احذري الرسائل المزيفة في الإعلانات

622

 

نورا مكرم

 

أكلك يا سيدتي سيئ بدون هذه الزبدة، وليس له طعم بدون هذه التتبيلة، وحياتك الأسرية مهددة بدونها، لو استخدمتِها زوجك لن يخرج من المنزل ولن ينظر لأحد غيرك. وسوف تتفوقين على أكل حماتك. وتغيظينها.

 

الجوازة لن تتم إلا بكل الأجهزة المنزلية. بدون فنجان القهوة لن تستطيع التركيز، ليس هذا فقط، لكنك أيضًا مرهق وتعبان ولا تستطيع أن تكمل شغلك. هذا الزبادي سوف يساعدك أن تهضم الأكل الكثير الذي تناولته، ليس هذا فقط، لكنه سيريح معدتك أيضًا.

 

المرأة هي المسؤولة وحدها عن شغل البيت، والكل منتظر الأكل، المرأة عادة حائرة وضعيفة أمام مشكلات البيت، وبقع الغسيل التي تعجز دائمًا عن إزالتها دون المسحوق السوبر، ونقطة سائل الغسيل الجبارة التي تنظف كل الأواني في لحظة في طرفة عين وتذيب كل الدهون.

 

هذا الكريم سيجعل بشرتك أفتح، وبذلك تصبحين جميلة، لأن البشرة الفاتحة أجمل من السمراء وهذا لكي تعجبي زوجك طبعًا، وكل البنات سيغِرن منك، وهذا هو الإنجاز الكبير، ومقاييس الجمال في بياض البشرة والشعر الناعم والقوام الممشوق الذي يشبه الدمية “باربي”.

 

تسعى المرأة دائمًا لتجميل نفسها لجذب الرجل. وينجذب الرجال دون وعي ولا تفكير للمرأة الجميلة أو للأكل. البنت الممتلئة مثيرة للسخرية، ومصدر للفكاهة والضحك والكوميديا. الأطباء في الغالب ذكور والنساء ممرضات. الأولاد في صحبة بابا والبنات يساعدن ماما في المطبخ. الشوكولاته تجلك تنسى حتى نفسك. الأكل السريع شكله حلو ورخيص وأشهى من أكل البيت. وهذا المشروب منعش ويعطيك جوانح. هذا الزيت يطيل شعرك ويرفع ثقتك بنفسك وتنجحين في عملك. لن تسعد إلا في هذه الفيلات الجميلة المحاطة بالأشجار وملحقة بحمامات سباحة، والتي لن تستطيع الوصول إليها، وذلك لأنها فوق إمكاناتك بمراحل.

 

***

كل هذه رسائل مزيفة، تخلط الحقائق وترسخ قيمًا مغلوطة غير حقيقية، تصلك من خلال الإعلانات، تؤكد مبادئ خاطئة وتعمقها في داخل أذهان المشاهدين. كبارًا وصغارًا نساء ومراهقين.

 

رسائل بعضها يُحَقِّر من قيمة المرأة، ويُظهرها كسلعة وهدف ضعيفة قليلة الحيلة تسعى دائمًا لإرضاء الآخرين وتبذل جهدها كل يوم فقط لتنال نظرات الرضا من زوجها وحماتها والآخرين.

رسائل تلعب على أذهان الكبار والصغار، وكل الهدف هو التأثير لتحويلهم إلى مستهلكين ودفعهم للقيام بعمل أو سلوك مقصود ومحدد بواقع المجتمع يريده مروجو المنتجات وأصحاب الشركات بهدف الاستفادة القصوى، بغض النظر عن مدى صحة هذه الرسالة أو فائدتها للمجتمع. فنجد إقبالاً كبيرًا على الاستهلاك بسبب التأثير الكبير من قبل وسائل الإعلام في العصر الحالي.

 

لقد تطورت أساليب المعلنين، مع تطور التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، وتنافست الشركات وأصبح الإعلان يعتمد على دراسات نفسية تؤثر في عقلية المشاهد، وتجعله يقوم بردة الفعل المطلوبة دون وعي منه.

 

يعلق الخبير الاجتماعي الدكتور عبد الفتاح بدور، بأن من أكبر الإشكاليات التي يخلقها الإعلان في واقع المجتمع هو إيجاد نماذج وقدوات غير سوية يتبعها كثير من المراهقين، إذ أن معظم وسائل الإعلان تركز على جوانب محددة في معايير الجمال والذكاء والقبول الاجتماعي، مما يدفع كثير من الناس إلى تبنِّي تلك القيم كأهداف ينبغي الوصول إليها، لتحقيق الكمال والسعادة وفق ما تروج له وسائل الإعلام.

 

من ناحية أخرى تروِّج بعض الإعلانات لثقافة استهلاكية، نجدها في العروض التي تملأ الأسواق، وهي في الحقيقة عروض وهمية بأسعارها الحقيقية.

 

يقول الكاتب جمال بنون إن استهلاك الأسر في شهر رمضان في العالم الإسلامي يعادل أربعة أشهر في معدل الاستهلاك والقوة الشرائية. لافتًا إلى استغلال بعض الشركات لشهر رمضان المبارك، ورفعها أسعار المواد الغذائية من 15 إلى 20%. وقال: إن المستهلك لا يشعر بارتفاع الأسعار، لأنها تتضمن عروضًا مغرية. وقدّر نسبة الطلب على المواد الغذائية والاستهلاكية في شهر رمضان بنسبة 200%.

 

***

نصائح حتى لا تخدعك تلك الرسائل:

– أثناء عرض الإعلانات ناقشيها مع أولادك، ودعيهم يكتشفون من خلال المناقشة ما هو حقيقي وما هو مزيف، ما يناسب ثقافتنا وما لا يناسب، حتى تخلقي فيهم العقلية الناقدة المختبرة التي لا تقبل المسلمات.

عندما يظهر إعلان يحمل أمورًا مبالغ فيها وضَّحي لهم أن هذا شو إعلامي، اعلني دائمًا الحقائق أمامهم. مثلاً يمكننا التخلي عن القهوة أو الشاي ونستطيع التركيز دونهما، لن تنبت لنا جوانح عند شرب أي مشروب، لن ننتعش أكثر بشرب المياه الغازية وشرب الماء أفيد وأصح، الأكلات السريعة ليست الأفضل لصحتكم.. وأكدي ذلك.

 

– ينصح المحلل الاقتصادي محمد البشري الأسر بعدم الاندفاع والشراء بكميات كبيرة، حتى عند توافر ما يسمى بالعروض الرمضانية، موضحًا أن الاندفاع لشراء كميات كبيرة سوف يؤدي إلى عواقب وخيمة، منها زيادة استهلاك الأسرة بشكل كبير، وقد يصل هذا الاستهلاك إلى التبذير والضغط بشكل كبير على ميزانية الأسرة خلال شهر رمضان.

 

– اسألي نفسك: هل هذا ضروي؟ هل أنا في احتياج حقيقي لهذه الكمية؟ هل يوجد عندي البديل؟ هل هناك مكان لتخزينه؟ ماذا عن تاريخ صلاحيته؟ هل يمكنني الاستغناء عنه؟

 

– لا تسرعي في شراء كل ما هو جديد لأولادك فور الإعلان عنه، وتناقشي مع أولادك إذا كان الأفضل لهم أم لا، وشجعي أولادك على الادِّخار.

 

– كوني قدوة لأولادك في الاستهلاك، فالصغار يقلدوننا بسهولة. والطفل هو أكثر فئة تتأثر بالإعلانات، فهي ترتبط بخياله، يعيش معها في أحلامه ويحاول أن يحول هذا الخيال إلى حقيقة، من خلال شراء المنتجات. كوني واعية لهذه النقطة.

 

– شجعي أولادك على الأنشطة المختلفة من رسم وقراءة ورياضة وموسيقى، فيقضون أوقاتًا بعيدًا عن التلفاز والإعلانات التي تسيطر على عقولهم.

 

وفي النهاية كوني واعية بما يدور حولك، اختبري كل شيء، ارفضي كل ما هو مزيف بالعقل، فكري ناقشي وتسوقي بذكاء، ادرسي احتياجاتك، ادرسي إمكانياتك ودخلك، وفري ودبري، ليس عيبًا بل ذكاء وشطارة، احذري الرسائل المزيفة التي هدفها الأول دفعك للاستهلاك.

 

مصادر:

https://tifloki.com/%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D9%88-%D8%A3%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D8%B1%D8%A7/

 

http://hayatouki.com/baby/content/2269449-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%A4%D8%AB%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%AC%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84%D8%9F

 

http://www.lahaonline.com/articles/view/36626.htm

 

نصائح حتى لا تخدعك تلك الرسائل

 

المقالة السابقةعن الاكتئاب والثقوب السوداء والحزن غير الأنيق
المقالة القادمةسوبر ميرو.. في محبة الضحك الصافي

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا