أو اطرحوه تنمرًا

629

 

بقلم/ ياسمين فتحي الريس

 

في الفترة الماضية تناولَت العديد من المؤسسات، كالمدارس والمنظمات الدولية، حملة “أنا ضد التنمر”، وانحصرت معظمها في طرح مفهوم التنمر في إطار السخرية من شكل أو عيب خلقي أو مظهر خارجي… إلخ بين طلاب المدارس مثلاً، ولم يتطرق الكثيرون إلى نوع من أنواع التنمر، لعله من أخطر الأنواع وأكثرها شيوعًا على الإطلاق، وأعني هنا التنمر داخل محيط الأسرة، وخصوصًا بالفتيات، والذي يمتد ويصبح أعنف في فترة المراهقة والشباب عن فترة الطفولة.

 

تنمر من نوع خاص يهدف إلى تحطيم الثقة بالنفس وزرع عقد النقص ويفضي إلى اتخاذ قرارات مصيرية خاطئة من قِبَل الضحية، للتخلص من تعامل محيطها الأسري معها، ويعتقد المتنمر أن ما يفعله هو في مصلحة الضحية أو خوفًا عليها، لكنه في واقع الأمر يدمرها، وإن كان دون قصد.

 

تجد الفتاة ما أن يتقدم شاب لخطبتها وتبدي مثلاً أن ليس لديها قبول له، تبدأ الأم في طرح جمل من أمثال “إنتي مفترية.. بكرة تندمي.. بتتنططي على إيه.. الراجل ميعيبوش حاجة.. ده جاهز وعنده شقته.. حد لاقي…”، ثم يكمل الأخ دوره كمتنمر من منطلق أنه الولد (خطأ تربوي فادح)، “إنتي فاكرة نفسك مين؟ شهادتك اللي فرحانة بيها دي على نفسك.. بليها واشربي ميتها.. مش هيتقدملك وزير” وعبارات من هذا القبيل انحصرت كلها في القالب المادي وليس لها أي علاقة باختيار فتاة حرة لشريك حياتها.

 

لا يتوقف التنمر عند الزواج فقط، وإن كان هو أشهر الأمثلة، بل يمتد إلى الحياة العلمية والعملية، الدراسات العليا والكورسات الخاصة والوظائف التي تحتاج سفرًا مثلاً أو وقتًا أطول خارج المنزل، حتى أبسط قرارات حياتها اليومية المعتادة.. أمور كلها تصب في بوتقة “البنت راحت أو جت ملهاش إلا بيت جوزها، لما تتجوزي ابقي اعملي اللي إنتي عايزاه”.

 

كل ما سبق يؤدي إلى رغبة غاضبة من الفتاة للتخلص من منزلها، واختيار خاطئ ومتعجل لشريك الحياة لعله المنجى، وتحطيم لأحلام وطموح وليد تحت وطأة الضغط النفسي، ثم تفيق الفتاة وسفينة أحلامها محطمة أمام محاكم الأسرة أو أمام استسلام لفشل الزيجة.

 

وفي استطلاعات للرأي واستقصاءات على وسائل التواصل الاجتماعي، وجد أن من أهم أسباب رغبة البنات في الزواج هو التخلص من ضغط الأهل واستجابة لمطالبهم في اللحاق بقطر الزواج، والهروب من شبح العنوسة الكاذب، والأمل في أن ذلك قد يخفف القيود التي تقع على الفتاة داخل بيت أهلها.

 

الآن.. حان الوقت.. إنها دعوة إيجابية لنشر ثقافة الاختلاف، ربما يكون لدى ابنك أو بنتك الكثير من العيوب، ولكنه أيضًا لديه من المزايا ما يحسده عليه الجميع، يحتاج فقط منك لدعم مزاياه والعمل على إخفاء عيوبه والتخلص منها، ولن يزيد تنمرك منه الطين إلا بلة! ازرع الثقة بإمكانياته، اجعل فتاتك تقدر نفسها ولا تجعلها تألف تقديم التنازلات. أنتم معشر الآباء القادرون على تصحيح تلك المفاهيم والأخطاء التربوية، أنتم من لديكم الاختيار.

قدروا وليدكم أو اطرحوه تنمرًا.

 

 

ولم يتطرق الكثيرون إلى أخطر أنواع التنمر وأكثرها شيوعًا

 

المقالة السابقةإلى ميس سعاد.. تنمرك دمرني
المقالة القادمةكابوس العنف ضد المرأة.. متى ينتهي؟!
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا