تجاوزا تعيشوا

1146

 

 

بقلم/ نور ياسر

 

مفيش حد فينا معندوش شخص أو علاقة أو صدمة أو موقف، عايز ينساه ويمحيه من ذاكرته كأنه محصلش، عشان يقدر يكمل حياته طبيعي ويوفر على نفسه الألم اللي بيحس بيه كل ما يفتكره.

 

إننا نعمل ده مش صعب، الحقيقة إنه مستحيل، مفيش حد مهما كانت إرادته قوية يقدر ينسى حاجة عايز ينساها، أو أي حاجة واجعاه. هو ممكن يقدر يتجاهل لفترة من الزمن، بس الأكيد إن عمره ما هينساها إلا لو فقد ذاكرته مثلاً.

 

التجاهل ده في الأغلب مش بينجح، لأنك بتبقى معرض في أي وقت تشوف الشخص اللي بتتجاهله، أو يحصل موقف يفكرك باللي بتحاول تنساه، وقتها بقى هتتفاجئ إنك منستش أي حاجة، وفاكر كل التفاصيل كأنها امبارح، وهتكتشف مدى فشل محاولات التجاهل اللي بقالك فترة طويلة بتعملها، على أمل إنك تنسى.

 

طيب وبعدين؟ إيه الحل؟ يعنى هنفضل عايشيين بأوجاعنا وذكرياتنا وكأنهم عبء على ضهرنا كده؟!

خلينا نتفق إن الحل مش في النسيان، لأنه عمره ما هيحصل، بس الحل الأكيد هو التجاوز.

 

التجاوز هو التصالح مع الماضي والأحداث اللي عيشناها ووجعتنا، واتسببتلنا بألم كبير مش عارفين نعيش بيه.

من مجرد التعريف كده هنحس إن التنفيذ صعب، ويمكن أصعب من النسيان أو التجاهل، وده حقيقي جدًا، بس هو الحل الوحيد والدائم أكتر، لأنه بيبقى مبني على الاقتناع، وفيه حاجات لازم نعملها عشان نقدر نتجاوز ونكمل.

 

– ندى نفسنا الوقت الكافي نحزن ونغضب، ونثور على اللي حصل، ونطلع كل اللي جوانا، لأننا لو حاولنا نتجاهل الأمر ونعمل فيها جامدين وكأن مفيش حاجة حصلت، مع مرور الوقت ممكن جدًا ننهار على أول حاجة تافهة تحصلنا.

 

– إننا نصدق اللي حصل مهما كان صعب علينا استيعابه، ومهما كان عقلنا رافضه. ساعات كتير رفضنا إننا نشوف الحقيقة وإن فعلاً الشخص ده اتخلى عننا أو أذانا أو مبقاش موجود معانا، أو إننا نمر بموقف صعب مكناش متخيلين أبدًا إننا نمر بيه، بيصعب علينا إننا نقدر نتجاوز ونتعايش أكتر.

 

– منحمِّلش نفسنا نتيجة اللي حصل، ونقول ما أنا يمكن لو كنت عملت كذا مكانش كل ده حصل، يمكن لو كنت عافرت شوية زيادة كانت النهاية اتغيرت، طيب مش يمكن أنا اللي غلطت؟

كل ده مش هيفيد ولا هيغير حاجة من اللي حصل، لأنه كده كده كان هيحصل، ولو افترضنا إننا مسؤولين عن النتيجة اللي وصلنالها بشكل أو بآخر، فالندم والبكاء على اللبن المسكوب مش هيفيدنا بأي حاجة، بالعكس، ده هيصعب الموضوع علينا أكتر.

 

– نشوف مميزاتنا ونقط قوتنا ونقدر قيمة نفسنا، نشوف الجوانب الحلوة في حياتنا، ونفكر إزاي نحافظ عليها وعلى وجودها.

 

– نملى وقتنا بالحاجات اللي بنحبها، نقرأ، نسافر، نشتغل، نخلق ذكريات جديدة. وقت الفراغ هو أكتر حاجة بتصعَّب علينا أي شعور أو وجع صعب بنمر بيه، بتخلينا بنفكر فيه طول الوقت.

 

– نطلب الدعم من اللي حوالينا، أهلنا وأصحابنا، نخليهم يشيلوا معانا ويساعدونا، وطبعًا نلجأ لربنا سبحانه وتعالى، وندعيه إنه يقوينا نعدي ونتجاوز.

 

متخلوهاش تقفل معاكم إنكم لازم تنسوا وكأنه نوع من أنواع الانتصار، بالعكس، الانتصار الحقيقي إنكم تتخطوا وتتجاوزوا وتكملوا، وتتعايشوا مع كل الصدمات اللي حصلت، وتبقوا متوقعين إنها ممكن تحصل تاني، وبرضو وقتها هتقدروا تتجاوزوها وإنتم أقوى من دلوقتي.

 

التجاوز هو التصالح مع الماضي والأحداث اللي وجعتنا

 

المقالة السابقةأجمل افكار لزينة رمضان سهلة بالورق والفوم
المقالة القادمةإليك قائمة مشتريات رمضان للبيت والمطبخ، من السوبر ماركت ومحلات المواد الغذائية
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا