عادة أم عبادة؟

981

 

بقلم: أحمد فراج 

 

هو أنا بصلي ليه؟

عادة أم عبادة؟ .. سؤال خطر في بالي في رمضان اللي فات وأنا بصلي العشاء. مش عارف أنا سألته لنفسي ليه أصلًا! بس لقيتني كده للحظة سرحت، وقلت لنفسي هو أنا بصلي ليه؟ علشان متعود ولا علشان أنا ربنا واحشني وعايز أقرب منه؟ .. فُقت من سرحاني، وحاولت أركز في الصلاة تاني. وخلصنا صلاة وطلعت من الجامع، وراودني نفس السؤال تاني. فعلًا هو أنا بعبد ربنا علشان ديني قال لي كده، ولا فيه علاقة تانية روحانية بيني وبين ربنا؟ قلت لنفسي طب تيجي نفكر سوا؟

حاولت أبسّط الموضوع على نفسي علشان أحاول أوصل لإجابة؛ أنا لمَّا بقابل صاحبي الطبيعي: ازيك يا معلم عامل ايه وفُلّ على كده. وده لأني بشوفهم كل يوم فأكرر الكلمتين دول ورا بعض، وأنا مش مستني إجابة أصلًا. طب لو بقى فيه واحد بقالي فترة ما شوفتوش، ونفترض إنها يومين: ازيك يا معلم؟ عامل ايه؟ ايه يا عم كنت فين؟ وبين كل سؤال وسؤال في عشر ثواني صمت بسمع رده وبتدبر فيه.

 

أنا محتاج أعبد ربنا ليه؟

أيوه أيوه طب نرجّع بقى الأمور لطبيعتها وتيجي نفكر في السؤال من الأول. بس نخليه بقى يتسأل صح: أنا محتاج أعبد ربنا ليه؟

مبدئيًا خلينا نقول إن ربنا غني عننا وعن عبادتنا وعن شكرنا .. صح؟ تمام .. لمَّا بنكبر ونبدأ نفهم الحياة ماشية إزاي؛ بنلاقي إن فيه أبّ وأمّ ربنا أداهُملنا هدية علشان يهتموا بينا، ويخافوا علينا ويعلمونا إن فيه ربنا بنعبده ونحمده على كل شيء .. نكبر شوية نيجي في يوم نتدلع على ماما ونقولها: لأ الأكل ده مش عاجبني، أنا عايز آكل حاجة تانية. تلاقي ردها: احمدْ ربنا غيرك مش لاقي! .. نكبر أكثر وصحابك يكثروا حبتين، وتبدأ تكوّن عالمك الخاص، وتلاقي مثلًا واحد تعب شوية، تقول له: مالك يا عمنا فيك ايه؟ يقولك: مفيش كان دور برد وراح لحاله .. يعني أنت بقيت تمام؟ .. آه الحمد لله أحسن.

كبرنا شوية وحبينا وارتبطنا .. لمّا تحصل حاجة حلوة قوي بينكم تلاقي نفسك لا إراديًا: ربنا يخليك ليّ.

في مرة كده جربت أعدّ أنا عندي هدايا قد إيه؛ لقيت كام تيشرت على كام ساعة على كام زجاجة برفان، على شوية سي ديهات على إيه من هنا وإيه من هناك. حاجات باظت وحاجات خلصت، وحاجات ماعتدتش تنفعني، وحاجات نسيت مين جابها لي أصلًا.

ونسيت أفتكر أني عندي عينين شفت بيهم كل حاجة من يوم ما اتولدت، عندي لسان خلّاني أعرف أعبّر عن اللي جوايا، عندي ودان سمعت بيهم صوت أمي الدافي، عندي يد سندت أبويا لمّا كبر، عندي رجل شايلاني بقالها سنين ومازهقتش، عندي حاجات لو فضلت أعدّ فيها لحد ما أموت مش هجيب آخرها. ودلوقتي بسال هو أنا علاقتي بربنا دي عادة أم عبادة؟

يعني أنا ربنا إداني هدايا وحاجات ماتتعدش، ولمّا أعبده أبقى بعمل كده علشان المفروض أعمل كده!

ربنا وحشني جدًا

مش عارف أنا حاسس أني وأنا بكتب الكلام ده دلوقتي ربنا وحشني جدًا .. آه والله فعلًا .. هو أنا ليه لمّا كنت بصلي مكنتش بشكره من قلبي على كل اللي أداهولي؟ ليه لمّا كنت بدعي مكنتش بقول: يا رب سامحني أنا مقصّر في حقك، ومش عارف أشكرك بجد على اللي أنت أديتهولي. ليه لما كانت بتحصل لي مشكلة وأحس أني لوحدي ومش عارف أعمل إيه مكنتش بجري أدعي ربنا وأقوله: يا رب ماليش غيرك أنت اللي عالم بحالي؟

هو أنا ليه مكنتش بفكّر في الحاجات دي قبل كده؟ مش عارف بجد أنا كان عقلي اللي ربنا أداهولي فين قبل كده .. بس ممكن من دلوقتي أبدأ صفحة جديدة تاني، وأروح لربنا كل لحظة في حياتي وأقوله شكرًا يا رب.

 

مراجعة لغوية: عبد المنعم أديب

المقالة السابقةحينما سمعتُ صوتي
المقالة القادمةمعادلة البكاء
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا