إنسان إلا ربع

663

لازم بقى أفكر أغيّر حياتي.. بس المشكلة إني بنت.. يعني حوالي عقدين من عمري مجتمعنا المبجّل بيعلّمني إن البنات مسؤولة دايمًا من حد تاني، بيحدد إقامتها، بيختارلها مستوى الـVolume حسب وجهة نظره، متحكم في شكلها ولبسها وعدد ساعات خروجها وطبيعة شغلها، ويمكن كمان بعد مجهود سنين دراسة يبقى صاحب قرار كونها تشتغل أو لأ.

 

ومن إيجابيات الأمر -حسب أصحاب النظرة دي- إنها كمان أما ترتكب ذنب مش بتتحاسب لوحدها، ده ولي أمرها بيتحاسب معاها، جوزها أو أبوها أو أخوها، ويمكن في المجتمعات المتواضعة خالها وعمها وولاد منطقتها، وده مبرر كافي لأي حد إنه يقول رأيه في شكل دنيتها؛ طبعا.. ده متصوّر إنه بيأدي فرض ربنا، أومال هي تعيش على مزاجها وهو يخش النار؟!

 

ده على اعتبار إنها إنسان إلا ربع، ناقص الأهلية غير قادر على أخذ القرارات الجادة، غير مؤهل حتى للسؤال يوم القيامة عن عمره فيمَ أفناه..

 

المهم يعدي العمر وأخرج للدنيا وجيت ف يوم وأنا رايحة مشوار تهت، وزاد وغطا إني اتعرّضت لمضايقات في الشارع وكان لازم أواجه لوحدي، فجأة ملقتش حد من الناس اللي هيتحاسبوا معايا دول، كان لازم عشان أتفادي عقدة أعيش بيها بقية عمري إني آخد حقي بنفسي.

 

تجربة القسم كانت تجربة صعبة بس كان لا بد منها، كان لازم أواجه لوحدي عشان يبقى عندي دليل مادي يفكرني دايما إني إنسان كامل قد المسؤولية.

 

لقيت إني أما بتحط في مشكلة محدش بيحوش عني ولا حد بيردلي كرامتي اللي انتهكت، أنا بعيش كسرة النفس كاملة، مش كسرة إلا ربع.. من غير الناس اللي هيتحاسبوا معايا.

 

مبقتش فاهمة، أنا إنسان كامل ولا إلا ربع ولازم حد ياخد باله مني؟!

طب هو من الإنصاف إني أكون إنسان إلا ربع وتتحكموا في حياتي عشان أنا ناقصة، ولما أواجه مشكلة أو أقابل ألم يكون ألم كامل مش ألم إلا ربع؟ 

 

قامت الثورة وصوّتنا على دستور وبرلمان ورئيس، واتأكدت ساعتها إن صوتي بيتحسب صوت كامل مش صوت إلا ربع، وإني كصاحبة قرار ورقتي في الصندوق بتحدد مصير أكبر دول المنطقة، تيجي إنت تقولّي مينفعش تبقي ساكنة في المعادي وشغلك في فيصل عشان الطريق وحش؟!

 

عزيزي الواحد الصحيح.. ربنا خلقني كاملة بقلب كامل ومخ كامل، مش هقبل بالأقل. منيش إنسان إلا ربع، أنا واحد صحيح.

 

المقالة السابقةاطلبى المساعدة ولا تخجلى
المقالة القادمةلسة بتاخد المصروف

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا