لعبة نيوتن: تربة صالحة للابتزاز العاطفي

1444

بقلم: رغدة شريف

كلنا معترفين بانبهارنا بكل شخصية في مسلسل “لعبة نيوتن” وإزاي اتجسدت الشخصيات دي بالحرفية دي اللي خليتنا نعيش معاهم بكل مشاعرنا، وكأننا عايشين معاهم حقيقي وهما جزء من حياتنا، ووقفنا كتير قدام نفسنا معاهم وفكرنا في ناس كتير حوالينا، وشفنا نفسنا شوية في “هنا” وشوية في “سارة”، ويمكن كمان في “أمينة”، إلا إني لازم أعترف قد إيه المسلسل موُتر ليّ جدًا من كٌتر ما شايفة فيه بوضوح نموذج الابتزاز العاطفي في أبهى صوره.

عن الابتزاز العاطفي

أبطال النموذج ده هما “حازم” و”مؤنس” و”بدر” اللي برضه متلغبطين وحياتهم مش مستقرة، لكن عدم استقرارهم النفسي ده كان سام جدًا لغيرهم مش ليهم لوحدهم. ابتزاز “حازم” لـ”هنا” طول فترة جوازهم لأنها بتخاف تعمل أي حاجة لوحدها، مبتفكرش تجرب أو تحاول لوحدها لكن بتستسلم لفكرة إنها ضعيفة ولوحدها مش هتعرف، يمكن متعودتش تشيل مسؤولية بنفسها، ويمكن قبل وجود “حازم” مكانش فيه اللي بيبني ثقتها بنفسها، وييجي بقي “حازم” بدل ما يستثمر فيها وفي بناء علاقة سوية معاها يكون فيها هو الشريك بالنصف، قرر إنه يكمل عليها، عجبه دور الراجل المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في العلاقة دي، وإن يكون معاه ست، أو نقدر نقول طفلة صغيرة بتلجأ له في كل حاجة، وهو حاططها في القالب الصغير ده ومش بيساعدها تطلع براه أو بيديها المساحة إنها تخرَج نفسها.

اقرأ أيضًا: الابتزاز العاطفي للزوجة والأبناء: أشكاله وطرق مواجهته

ابتزاز “مؤنس” لـ”هنا” في أصعب لحظة ممكن تمر أي ست بفقدان ابنها وهي لوحدها، وسط ما هي بتحارب عشان تثبت لنفسها ولعيلتها ولـ “حازم” جوزها إنها ست ناصحة وهتنجح في الخطة اللي كانوا حاطينها سوا وهتكملها لوحدها، وسط كل ده لقيت نفسها بتفقد ابنها، ابنها اللي جِه بعد تعب سنين كتير، وييجي بقى “مؤنس” يستغل حالتها دي بمنتهى الذكاء، ويقرر إنه يساعدها ويرجعلها ابنها وأول ما يبقي ابنها بين إيديه يطلب منها الجواز، باعتبار إنها أكيد مش هترفض وقتها.

ابتزاز “بدر” لـ”حازم” في أضعف حالاته، في وقت خوفه ورعبه بعد ما قتل “شاهين”، في نفس الوقت اللي مراته الحامل مسافرة ومش عارف يسافر لها ولا يرجعها، كان عنده فقدان للثقة في نفسه وفي سلطته اللي حس إنه فقدها على مراته اللي متعود إنها تنفذ كلامه من غير ما تفكر، وأقنعه “بدر” إنه يعمل حاجة مكانش يتخيل يعملها في حياته، ده طبعا مقابل شراكة ترجع له جزء من برستيجه اللي راح قدام نفسه، ومقابل إنه يغطي على موت “شاهين”.

كيف يؤثر الابتزاز العاطفي على حياتنا؟

وقفت كتير قدام “هنا”، وإزاي تكوينها النفسي كان بيسمح بكمية الاستغلال دي من كل اللي حواليها، وكل مرة تحاول تقوم وتثبت العكس بتقع في واحد أسوأ من اللي قبله، إزاي عينيها مش بتشوف الصورة الكاملة والحقيقية للموقف وللأشخاص غير بعد فترة كبيرة! الإجابة اللي لقيتها جوايا هو إحساسها بصغر النفس وإنها لوحدها ضعيفة، مش كفاية، مش هتقدر.. دي ست كل الرسايل اللي استقبلتها في حياتها عن نفسها سلبية بس، ودي كانت نقطة الضعف والمفتاح الرئيسي اللي استغله “مؤنس” في لقائهم الأول، ابتدي يمدحها ويقولها إنه شايفها قوية وإنسانة عنيدة وعندها إصرار، وأكيد ابنها هيكون فخور بيها.

اقرأ أيضًا: أنتِ غير كافية

المشاهد والشخصيات دي كلها موجودة حوالينا. أمثلة لأشخاص كتير فاقدين الثقة في نفسهم وفي قدراتهم، وأمثلة لأشخاص تانيين في حياتهم  بيستغلوهم وبيعرفوا يلعبوا على نقط ضعفهم ويبتزوهم عاطفيًا لممارسة سلطة معسولة متزوقة بالحب مرة وبالاهتمام مرة وبالخوف عليهم مرة.

لو كانت تجربة “هنا” في السفر لوحدها غيرت فيها حقيقي وفتحت عينيها على إمكانياتها وذكائها وحريتها اللي تستاهلها، مكانتش وقعت بسهولة في شباك “مؤنس”، لكن الواقع إن الثقة اللي ابتدت تكتسبها في نفسها كانت ظاهرية أو مزيفة ومخبية جواها نفس التراكمات اللي لسة مأثرة عليها.

الحياة مش سهلة، ده أكيد، وكلنا اتعرضنا في مرحلة ما للحظات ضعف واتعرضنا لناس خلونا نفقد ثقتنا بنفسنا أوقات، وفيه مننا اللي اتربي وهو شايف إنه لوحده مش هيقدر ولا هيعرف، لكن الأكيد برضو إن اكتشافنا لنفسنا الحقيقية والأجزاء غير السوية فينا واللي باظت بسبب كلام سلبي سمعناه عن نفسنا هو أول الطريق لإدراك إحنا حقيقي واقفين فين، هو أول الطريق اللي هيفتح عينينا على الناس اللي بيستغلونا وبيمارسوا سلطتهم علينا لمصالحهم الشخصية، فهنقدر نوقفهم ونوقف الابتزاز العاطفي اللي بيمارسوه علينا، نقدر نفهم ونوعي وناخد خطوات لقدام أول ما نكسر حاجز الخوف جوانا بشوية إصرار.

متسمحوش للناس تشوه صورتكم عن نفسكم، كلنا غاليين قوي.

المقالة السابقةمواصفات فارس الأحلام
المقالة القادمةخلي بالك من زيزي: كيف يمكن للفن أن يغير العالم؟
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا