مجتمعنا طلع مش ذكوري

1188

انجي ابراهيم

تم نشرة في 03/02/2017

وقت القراءة : 4 دقيقة

 

فيه حاجة كنت مخبياها عليكم من فترة طويلة، بس جه وقت الاعتراف، إحنا مش عايشين في مجتمع ذكوري، عارفة إنها صدمة كبيرة، أنا نفسي اتصدمت لما فكرت فيها.. آه إحنا مش عايشين في مجتمع ذكوري خالص!

 

متخصصو علم الاجتماع وضعوا تعريف للمجتمع الذكوري، إنه “المجتمع الذي يقوم فيه الرجل بدور المحرك للأحداث، وهو المجتمع الذي يأخذ بوجهة النظر الذكورية كأساس لرؤية الإنسان للعالم والثقافة والتاريخ”، وبالتالي فالواحد لما يحاول يفكر في مجتمعنا من وجهة النظر دي هيكتشف فجأة إننا عايشين في مجتمع منقدرش نقول عليه ذكوري بضمير مرتاح، إنما نقدر نقول عليه مجتمع مشوَّه تمامًا، لا الراجل قادر يسيطر عليه، ولا الست قادرة تكون قوة فاعلة معترف بيها.

 

مجتمعنا ضاغط جدًا، بيظلم الست على طول الخط، إنما اللي مش ناس كتير معترفين بيه، إن مجتمعنا بيظلم الراجل كمان وبيطحنه تمامًا، يعني لو إحنا في مجتمع ذكوري فعلاً كنت هتلاقي الرجال مسيطرين على كل شيء، وقادر إنه يهمش مجهودات الستات طول الوقت. إحنا مجتمعنا كان كده فعلاً لحد فترة قريبة، لحد ما الست بقت -لضرورات الحياة ومتطلباتها- موجودة في كل شيء، وقايمة بمسؤوليات مساوية لمسؤوليات الراجل، فالمجتمع اتلخبط، عايز يفضل ذكوري ومسيطر عشان الوضع كان مريح جدًا، وفي نفس الوقت الحياة أصعب وأسرع من قدرة الرجال على مواكبته، فبقت حياتنا عبارة عن خناقة كبيرة ضاعت فيها ملامح المجتمع تمامًا، وبقينا زي اللي رقصوا ع السلم، لا الذكوريين شافوهم، ولا الطبيعيين اللي بيتَّسِموا بالمساواة سمعوهم.

 

صعب الكلام ومش مفهوم؟ خلينا نتكلم من نظرة أضيق شوية، وواقعية أكتر وبتتكرر يوميًا في حياتنا.

 

جوة كل بيت فيه راجل وست متعلمين تعليم متساوي وبيشتغلوا شغل متساوي وبيقبضوا نفس الفلوس، الحياة عاملة إزاي؟ الراجل طول الوقت شايف إنه راجل والمفروض كلمته/ رأيه/ وجهة نظره هي الصح. والست شايفة إنه مش أحسن منها في أي حاجة عشان يصمم إن هو لوحده يكون محرك الأحداث. طيب في الحالة دي مين الظالم ومين المظلوم؟

 

الراجل اتربَّى إنه لازم يمَّشي كلمته، الراجل مينفعش يتناقش، مراتك مينفعش تمشِّي كلمتها، الست عقلها قاصر، الست بتفكر بعواطفها وبالتالي حكمها على الأمور خاطئ في معظم الأحيان، لو بقيت طيب معاها هتستغل ده وتمحي شخصيتك، دخلك لازم يفضل سر، مراتك عايزة تستنزفك وتقصقص ريشك، مراتك نكدية، مراتك أنانية وعايزة تمص دمك، لازم تشكُمها وتعرَّفها إنك مش سهل.

 

أما الست فاتربت وبتتربى وبيتزرع في عقلها طول الوقت إن كل الرجالة خونة بالفطرة، لو ساعدتي جوزك هيتعود ويرمي عليكي الحمل كله، المثل بيقول “سيبيله إيدك ياكل دراعك”، جوزك عمره ما هيفَضَّلك على أهله، إنتي مجرد ماعون بيستخدمه الراجل عشان يقضي حاجاته البيولوجية والنفسية، ريَّحيه عشان بس تريحي دماغك، الست الشاطرة هي اللي بتعرف تفوِّت لجوزها طول الوقت، اعملي اللي إنتي عايزاه بس حسسيه إن الرأي رأيه والشورة شورته.

 

في رأيي الطرفين مظلومين في كل ده، المجتمع بيضغط طول الوقت ع الست عشان تحاول تحافظ على حقوقها، وبيضغط ع الراجل طول الوقت عشان يفضل محتفظ بتفرُّده ونصف ألوهيته المزعومة، ده ميتسماش مجتمع ذكوري، لأن المجتمع الذكوري فعلاً هو اللي بيدي الحقوق للراجل على طول الخط بدون تخويف من أي شريك محتمل في السلطة، واللي هو بالبداهة هيكون الست.

 

المجتمع الذكوري فعلاً هو اللي بيحط كل الواجبات والمسؤوليات على الراجل لوحده، وفي المقابل بيديله كل الحقوق الطبيعية وغير الطبيعية كمان، إنما المشكلة في مجتمعنا إنه بيشحن الراجل ضد الست وبيشحن الست الراجل، مجتمع بيمارس سلطاته ع الطرفين على حد سواء، وبيحط الواجبات والمسؤوليات ع الطرفين ويسيبهم يتخانقوا مع بعض في انتزاع حقوقهم.

 

العنف اللي بيوجهه المجتمع للبشر هو عنف موجَّه ناحية الطرفين، بياخد منهم سعادتهم قصاد منحهم بطولة زائفة ملهاش قيمة، الطرفين فيه مش سعدا، الطرفين مُعنَّفِين، بس طرف منهم مقتنع إنه بيتعرض للعنف على طول الخط وهو الستات، والطرف التاني مقتنع إنه مصدر للعنف طول الوقت وهو الرجالة.

 

آه إنت متعرض للعنف من المجتمع زي الستات بالظبط، المجتمع خد منك رجولتك الحقيقية واداك بدالها شوية كلام فارغ، مساهمش لحظة في إنه يمنحك السعادة، المجتمع المشوَّه أقنعك إنك لازم تقهر الست، تتحرش بيها عشان تبقى راجل، تشتم صحابك بأمهاتهم بس لما حد يردهالك تعجنه، تاخد فلوس مراتك خوفًا من إنها تشم نَفَسها. أقنعك إن الست الحقيقية هي اللي تحبك دون قيد أو شرط، تخدمك بعينيها وتقوم بكل واجباتها مهما كانت تعبانة، أقنعك إن شغلتك الوحيدة في الحياة إنك تبقى مكنة فلوس، وحتى دي مبتقدرش تعملها عشان إحنا عايشين في مجتمع ظالم مش مخليك قادر تكفي متطلبات الحياة.

 

إنت متخيل إنك عايش في مجتمع بيدي الأولوية للراجل عشان شوية شعارات اترددت لحد ما اقتنعت بيها، رغم إن المجتمع الذكوري الحقيقي بيهمِّش الست بس بيخليك قادر تتحكم في كل حاجة، في حين إنك مش متحكم في أي حاجة بالفعل، وكمان خد منك رفاهية إنك تحس إن لك شريك يساندك، فالواقع بقى قاسي عليكم إنتم الاتنين، هي بتتعب ومهمشة وإنت بتتعب ومطلوب منك تتعب أكتر عشان تقدر تستمر في تهميشها.

 

المجتمع الذكوري الحقيقي ع الأقل هيهمش الست بس وهو بيقنعها إنها ملكة مُتوَّجة، مش مطلوب منها تعمل أي حاجة، هي مستقبِل على طول الخط، إنما مجتمعنا المشوَّه غير الذكوري بالمرة بيطالب الست بالشقا وكمان ترضى بده وتوافق تكون في الضل.

 

طب بذمتك إنت راضي عن الأوضاع دي؟ مرتاح فيها؟ والأهم، حاسس إنك سعيد؟ مفتكرش.

 

هتكون سعيد أكتر لو تخليت عن الأفكار المشوهة وآمنت إنك مضحوك عليك وحاولت تغير وضعك، لو حاولت تشيل ظلم المجتمع من عليك وتحاول تكون شريك فعَّال وتقلل تصرفاتك المسيطرة وتاخد ثقة في نفسك إن رجولتك كفاية من غير أي سلطة مزيفة، وإن شريكتك في المجتمع والبيت دي هتحبك أكتر وإنت شريك مش وإنت رئيس، هتكون سعيد أكتر لو حاولت تقاوم العنف الواقع عليك وتفهم إن سعادتك أهم من سلطتك وإن خضوع الطرف التاني لك شيء مش حقيقي، ومش هيخليك بطل، بالعكس، هتبقى بعبع وعدم وجودك أفضل وأريح.

 

إنت هتكون سعيد أكتر لو قاومت العنف، زي الست بالظبط اللي لما بترفض العنف الواقع عليها بتزهر وبترتاح نفسيًا وتبقى أقدر على مواجهة ضغوط الحياة، إنت كمان عندك فرصة تدي نفسك وروحك مساحة أكبر لتقبل الضغوط وتتحرر من القيود اللي مضايقاك قبل ما تكون مضايقاها.

 

الحياة صعبة في المجمل، خصوصًا في مجتمعنا الضاغط، والهدف الأول من الشراكة هو السند والدعم مش المناطحة والحرب، الحرب لازم يخرج منها طرف خسران، إنما الشراكة الطرفين بيعيشوها كسبانين ومش مستنزفين.

المقالة السابقةكيف اشتري بنطلون جينز؟ 7 نصائح لكل بنت لاختيار الجينز مناسب
المقالة القادمةالرجولة الحقيقية ليست مسبة
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا