“أنا مش كامل .. طيب أنت مين؟”

1006

 

بقلم: لمياء عبد الحميد

 

لما عرفت أني أقدر أكتب في “نون”، كنت حاسة بمشاعر كتير قوي؛ فرحانة ومتحمسة وقلقانة وخايفة ومش مصدقة، وطبعًا فكرت كثير جدًا هبدأ ازاي، وراجعت معظم الكتب و”الميموريز” الخاصة بيَّ علشان أقدر أحدد الموضوع اللي عاوزة أبدأ بيه، يعني بحاول أعمل عصف ذهني.

ولقيت نفسي عاوزة أكتب مقال يبقي فيه كل معلوماتي -أو معظمها تقريبًا-؛ علشان يبقي ثري ومفيد، وبالفعل بدأت أكتب في موضوعات كثير، زي ازاي تحب نفسك، وازاي تخطط للسنة الجديدة، وأهمية التخلص من عاداتك السلبية، ومعلومات كثير جدًا جدًا .

ولما خلصت كتابة المقال وبراجعه، لقيت المقال مش شيِّق، ولا زي ما أنا توقعته نهائيًا. طبعًا حسيت بإحباط شديد وخذلان، وقلت لنفسي أنتِ هتفضلي لامتى بتتسرعي ومشاعرك هي اللي بتحركك، وياريت بتحركك صح.

بعد ما لُمت نفسي كثير على غلطة اختيار الموضوع، وكم المعلومات الزيادة عن اللزوم اللي كتبتها، وطبعًا حسيت أني مستاهلش آخذ فرصة كويسة زي دي، وقد ايه أنا شخص مش هينجح ولا هيحقق اللي هو نفسه فيه؛ لأنه مش منظم، وجلدتني بما فيه الكفاية؛ سكتّ كده لحظة وأدركت أني في دَوْشَة كبيرة جدًا حصلت. قلت بس كده لازم أفصل وأشرب قهوة غامق سادة؛ لأن دي أكثر حاجة بتحسسني أني تمام وبعملها صح ١٠٠٪.

قعدت أتكلم مع نفسي وأسالها: فيه ايه مالك ليه مش عارفه تكتبي هو أنتِ أول مرة تكتبي مثلًا؟ لا .. طيب أنتِ خايفه المقال يترفض؟ آه .. طيب هيترفض ليه مش هو فيه معلومات قيمة ومهمة وأنتِ تعلمتيها وقرأتيها قبل كده؟ ايوه بس أنا حاسة أن ناقصه حاجة.

وهنا سنصمت قليلًا .. في اللحظة دي والرد ده قدرت أفهم السبب اللي يعتبر عامل مشترك في المشاكل اللي بنقابلها؛ لما بنتعرض لمواقف يومية أو اختبارات مطلوب مننا فيها نثبت نفسنا أو حتى في التعاملات البسيطة اليومية. ولقيت أن الأزمة تكمن في “البحث عن الكمال”. اه والله فعلًا دي الأزمة الأساسية .. بس ليه يا ترى؟

أولًا لأن مفيش كمال في أي شيء، وثانيًا لأن التوقعات باستمرار بتكون عالية سواء من نفسي أو من اللي حواليَّ. وبالتأكيد بعدها بيجي إحساس الذنب وجلد الذات أني معملتش اللي عليَّ، وأني فاشلة، وأني مش بستغلّ الفرصة صح، وكلام سلبي كثير قوي، وختامها مسك إحساس الإحباط.

دائرة مغلقة بتخنق صاحبها واللي حواليه كمان. والحقيقة أنه مش بيوصل لحاجة، خصوصًا لو كان أصلًا مش قادر يشوف أنه شخص “كمالي”، وعاوز كل حاجه صح ومظبوطة ١٠٠٪. كل شيء فيه اختلاف عليه وفي نواقص يبقي ازاي أنا كإنسان هقدر أعمل كل حاجة صح ومظبوطة؟

وهنا كانت البداية “اقبل بعدم الكمال”، واقبل أني مش شرط أعمل كل حاجة مظبوطة. والأهم أنك تشوف أن أنت إنسان بيحاول، آه يبذل مجهود وبيمشي في طرق كثير علشان عنده أحلام وأهداف، وعاوز يحققها فيعمل اللي عليه بالشكل المتاح. خليك رحيم مع نفسك، وبلاش إصدار أحكام سلبية عليها؛ لمجرد أنك مقدرتش تكمل حاجة أو معملتهاش بالشكل اللي متوقعة، لأن قلة التعاطف مع الذات هي اللي بتخليك تصدر أحكام سلبية. واقتنع وافتكر أن فيه دايمًا جزء منوَّر في أي حاجة ضلمة. وبالمناسبة الجزء ده هو اللي بيدلّنا على الطريق وازاي هنكمله.

لما هتعرف تبقى عطوف على نفسك، هتقدر تلاقي معاها حل؛ علشان تساعدك توصل للي أنت عاوزه، وتقدر تحب تقعد معاها، ويبقى ده وقتك المفضل مش وقتك اللي بيموتك وبتتهرب منه. تخيَّل أنك مع أهم شخص في حياتك، ودايمًا لغة الحوار بينكم أنه ينتقدك وبيقلل منك وبيحبطك و كلام سلبي ولوم بس؛ تفتكر لو أنت بتتعامل بالشكل ده يوميًا هتقدر تنجز حاجة؟ طيب هيبقي عندك طاقة أنك تحبه أو تحب اللي بتعمله؟ فكر ثانية مع نفسك وبعدين رُد.

وأول خطوة ممكن تبدأ بيها، هي أنك تدور على مقياس التعاطف مع النفس. بشويش على نفسك علشان الحياة تبقى بشويش عليك. والقبول ثم القبول، واكتب على قد ما تقدر كل حاجة بتدور في ذهنك وبتحس بيها أو حتى سجل رسالة صوتية لو مش بتحب الكتابة؛ علشان تقدر ترصد مشاعرك وأفكارك، وتحط ايدك على بداية أي مشكلة وأرجوك بلاش تعلِّي سقف توقعاتك، وتخلص من الأفكار والأشخاص المحبطة والسلبية، واقبل الواقع؛ وده مش معناه أنك ترضى بفشل أو تخاذل أو ظلم، لكن معناه أنك تقبل اللحظة اللي بتمرّ بيها، والموقف اللي أنت فيه دلوقتي بدون أحكام سلبية.

صدقني أول لما تقرر رحلة الوعي، وأنك تفهم وتصاحب نفسك هتلاقي ألف باب بيتفتح، ويساعدك في رحلتك. وأرشح لك جدًا أنك تقرأ الكتاب العظيم “نعمة عدم الكمال”، لدكتور برينيه براون. هيفرق معاك جدًا، وهتلاقيه كمان مترجم. خليك فاكر أنك مش محتاج تكون مبهر لحد غير لنفسك. 

ودي مصادر واختبارات ممكن تساعدك في بداية رحلتك المثمرة، إن شاء الله .

How to Manage Your Perfectionism

Perfectionism Test

Are You a Perfectionis

Ways to Control Perfectionism – wikiHowt?

13 Ways to Calm Down a Perfectionist – wikiHow Health

https://www.arageek.com/perfection-bad-life

https://www.webteb.com/testyourself

 

مراجعة لغوية: عبد المنعم أديب

المقالة السابقةالعيد الداخلى
المقالة القادمةفصول الحياة ومواسمها
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا