بقلم: لبنى علي
تتسارع دقات قلبي، أشعر بسرعة سريان الدم في شراييني وأوردتي، لا، لن أستسلم لما يقال أو يحدث من حولي الآن، النظرات المعاتبة لي تلاحقني.. لستِ كما توقعنا.. لستِ كما تمنينا.. وذلك لأنك لم تطيعي.
الطاعة العمياء
على الرغم من دفن أحلامي ورغباتي من أجل إرضائهم، فبالتأكيد هم الأصح والأفضل بخبراتهم وتجاربهم الحياتية، ولكن دومًا يبحثون عن المزيد من الطاعة.
مهما زادت سنوات عمري، فيجب أن أنفذ أوامرهم بدون تفكير أو إرادة. فكيف أجرؤ على التفكير، فهذا العقل الضحل خلق لينفذ، فقدراتك محدودة للغاية ونحن على علم بذلك منذ البداية. فالجميع أفضل منكِ.
ونحن نحاول أن نساعدك، ولكن دون جدوى، فأنت دومًا تسعين للتفكير والتحليل، وهذا شديد الخطورة عليكِ، كما أنه ليس أكثر من مضيعة للوقت.
آجلاً أم عاجلاً سترضخين لرغباتنا، فنحن الأقدر، الأذكى، الأفضل والأعلم منكِ، فلا ترهقينا في محاولاتك للتفكير وإثبات الذات، فقط نفذي ما طُلب منكِ بهدوء، وأيضًا على وجه السرعة.
عنف نفسي
وبرغم سعيك للحصول على أعلى الدرجات العلمية فأنت لا تستحقينها. هل أصاب أساتذتك بالجامعة الجنون حتى يمنحوكِ إياها بهذه السهولة؟!
وبعد النجاح الأكاديمي يرددون، نجاحك العلمي مختلف عن النجاح بالعمل والحياة، حتمًا ستفشلين، عليكِ بطاعتنا حتى لا تقتلك الحياة بقسوتها، فأنت هشة وبحاجة لتنفيذ أوامرنا ليقبلك العالم ولا يدهسك تحت أقدامه.
كل خبراتنا ودروس حياتنا ليست بالهينة حتى لا تستفيدي منها، فكوني دُمية، ونعطيكِ ما تريدين من جنة الدنيا ونعيمها. لا تتمردي ونفذي أوامرنا في صمت، اثبتي لنا ذكاءك بطاعتنا، وقتها فقط سنحترمك أمام الجميع ونُعلن لهم عن هذا الذكاء باستمرار.
تعرفي على: العنف في العلاقات العاطفية: صور من العنف النفسي
عفوًا.. لن أكون دمية بعد الآن
لم أعد أستطيع تطبيق الطاعة العمياء، فعلت ذلك كثيرًا من قبل، ولكني الآن لم أعد أريد قتل رغباتي وأحلامي، فهي تصرخ بداخلي تريد الظهور للعلن، ولن أقدر على إيقافها مرة أخرى.
تلك هي حالي، أليس ذاك أيضًا حال المرأة في مجتمعاتنا؟ يتحكم بها الأب، الأم، الزوج، وكل من يملك القوامة ويتحكم في نفقاتها.
أنا أملك المال فعليكِ السمع والطاعة، وإلا ستصبحين سجينة قصري لا منفذ لك خارج هذه الجدران.
لن تأكلي ما تشتهين من الأطعمة، ولن تشتري ما ترغبين من ملابس وحليّ، فأنت لستِ سوى عاصية لأوامري، خصوصًا أنكِ لا تعرفين ما هو الأفضل لكِ.
ولكني قررت الآن أن أصدق نفسي، أصدق مشاعري وتفكيري تجاه مختلف الأمور. سأتحمل خيبة الأمل التي أراها في أعينكم تجاهي، لأني لم أطع.
سأتحمل تقليل نفقاتي عند ممارسة الضغط المادي نحوي، سأتحمل سخريتكم، كلماتكم الجارحة، وضحكاتكم المتعالية أمام الآخرين تعبيرًا عن فشلي وخيباتي.
فأنا أدركتُ الآن أن المحاولات المتواصلة بلا كلل ولا ملل للتقليل من شأني ليست إلا حُبًا للسيطرة، ولتثبتوا لأنفسكم أنكم على صواب وأنكم الأفضل.
تعرفي على: أنواع العنف الأسري: هل أنتِ في علاقة مسيئة
الحب وحده لا يكفي
أنا على علم بمحبتكم لي، ولكن الحب وحده لا يكفي. لقد وضعتم ألف حاجز بيني وبينكم، كم أود أن أكسرهم جميعًا وأتحدث معكم بلا خوف، لتشاركوني الرأي ولأستفيد بالمشورة، بدون التقليل من قدراتي!
فأنا أرغب بالتواصل معكم، وبالفعل حاولت كثيرًا، ولكن كانت ردود الأفعال صادمة ومُحبطة.
أنا أشكركم على تضحياتكم وجهودكم المبذولة، ولكن عليكم بإعادة التفكير في طبيعة علاقتنا. لأنني لن أكون دُمية بعد اليوم.
أحبكم كثيرًا ولكني بحاجة لدعمكم النفسي لي، وليس المادي فقط، بحاجة إلى ثقتكم بي وبقدراتي خصوصًا وقت فشلي، فلا أحد ينجح في محاولته الأولى.
وأنا الآن أعد نفسي ألا أستسلم لهذه الصغوط من جديد. سأسعى لاكتشاف ذاتي، ولن ألوم نفسي مرة أخرى، سأنصف نفسي وأحترم مميزاتي وأسعى للتقليل من حدة عيوبي قدر المستطاع.
وأفتح أولى صفحات كتابي وأضع على سطوره أفكاري وأحلامي، وأرتبها لأحققها بهذا الترتيب رويدًا رويدًا.
سأخوض حربًا معكم بعنادي، حرب كم أود ألا أمر بها مع أقرب الناس إلى قلبي! ولكن لا مفر منها. فيومًا ما ستدركون أني كنت محقة، وأن قدراتي أعلى مما تصورتم.
ربما وقتها تفهمون من أكون، فأنا لم أشبه يومًا هذا الشخص الخيالي الموجود برؤوسكم. وحتى يأتي هذا اليوم، لن أُغلق باب قلبي أمامكم ما حييت، وسأعلن دائمًا وأبدًا عن حبي لكم غير المشروط.