تعثر على الدعم أم من يدعمك.. عن أيهما تبحث؟

1590

 

بقلم/ سلمى أسامة

 

كثيرًا ما أجد حولي من لا يستجيب لأي دعم يُقدَّم له، بل يبحث دائمًا عن ضالته في شخص بالتحديد هو وحده المناسب من وجهة نظره، الذي يقوم بهذا الدور.. ولكن في معظم الأحيان نجد هذا الدعم من أشخاص غرباء يتفهمون ما نمر به، حتى وإن لم يكونوا مروا بنفس التجربة، ولكن هذه طبيعة الحياة، أن تفاجئك بأن في باطنها الكثير، وكلما اعتقدت أنك ألممت بكل أنواع البشر وحاولت بقدر جهدك أن تحيط نفسك فقط بمن يفهمك في مختلف التجارب والمواقف تجد أنك ما زلت في حاجة لغيرهم.

 

ولعل مشاهدتي مؤخرًا لفيلم “روما” جعلتني أفكر في مسألة الدعم، وبمن يقدمه ولمن. ولعل الزمن التي تدور فيه أحداث الفيلم يختلف كثيرًا عن أيامنا هذه، ولكن بعيدًا عن أحداث الفيلم، وفي أبسط أمورنا الحياتية، فمثلاً تختار العديد من النساء عند متابعة حملها أو إجراء عملية الولادة أن يتولى هذه المهمة أبناء الجنس الآخر من الأطباء الرجال، اعتقادًا منهن أن الرجال في هذا المجال يشعرون باحتياجاتهن وآلامهن أكثر، حتى من بنات جنسهن اللواتي بحكم الواقع أكثر علمًا بطبيعة أجسامهن.

 

وهنا نجد التناقض التام، فمن المفترض أن بنات جنسك اللاتي مررن بتجربة الحمل والولادة سيكونن بالأكيد هن الأقرب لك. ولكنك تجد نساء كثيرات لا يجدن الدعم المناسب من الطبيبات في هذا المجال، لذلك تتابع المرأة عند طبيب ذكر وتناقض فطرتها، فقط من أجل أن تجد الراحة والدعم في أشد الأوقات صعوبة على المرأة في حياتها. ودعونا لا نتطرق إلى أيهما أكثر خبرة، فنحن هنا لا نتحدث عن مقارنات من هذا النوع.

 

بالطبع لا يرتبط الجنس أو صلة القرابة بوجود دعم من عدمه، بمعنى أصح “إنت وحظك”.. من منا لا يحتاج إلى دعم؟! في أوقات كثيرة عندما يأتي الدعم لنا من الغرباء أو ممن لا نتوقع منه فعل هذا يظل موقفه راسخًا في عقولنا أكثر من مواقف الآخرين، والحقيقة أرى أن الدهشة التي تصيبنا في هذه اللحظة تفوق دعم هذا الشخص نفسه، ولذلك يظل هذا الموقف عالقًا في ذاكرتنا لفترة طويلة.

 

ونتعجب كثيرًا عندما نجد أن الرجال يفضلون أن تكون أقرب صحبة لهم من النساء، والعكس بالعكس. ولكن من الممكن أن يكون سبب اختيارهم لهذه الصحبة هو بحثهم عن الدعم من منظور الجنس الآخر، بعدما لم يجده كل طرف في بني جنسه.. أنا على سبيل المثال عندما وجهت السؤال لنفسي: هل أبحث عن الدعم من فتاة مثلي أم من رجل؟ وجدت أن الأهم أن أجد الدعم عندما أحتاجه وليس ممن احتاجه.

 

الدعم هو الرؤية الأخرى لما نمر به من مواقف، كثير منا لا يتذكر النصائح التي تلقاها خلال المواقف الصعبة التي يمر بها. نعم، الدعم لا يشترط أن يكون في صورة نصيحة مُجدية، ففي الحقيقة، إن قدرتنا على تجاوز المواقف الصعبة لا يكون للنصائح الفضل الأول فيها، ولكن بالمُضي قُدُمًا في الحياة. في المقابل، هناك علاقات كثيرة لا تستمر بسبب عدم وجود أصحابها في الوقت الذي نحتاجهم فيه، وليس بسبب عدم تقديمهم نصائح لنا وقتها.

 

لذلك.. إذا أردت الاكتفاء بتقديم النصائح فهناك الكثير منها في كل مكان الآن، ولكن أن تجد من يساندك في الوقت المناسب كأنك امتلكت ما لا يمتلكه الكثيرون.

 

المهم أن أجد الدعم عندما أحتاجه وليس ممن احتاجه

 

المقالة السابقة10 فوائد للحضن، فوائد الحضن للرجال والنساء والأطفال
المقالة القادمةأحمد منيب يمدح ام العيال العشرية بالكلمات
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا