كيف تمنح طفلك شعور الأمان

1890

بقلم: إسراء حسني

من كام يوم قرأت مقال بيتكلم عن نظرية  التعلق  لـ”جون بوليي” و كان بيقول فيه إن الطفل بيستخدم علاقة الثقة اللي بينه وبين الشخص اللي بيمنحه الحب والرعاية والاهتمام كـ”قاعدة آمنة” عشان يستكشف من خلالها العالم الخارجي. بمعني إن تعلقه بالشخص ده بيمثل  التوازن بين حاجته إلى الشعور بالأمان والاطمئنان، وحاجته لاكتشاف محيطه، وإن الطفل يستحيل يستكشف مكان جديد غير لما يتأكد إن فيه “قاعدة آمنة” موجودة يقدر يرجعلها لما يحس إنه خايف أو محتاج للحماية.

بدأت ألاحظ الموضوع ده فعلاً مع “غزل” لما بنروح أي مكان جديد، بتفضل ماسكة في “آلاء” لو كانت موجودة أو تمسك فيَّ وترفض تروح لأي حد بسهولة، وبمرور الوقت تنزل من على رجلي وتفضل واقفة جنبي تبصلي وبعدين تمشي حبة وترجعلي تاني، وكأنها بتضمن وجودي لحد ما تكتشف المكان اللي إحنا فيه.

في آخر المقال كان مكتوب توصية إن إحنا نشجع أطفالنا يستكشفوا الدنيا حواليهم بنفسهم طالما مفيش حاجة هتؤذيهم، لأن ده هيخلي خيال الطفل ينطلق وينمو بشكل سليم.

المقال كان مستخدم جمل بسمعها كتيير فعلاً بيقولها الأهالي لأطفالهم عشان ميتحركوش من أماكنهم زي “أنا خايف عليك، أصل مفيش حاجة هناك، خليك هنا واعمل اللي إنت عاوزه، هجيبلك اللعب اللي هناك هنا” وغيرها من الجمل اللي كنت بشوفها عادية، بس اكتشفت إنها بتخلي الطفل يفضَل إنه يفقتد رغبته في الاستكشاف (واللي هي جزء منه وشيء ضروري في مرحلة تكوينه) على إنه يفقد الشخص اللي متعلق بيه وبيمثله الأمان، هيفضَل إنه يفقد حريته وحرية الحركة على إنه يفقد وجود الشخص ده جنبه.

اقرئي أيضًا: أجمل كلام عن طفل صغير، أجمل عبارات عن الأطفال

المقال كان بيوصف الطفل ده بإنه لما يكبر هيفضل مريض بالقلق، عنده عقدة التعلق، مش هيعرف امتى يبعد عن اللي بيحبهم عشان يشوف حياته ويسكتشف دنيته، وامتى يفضل جنبهم.

الطفل ده ممكن لما يوصل لسن أكبر شوية يروح يكتشف الحاجات المحيطة بيه، بس مهما يروح مش هيبعد، لأنه هيفضل يأنب نفسه ويتساءل هل أهله هيزعلوا منه؟ هل هيضربوه؟ هيفضل عنده عقدة الذنب، ذنب حب الاسكتشاف الفطري.

المسافة بين حب الأطفال للاستكشاف ورغبتهم في وجود قاعدة آمنة، هي مسافة مقدسة جدًا، متبوظوهاش باسم الحب أو الخوف عليهم، المسافة دي هي اللي هتحميهم في المستقبل وتعلمهم إزاي يحبوا وميخسروش نفسهم، المسافة دي هي اللي هتخلي حبهم للدنيا يستمر لأنهم لسة عايزين يشوفوا ويعرفوا متقتلوش شغفهم ونموهم السليم بمخاوفكم.

متخليش أطفالك يكبروا وهما دايمًا في مفاوضات (حتى وإن مأفصحوش عنها)، متخلوهمش يكبروا وهما دايمًا بيقدموا تنازلات قدام كل حاجة عايزينها، يتنازلوا عن حريتهم عشان الآمن، ويتنازلوا عن راحتهم عشان الحب، ويتنازلوا عن نجاحهم عشان الناس، ويفضلوا دايمًا مُخيرين في أحب الأشياء ليهم.

خلوهم يروحوا يستكشفوا وهما ضامنين إن اللي بيحبوهم معاهم مهما يبعدوا، وإنهم هيساعدوهم من غير تأنيب لما يحتاجوهم. وإنهم مش مضطرين يقضوا حياتهم مساومات. باختصار خلوهو يطلعوا أسوياء.

المقالة السابقةلا تلقي المعروف في سلة القمامة
المقالة القادمةالابتزاز العاطفي للزوجة والأبناء: أشكاله وطرق مواجهته
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا