سوبر ميرو.. في محبة الضحك الصافي

706

 

سارة عابدين

في البداية سمعت صوتها عندما قامت بأداء صوتي للابن الأصغر في مسلسل “عائلة الأستاذ أمين”. أحببت أداءها الصوتي الطفولي المميز، ولم تكن ظهرت على الشاشة بعد، لكني عرفت من تتر المقدمة أنها إيمي سمير غانم. نسيتها لسنوات حتى لمحتها بالصدفة في مشهد من فيلم “بلبل حيران” في دور “الدكتورة أمل”، ثم في فيلم “عسل اسود” في دور “ميرفت”.

 

بحثت على يوتيوب على مشاهدها في الفيلم منفصلة، خصوصًا مشهد شجارها الكوميدي مع أحمد حلمي في “الكيلاس”، وكنت أضحك أنا وبناتي من القلب في كل مرة نشاهد فيها مشاهد إيمي سمير غانم.

 

أصبحنا كأسرة بيج فانز لإيمي ونبحث عنها وننتظرها، ونُحمل أفلامها ومشاهدها، وكانت المفاجأة الجميلة في مسلسل “هبة رجل الغراب”. كان المسلسل متخمًا بالشخصيات والأبطال، لكننا كنا ننتظر مشاهدها لنضحك، وبعده كانت المفاجأة الأجمل وهي مسلسل “نيللي وشريهان”، بكل ما فيه من تنوع وكوميديا لطيفة ممتعة.

 

من قبل رمضان ونحن ننتظر “سوبر ميرو”. أعادني التتر -شخصيًا- إلى طفولتي الثمانينية، من الموسيقى الملحمية في بدايته، التي ذكرتني بسبيس تون وكابتن ماجد ومازنجر، وشكل “سوبر ميرو” ببدلتها الخارقة، ذكرتني بمسلسل الأبطال الخارقون الملونون، خصوصًا مع التصميم الكرتوني البسيط، وشرارات الإضاءات الملونة، وموسيقى وأغنية التتر التي كتبها أيمن بهجت قمر، وغناها الليثي والتي جعلته يبدو كمسلسل قديم عرض منذ سنوات. للحظة تخيلت أن المسلسل يمكن أن يكون مسلسل كارتون مصري بأجزاء متعددة، بنفس تصميم الشخصيات الذي ظهر في التتر، وبعد متابعتي للحلقات تأكدت من إمكانية تحويل الفكرة إلى كرتون طفولي لطيف.

 

لا أنكر أن فكرة الفتاة المستضعفة، المهمشة، التي يسخر منها الجميع، ولا تجد الخلاص إلا أثناء النوم، هي فكرة وحبكة قديمة ومكررة ومستهلكة، في السينما والدراما بأشكال مختلفة، حتى أنني يمكن أن أتخيل باقي حلقات المسلسل وأخمن أحداثه الرئيسية، لكن هذا لا يمنع الاستمتاع أثناء المشاهدة.

 

بالإضافة إلى إيمي سمير غانم، أحب الفنان حمدي الميرغني منذ دوره في مسلسل “في اللالا لاند”، وأراه فنانًا كوميديًا حقيقيًا بدون افتعال أو مبالغة، وأنتظر مشاهده في كل مسلسل، وهو لم يخذلني كمشاهدة هذه المرة أيضًا في دور “هدهد فخر العرب”، المخترع الفاشل، صاحب الانفجارات، الواثق من نجاحه، الذي يشعر بالاضطهاد من الجميع، ويحاول إثبات نجاحه عن طريق شخصية “سوبر ميرو” التي اختلقها لتحقق له النجومية، ويشعر من خلالها بأهمية وجوده.

 

اختيار اسمه “هدهد فخر العرب” موفق جدًا، وأظن أنه سيبقى عالقًا في ذهن المشاهدين، بالإضافة إلى المشاهد التي يقدمها مع “سوبر ميرو” وهي تمثل أنها روبوت أمام الفنانة سلوى عثمان. هذه المشاهد تمثل لي متعة خالصة وضحكًا يستمر كلما تذكرت المشاهد.

 

المفاجأة الأجمل كانت ظهور الفنانة أنعام سالوسة في دور زعيمة العصابة، بعد أن اعتدنا عليها في دور الأم أو الجدة، تظهر بشكل جديد تمامًا، لكننها تؤديه بجدية تامة حتى تصل به إلى أعلى درجات الكوميديا.

 

المسلسل ترفيهي تمامًا، والترفيه يعتبر شكلاً من أشكال النشاط الذي يهم الجمهور، ويمنحه المتعة والبهجة، ويساعده على تخطي الأوقات الصعبة في الحياة. على الرغم من أن هناك أشكالاً مختلفة للترفيه، التي ربما تجذب كل شخص، لكن تبقى وسائل الإعلام، من أهم هذه الأشكال.

 

لا يمكن أن يستمر الإنسان طوال الوقت في متابعة الدراما الهادفة العميقة، التي تحمل أفكارًا ورسائل ما ورائية لكل شخصية أو حدث. بشكل شخصي أحب أن أتابع الدراما الخفيفة الممتعة الكوميدية، لأن الحياة بها ما يكفي من التراجيديا، والحاجة إلى التفكير والتحليل، وأنا لا أزعم أني من متابعي الدراما والسنيما، لكني ببساطة أتابع ما تتابعه بناتي، وربما هذا ما جعل ذوقي ذوقًا طفوليًا يبحث عن المتعة البسيطة الخالصة دون أي اعتبارات فلسفية، لكنني كأم تحاول تطويع كل الأدوات حولها لترويض أطفالها، يمكنني أن أجد في فكرة الفتاة البسيطة العادية التي لا تمتلك أي قدرات خارقة فعليًا، مدخلاً مناسبًا للتحدث مع بناتي عن البطولة والشجاعة.

 

حاولت بالفعل أن أتحدث مع صغيرتَي، ثلاث سنوات وخمس سنوات، عن أهمية الشجاعة والدفاع عن النفس، بشكل غير مباشر، خصوصًا في مشاهد الحلقات الأولى، عندما ظهرت إيمي سمير غانم، طفلة في المدرسة تدافع عن زملائها الضعفاء، وتمنع الأشرار من التنمر بهم، والسطو على طعامهم وأدواتهم، لأن تلك المشاهد من المشاهد الأكثر تكرارًا في الشجارات المدرسية بالفعل.

 

ربما كانت بعض المشاهد كوميدية بالفعل، لكنها ترسخ للعنف بشكل ما، خصوصًا تلك المشاهد التي تقذف فيها البطلة الخارقة ما تجده أمامها للدفاع عن نفسها أو قضيتها، مثل الحلقة التي قابلت فيها يسرا اللوزي، وحاولتا معًا إنقاذ السوبرماركت عن طريق قذف برطمانات المربى وعلب الجبنة البيضاء. حتى لو لم أكن أبحث سوى عن الضحك، لكن مشاهد مثل هكذا، تمثل لي مشاهد رعب، خصوصًا إذا فكرت بناتي في التحول إلى بطلات خارقات عن طريق قذف محتويات الثلاجة، على بعضهن البعض.

 

لكن تلك الملاحظات لم تنغص مشاهدتي ولا استمتاعي بمسلسل “سوبر ميرو”، أو بأداء فريق العمل بشكل كامل، الذي رسم ابتسامة جميلة على وجوهنا حتى الآن، حتى أنني وضعت موسيقى التتر الخاص به كنغمة لموبايلي.

 

أعادني التتر إلى طفولتي الثمانينية بالموسيقى الملحمية

 

المقالة السابقةاحذري الرسائل المزيفة في الإعلانات
المقالة القادمةمسلسل زي الشمس ولعنة سيزيف

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا