فيلم “شوكة وسكينة”: هو إحنا بنتجوز ليه؟

4806

بقلم/ سعاد أبو غازي

رجل يترك دبلة زواجه في تابلوه السيارة، ثم يذهب ليقابل امرأة جميلة وأنيقة في مطعم هادئ، ثم يقول لها: “العلماء اكتشفوا إن قعدتك لوحدك بتقصر العمر”، فتنظر له المرأة بتحدٍّ وترد عليه: “ما أنا ممكن أربي كلاب وأعيش عادي”. صمت.

هذه ببساطة افتتاحية الفيلم الروائي القصير “شوكة وسكينة” إنتاج 2017، الذي يدور حول امرأة ورجلين، يتبادلون فيما بينهم آراءً عن الحب والزواج والخيانة والحب الأول، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن عندما ننتهي من مشاهدة الفيلم: “هو إحنا بنتجوز ليه؟!”، إذا كانت الخيانة والخلافات والشد والجذب ستكون الدوائر التي ندور فيها، إلى أن يقرر طرف الانفصال، ويصر عليه، فيحدث الطلاق في النهاية مسببًا الألم للجميع!

“سلمى” امرأة شابة متزوجة، لكن بعد مرور خمس سنوات من زواجها تلتقي بحبها القديم، فتقرر الانفصال عن زوجها، لكن لم تصارحه مباشرة برغبتها، لكنهما يجلسان معًا في جلسة ودية، يتبادلان الآراء عن مشكلات الزواج لكن دون أن يتحدثا كزوجين، كأنهما شخصان لا يعرفان بعضهما بعضًا، ليس لديهما تاريخ معًا يمنعهما من التحدث عن مشاعرهما بصراحة، لكن حقيقة لم نلمس بوضوح هل قرار “سلمى” بالانفصال وإصرارها عليه جاء بعد أن قابلت حبها القديم أم لأنها سئمت من خيانة زوجها.

shoka we sekkina
shoka we sekkina

أراد الفيلم أن نعرف منذ البداية أن “شريف” يخون زوجته مع العديد من النساء، لكنه يرى أن “الجواز زي الشغل، فيه شغل Full time وشغل part time، إنما الحب ده حاجة تانية”، ثم يكمل “كل الرجالة بيحبوا مراتاتهم، بالذات الرجالة الخاينين”، فهو إذًا يحب زوجته، لكنه لا يستطيع ألا يخونها لسبب ما، ربما نعرفه بعد قليل، وربما أن خيانته المستمرة لزوجته هي ما تجعله يشعر أنه يحبها أكثر!

shoka we sekkina

نعود من جديد إلى الجلسة الودية في المطعم، يسألها: اتجوزتيه ليه؟ فترد بثقة من تعرف أنه سيسألها هذا السؤال: الوقت، فيه وقت بيجي ع البنت بتبقى جاهزة لقرار زي ده، وهو ظهر في وقت مناسب، وهو كان مناسب جدًا. مفيش ست متحلمش بجوزي، بس إنت عارف مشكلتكم إيه؟ الراجل بيطلع عينه عشان يوصل لواحدة ست، وأول ما يجيبها يعاملها على إنها قطة عنده في البيت، تسليه، تسمع كلامه، يتصور معاها، ولما يطمن، يمشي يشمشم في قطط الشارع.

 

هنا أصبح واضحا بالنسبة لـ”شريف” أن “سلمى” واعية تمامًا لخيانته لها، لكنها قررت أن تطرح المشكلة على أنها مشكلة كل الرجال، وليست عيبًا في زوجها فقط، مما يجعله فيما بعد يتحدث إليها بنفس الحيلة، بأن يتحدث بشكل عام ويقول لها: أي راجل مهما كان بيحب مراته أو صاحبته لو ملقاش معاها اللي يوزن حياته، أكيد هيروح يدور على ده مع واحدة تانية.

سلمى: إنت بتتكلم على إنه حقه. طب والست؟!

شريف: الست هي الميزان.

سلمى: مفيش ميزان بكفة واحدة.

صمت.

يبدو منطق “شريف” في تبرير الخيانة هشًّا للغاية، خصوصًا أنه لا يمكن اعتبار أن ممارسة الرجل للجنس مع نساء أخريات غير زوجته هو “اللي بيوزن حياة الراجل”، فالزواج ليس جنسًا فقط، واختلال موازينه ليس راجعًا إلى الجنس فقط، فلم نرَ “شريف” يفعل شيئًا غير ذلك.. ممارسة الجنس وانتهى الأمر.

هل هذا ما يجعله يزن حياته ليستطيع أن يعيش مع زوجته بشكل طبيعي، ويجد الوقت بين كل لقاء بين امرأة وأخرى، ليمنحها بعضًا من الاهتمام والتفهم المصطنع لمشاعرها؟! بالإضافة إلى أن “سلمى” نفسها لم تكن بعيدة عن الخيانة هي الأخرى، فقد خانت زوجها مع حبيبها القديم، بعد أن قررت أنها ستنهي زواجها وتطلب الطلاق، لذا بدا حوارهما معًا هزليًا إلى حد بعيد.

لماذا يرتضي الرجال لأنفسهم أن يظهروا بمظهر الشخص الهش الذي ينتظر من المرأة أن تزن حياته؟

إذًا لماذا نتزوج؟ إذا كان كل طرف في الزيجة سيجد متعته في مراوغة وخداع وخيانة الطرف الآخر، أليس الزواج كعلاقة مبنية بالأساس على الإخلاص، فإذا كان هناك طرف لن يستطيع أن يحقق شرط الإخلاص فلمَ ندخل التجربة؟! ثم يجد نفسه يبحث عن مبررات هنا وهناك، ويعتبر أن الخيانة هي ما تجعله يحب زوجته أكثر، وما الذي يجمع بين العمل والزواج؟ كيف يكون هناك زواج دوام كامل وزواج آخر بعض الوقت؟! إما زواج أو لا زواج، لمَ التحايل؟!

 

السؤال الأهم: لماذا يرتضي الرجال لأنفسهم أن يظهروا بمظهر الشخص الهش الذي يعّول على المرأة أن تزن حياته؟ فإذا تزوج بالمرأة الخطأ، التي تفشل في إيجاد هذا التوازن، يذهب ليبحث عن التوازن عند غيرها من النساء، ويظل يبحث ويبحث إلى أن ينسى هو نفسه لماذا بدأ هذا الطريق منذ البداية! ثم ماذا يعني التوازن بالنسبة للرجل؟ وكيف هو عند المرأة؟ هل من حقها هي الأخرى أن تبحث عنه عند رجال آخرين؟ ماذا يعني التوازن؟ وأين مكمن الخلل؟!

في رأيي.. بدا “شريف” كما لو كان مستمتعًا بما يفعل، هناك شيء ما يجعله سعيدًا عندما يخون زوجته، بغض النظر عن متعة ممارسة الجنس مع أخريات، الفعل نفسه يمنحه إحساسًا زائفًا بالثقة بالنفس، ولا مجال للتوازن الذي يتحدث هو عنه، ربما سرقة المتعة أو ممارستها في الخفاء في حد ذاتها متعة بالنسبة للرجل المتزوج، أو المرأة المتزوجة، لكن الإخلاص بالنسبة للبعض يبدو فعلاً باردًا لا يحمل أي إثارة.

 

تكمن قوة الفيلم القصير “شوكة وسكينة” في الحوار الذكي بين أبطاله الثلاثة، الذي يجعلنا نراهم في مواقف قد تخلوا فيها عن أي اعتبارات تجعلهم يحيدون عن الصراحة، جعلنا نراهم وقد نضجوا وخاضوا تجاربهم للنهاية، ووصلوا إلى مرحلة لم يكن هناك شيء ليخسروه، فباحوا بمشاعرهم، وإن كان ببعض المراوغة، لكن في النهاية كل طرف وصل إلى مبتغاه وهو مقتنع أنه قد حصل على ما يستحقه.

فيلم “شوكة وسكينة”- روائي قصير

مدته: 16 دقيقة

بطولة: منة شلبي، إياد نصار، آسر ياسين

تأليف وإخراج: آدم عبد الغفار

 

المقالة السابقةمصيف زمان: رمال برائحة جَدِّي
المقالة القادمة10 تطبيقات تساعدِك على تنظيم إجازتك ورحلتكِ إلى الشاطئ
مساحة حرة لمشاركات القراء

5 تعليقات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا