الأحضان أو العناق المرغوب علاقة متبادلة لتدفق الحب بين الطرفين. هي أوقات قصيرة لكن تُصنع فيها الذكريات الجميلة وتحتفظ لنا بلحظات لا تنسى، بل تستحق التذكر.

فوائد الحضن.

فعند العناق والاحتضان يدرك الشخصين الراحة والدفء، فهناك قيمة متساوية في العطاء والتلقي، ووفقًا لأحدث دراسة أمريكية أجريت على 38 زوجًا من النساء والرجال، فإن الاحتضان والعناق المرغوب من الطرفين يؤدي إلى ازدياد مستويات هرمون الأوكسيتوسين، الذي يسمى “هرمون الارتباط”، فيقلل من ارتفاع ضغط الدم، الأمر الذي يقلل من مخاطر التعرض لأمراض القلب.

فوائد الحضن للمراة والرجل

قالت لي صديقتي عن الاحتضان يومًا بحزن: “إن أمي -رحمها الله- لم تكن تعرف لغة العناق والاحتضان. فهي لم تحضنني قط، ولا أتذكر في طفولتي أنها فعلت ذلك. فقط عندما كبرت والتحقت بالجامعة، أتذكر يومًا كان هناك موقف فيه شجار حاد بيني وبين أبي انفَعَلت فيه جدًا وكنت فيه على حق، فذهبت إلى غرفتي وجلست غاضبة أبكي، فجاءت أمي لتخفف عني، فقط ربتت على ظهري بلطف ووضعت قبلة رقيقة على جبيني. انتابتني الدهشة؛ لقد نسيت الموقف وانفعالي وغضبي من أبي وسألت أمي: هل أنتِ بخير؟! فقد كانت هذه المرة الأولى التي أشعر فيها بلمساتها الحانية ويدها تلمس جسدي برفق، كنت أتمنى يومها أن تضمني إلى صدرها وتحضني بقوة، لكنها لم تفعل. أثق أنها كانت تحبني جدًا، وأنا أعرف ذلك يقينًا، إلا أن التعبير بالاحتضان والتلامس الجسدي لم يكن في قاموسها، وعندما تزوجت عرفتُ مع زوجي روعة الأحضان وشعرت بكم الراحة والهدوء الذي ينتابني، فهو الآن يعوضني ما حرمت منه في طفولتي”.

ما قالته صديقتي هو حال كثيرين في مجتمعنا. فالكثير منا في طفولتهم لم يستمتعوا بدفء وأحضان والديهم. فنشئنا في جوع عاطفي، نظل نبحث كيف نشبعه عندما نكبر، ربما نجده في صديق أو حبيب، وربما لا نجده.

فوائد الحضن للأطفال

يحرص الأطباء حاليًا بعد الولادة مباشرة أن يضعوا الطفل على صدر أمه لتحتضنه، وأثبتت الدراسات أيضًا أن ذلك يهدئ الطفل ويقوي مناعته ويخفف بكائه، وقد نشرت منظمة اليونيسيف أهمية ملامسة الجسد بين الأم والطفل بعد الولادة.

فوائد العناق والاحتضان بين الاصدقاء

يساعد العناق بين لأصدقاء على إفراز الجسم لهرمون السعادة والذي يمنح المتعانقين الشعور بالرضى والبهجة، كما أنّ العناق يجعل الطرفين أكثر قدرة على التفكير بهدوء بعيداً عن العصبية والتوتر مما يساعد على تقبل الطرف الآخر والنظر للأمور بإيجابية.ويزيد المودة بين الأصدقاء ويعزز التقارب والحميمية.

تقول الدراسات إن الإنسان في حاجة إلى أربعة أحضان يوميًا ليبقى على قيد الحياة، وثمانية أحضان لتأهيل نفسه، واثني عشر حضنًا للنمو جيدًا. ومن فوائد الأحضان المرغوبة بين الزوجين:

فوائد الحضن للزوجين.

1- تخفيض ضغط الدم المرتفع وتقليل احتمالات الإصابة بأمراض القلب المزمنة.

2- المساعدة على النوم الهادئ، لأنه يساعد الجسم على الحفاظ على مستويات إفراز هرمون الكورتيزول بشكل طبيعي، والذي يزيد إفراز بكثرة عند الشعور بالتوتر والإجهاد.

3- الشعور بالراحة والسعادة والاسترخاء مهما كان عُمر الشخص، وهو الأمر الذي جعل بعض الأخصائيين النفسيين يلجؤون إلى الاعتماد في علاجهم لحالات معقدة من الاكتئاب على سلوك تبادل الأحضان وتشجيع الأزواج عليه. كما لجأ أيضًا بعض الخبراء في علاج بعض أنواع الإدمانات المختلفة، كالمخدرات والكحوليات والحلويات والدهون.

4- أثبتت أيضًا بعض الدراسات أنه يساعد كثيرًا في الاستشفاء وفي تسريع التئام الجروح.

