نقف قدام الحاجة اللي بنخاف منها، منستعجلش وناخد وقتنا لغاية ما نقدر نتحكم في خوفنا؛ إن كان فكرة، شعور، صوت، مكان ضيق، نور مقطوع. وبدل ما نجري منه هنقف قدامه.
– خلينا دايمًا إيجابين تجاه نفسنا، نسمَّعها كلام يدعمها: “أنتِ قوية .. هتقدري ..اللي فات مش هيوقعك..”.
ودايمًا لازم نتأكد أن مافيش حاجة تقدر تتغلب علينا ما دام الأمل جوا قلوبنا مش نايم، وشباك حياتنا مفتوح على شمسنا وقمرنا وعصافيرنا ونسمة صيفنا وغيمة في الشتا فوق بيتنا. ومش عيب نخاف بس المهم ميطولش وجوده. نحب نفسنا بكل ما فيها، نغنيلها ونطبطب عليها، ونقول لبكرة أنا هنا موجود، لا خوف هيوقفني ولا حزن هيهزمني، شباكي على طول مفتوح، بيملى قلبي بالنور، أنا مش مستخبي .. أنا بحبني وهفرحني بعُقد فُل من حب بيتلف حولين قلب حر، وقف قدام خوفه ماتهزّ.
مراجعة لغوية/ عبد المنعم أديب