“ريحة رمضان” الكلمة دي ناس كتير عارفة معناها كويس، بيستنوها من السنة للسنة، لأن الأيام فعلاً ليها روايح بتدخل القلب تخلي الروح في عالم تاني، “ريحة رمضان” بتيجي مع دخول الشهر، رفرفة الزينة في الشوارع، موجات الهدوء الغريبة اللي بتسيطر على الشوارع فجأة، لكن كل ده بيروح بمجرد دخول الشهر، وفعلاً شوفت أصدقاء كتير ليَّ بيتكلموا عن “ريحة رمضان” اللي معادوش بيشموها، وروح رمضان اللي مبقوش بيحسوا بيها، والحقيقة إن العيب مش في الشهر الكريم، لكن في حاجات كتير أصبحت عادات بتضيَّع كل حاجة من الأيام المفترجة.
لذلك قررت أكتبلكم عن سبع حاجات ممكن تساعدكم إلى حد كبير إنكم تخرجوا من الشهر بمعناه الحقيقي “الصيام”، وترجعوا خلال أيامه الاستثنائية للروح والريحة اللي مفتقدينها.
صيام مش بس عن الأكل والشرب والشهوات، لكن كمان عن كل المغريات اللي بنضيع فيها أوقات طويلة جدًا وبتسحب وقتنا، رمضان هو أنسب وقت للـ”ديتوكس” سواء للجسم أو للروح.
اقفلي التليفزيون
طبعًا ده قرار مش سهل، لكنه سحري جدًا، مفيش مسلسلات ولا برامج، مفيش فواصل إعلانية طويلة، مفيش شعور بالذنب، فيه “وقت” وده مش أي وقت، ده وقت عزيز جدًا مش بيتكرر غير من السنة للسنة، وقت قصير وبيمر بسرعة، واغتنامه مش بس بيعلي الدرجات عند ربنا، لكن كمان بيعلي درجة تقييمك لنفسك وإحساسك إنك تقدري تعملي أي حاجة، حتى لو كنتي هتسيبي اللي كل الناس بتعمله وتعملي حاجة مختلفة تمامًا.
لا راديو ولا سماعات
الملهيات كتير وموجودة طول السنة، لكن رمضان مش طول السنة، من أول يوم في رمضان قررت إني مش هسمع أي حاجة، اللهم إلا إذاعة القرآن الكريم، مش من باب حلال وحرام، لكن من باب الاندماج في الحالة الروحانية وأعتقد إن الموضوع جايب نتيجة لطيفة جدًا، مفيش راديو مفيش استماع لأي حاجة على الموبايل سواء أغاني أو فيديو، ده بيساعدك أكتر تدخلي أجواء رمضان بجد.
انسي “فيسبوك”
فيسيوك أكتر حاجة بتاخد وقتنا في الشهر الكريم وفي غير الشهر الكريم. في مرة حاولت أحسب الوقت اللي بقضيه على هذا الاختراع القاتل، اكتشفت إني بقضي تلات أرباع يومي تقريبًا مبحلقة في الشاشة الأبيض في أزرق وبعمل سكرول داون فقط، بشوف مين قال إيه ومين عمل إيه، تاخدني صورة هنا واستيتوس هناك، أنفعل من موقف هنا وأتعصب من تلقيح حد على حد.. فيسبوك شارع مليان ناس، وجزء من برنامج الصيام النفسي إن الواحد يعتزل ما يؤذيه، ويعتزل الزحمة والصخب، سواء كان على أرض الواقع، أو في العالم الافتراضي.
طفي النور
آه والله مش بهزر، طفي النور على الأقل في المكان اللي إنتي فيه، واكتفي بإضاءة خفيفة، لو حسيتي إنك عاوزة تنامي فإنتي فعلاً تعبانة وبدأتي تسمعي جسمك.. نامي كويس، وخليكي برضو طافية النور، وبعيدة عن الصخب والملهيات. في الأجواء دي وبعد نوم كويس ووقت كافي بتلاقي نفسك ذهنك بدأ يصفى وتفكيرك أفضل، حاولي تراجعي نفسك إيه مضايقك، إيه اللي نفسك تعمليه، إيه اللي عملتيه ومش راضية عنه، وإيه اللي راضية عنه ونفسك تكرريه، اعتبري شهر رمضان بداية جديدة في حياتك، جسمك بينضف نفسه خلالها من السموم وعقلك بينضف نفسه من التشوّش.
افتحي الشباك
فيه لحظات سحرية في رمضان محدش بيحس بيها نهائي، ونادرًا ما حد بيفكر يتذوق اللحظات دي، هقولك سرهم عن تجربة: أجمل وقت تطلي فيه من الشباك هو وقت المدفع، الشمس بتغيب، الناس بتجري عشان تلحق بيوتها، الشارع فاضي، صوت الأذان، ريحة الجو، الحالة الروحانية والناس كلها ملمومة حوالين صواني الأكل، وإنتي واقفة سايبة نفسك للهوا يبوس خدك في لحظة مبتتعوضش أبدًا طول السنة، نفس اللحظة السحرية دي بتتكرر عند الفجر، بعد السحور خدي وقتك في البلكونة أو الشباك، غمضي عينيكي وحاولي تعيشي الأجواء الروحانية، ريحة الفجر في رمضان ليها طعم تاني، والكلام مع ربنا لوحدكم في جو هادي وطيب شيء عبقري.
كُلي قليل
المعدة حقيقي بيت الداء، الأكل فجأة لحظة الفطار وبكميات كبيرة بيعمل صدمة للجسم، نعاس على إرهاق على تعب على خمول، على حاجات كتير جدًا تعطلك عن الاستمتاع بأجواء الشهر الجميلة؛ كُلي قليل، كُلي بالراحة، كتري اللون الأخضر في طبقك، ابدئي بالشوربة وكُلي بهدوء واستمتاع، مش بس هتنطلقي، كمان هتخسي وتساعدي جسمك يخرج من الشهر “سعيد”.
استمتعي
فيه تفاصيل كتير في رمضان الناس بتعتبرها وقت ضايع وبيعملوها بملل وخنقة، لكن لو حسيتي بقيمتها هتعمليها باستمتاع وحب شديد، اهتمامك بابنك أو ابن أختك أو حتى طفل الجيران دي خدمة كبيرة ومحترمة فوق ما تتخيلي، مساعدتك لوالدتك، وقوفك في المطبخ تعملي أكل هيفطَّر ناس صايمة، تنضيف الشقة، نشر الغسيل، حتى شغلك اللي بتنزليه وإنتي مش قادرة تمشي من التعب أو الشعور بالضعف، لكن بتنجزيه على أفضل وجه، كل حاجة بتعمليها مش تضييع وقت ولا عبء، دي خدمة جليلة ليكي ولناس صايمة أكيد بتاخدي ثوابهم، وفي وسط ما بتشتغلي لو فكرتي بالطريقة دي هتحسي بسعادة استثنائية، الخير في رمضان مش بس تبرعات وأعمال خيرية للفقراء، الخير كمان بيشمل البر بأهل البيت واللي حواليكي بابتسامة جميلة وصبر على المواقف الصعبة وإيمان عميق إن ربنا مقدر كل صغيرة وكبيرة بتحصل.