5- كما يؤدي العناق المرغوب في الشعور بالحماية وبالأمان وتقليل الخوف، وهو شعور مهم للاستقرار النفسي والاجتماعي، الأمر الذي يساعد على رفع سقف التألق والنشاط. كما أن هذا السلوك يزيد من قوة الإنسان وطاقته وزيادة إبداعه، مما يجعله قادرًا على مواجهة مختلف تحديات الحياة بتفاؤل.

6- الشعور بالثقة في النفس، فالشخص المشبع نفسيًا لديه مستوى عالٍ من الثقة بالنفس والنجاح.

7- يعزز مناعة الجسم، فالجهاز المناعي للإنسان يتأثر بمدى سعادته وحالته النفسية، ولذلك فإن هرمونات مثل الأوكسيتوسين والأندروفين قادرة على تعزيز الجهاز المناعي وتحسين طرق التفكير الإيجابي للإنسان، مما يؤثر على المناعة إيجابيًا.

8- يزيد من الرغبة الجنسية والإشباع النفسي، فإذا داوم الزوجان على حضن ما قبل النوم، فمجرد التلامس بينهما حتى لو كانت اللمسات غير مثيرة تزيد من إفراز هرمون الدوبامين مرة بعد مرة، ولذلك ينصح الأطباء حديثي الزواج أو السيدات اللواتي يشكين من البرودة الجنسية بزيادة التلامس بينها وبين زوجها، فالضمة الحلوة والشعور بيدي شريك الحياة وهما تربتان على الظهر تشعر بالأمان الذي يزيد من الرغبة ويقويها.

9- الاحتضان المرغوب وسيلة قوية للتعبير عن الحب والقبول، وإحساس كل طرف بالآخر، فهي رسائل عاطفية قوية يعلن كل طرف فيها للآخر مدى قبوله له واحتوائه وشغفه، وهو أمر مهم في العلاقة الزوجية، يساعد على الترابط وتخفيف حدة الخلافات الزوجية.

10- تحسين حالة الذاكرة، لأنه يساعد على التوازن العصبي. ويقلل التوتر ويزيد الصحة النفسية.

اقرئي أيضًا: سبع اساطير عن الحب

فوائد التقبيل مع الاحتضان

يشجع الأطباء أيضا أن يصاحب الاحتضان بين الزوجين التقبيل ولا سيما تقبيل الشفايفحيث ثبت علميا ان تقبيل الشفايف بين الازواج يزيد من هرمونات السعادة ويقلل التوتر والقلق وتزيد المناعة

وتلمع في ذاكرتي الآن مقولة “يسرية” عن الحضن في فيلم “أحلى الأوقات”:

“الست لما بتتحضن حضن بجد، بتحس إنها ست فعلاً.. حاجة صغيرة كده وضعيفة بس مالكة كل حاجة، عشان كده الستات بعد الجواز بيقلبوا رجالة، عارفين ليه؟ عشان الرجالة المتجوزين مبيعرفوش يحضنوا”.

هذه الجمل البسيطة في الفيلم تعبر فعلاً عن احتياج حقيقي لكثير من المتزوجين، احتياج لأحضان حقيقية مرغوبة تذوب فيها كل الحواجز وتتلاقى الأرواح وتُشفى فيها النفوس وتلتئم فيها الجراح. قد لا ترى وجه الشريك لكن يلتقي القلب بالقلب وتذوب النفس مع النفس وتهدأ الأراوح، يقول كل طرف للآخر أنا هنا، أنا بجانبك، أنا قريب جدًا منك، أشعر بك، أسمع دقات قلبك. تشعر الزوجة بالاحتواء والأمان والطمأنينة، ويشعر الرجل بالقوة والهدوء والراحة.

تخيل شكل علاقتك مع شريك الحياة إن فعَّلت فيها الأحضان الحقيقية الصادقة كما قالت “يسرية” (حضن بجد).

تخيل لو مارسنا الأحضان الصادقة مع أولادنا وبناتنا، مع عبارات “أنتِ جميلة، أنت رائع، أنا أحبك، سوف تنجح، لا تخف، أنا هنا، أنت مهم جدًا لي”، وكم التشجيع والدعم النفسي والحنان الذي سوف يصلهم منا، وكم المخاوف والقلق الذي سوف يزول. وكم الإحساس بالحب والقبول الذي سيغمرهم. فللأحضان الصادقة المرغوبة قوة كبيرة، فانتهزوا كل فرصة للتعبير بالأحضان، فهي بالفعل شافية مليئة بالفوائد، ليست فقط عشرة بل عشرات وعشرات.

المصادر:

7 فوائد لتبادل العناق والأحضان بين الزوجين

كيف أعبر عن حبي لشخص؟

ما هي فوائد الاحتضان الصحية والنفسية؟

ماذا تعرفين عن فوائد الاحتضان الصحية والنفسية

لماذا تفضل المرأة العناق؟