ما بين تراب الفرن وختان الإناث

1705

بقلم/ دينايسري

 

ليس لديّ تجربة شخصية لأتحدث عنها، وأدين بالكثير لأبي، الذي طالما رن كلامه في أذني كثيرًا “أنا ضد ختان البنات”. تلك الأولى، أما الثانية فهي عندما تزوجت وحملت وكنت في شهوري الأولى في الحمل ولم نعرف جنس المولود بعد، وقالت قريبة لي “ميفرقش معانا جنس المولود.. سواء ولد أو بنت سيخوض التجربة”.

 

حينها لم تهتز لي شعرة واحدة، فكنت على تمام الثقة أنها لو كانت أنثى لن يلمسها أحد، خصوصًا أنها محظوظة بأب يحمل نفس وجهة النظر. وعندما ولدته ذكرًا وأخذته لطبيب جراح وعمره 38 يومًا ليختنه سمعت صرخته التي نفذت في صميم قلبي. وعلى الرغم من ذلك لن أجزم بأنني أشعر بآلامهم، عملاً بالمثل القائل “اللي إيده في المية مش زي اللي إيده في النار”.

 

أما تجربتي التي خضتها عن طريق السمع، كانت تخص نساء يحكين لي ويقصصن عليّ ذكرياتهن في هذا اليوم الحزين، وكن يطلبن مني أن أدوِّنها وأرددها في كل مكان حتى يتوقفون عن هذا الفعل.

 

تحكي لي إحداهن أنها في سن السابعة نادتها خالتها عند جارتهما، التي اعتادت اللعب عندها، لتجد بنات العائلة والجيران مجتمعات، وهناك سيدة متشحة بالسواد بانتظارهن، كن يعلمن خوفها الشديد فبدأن بها.. جررنها لغرفة، أغلقن الباب، باعدن ما بين ساقيها وقامت السيدة المتشحة بالسواد بمهمتها بمشرط صغير، لتختلط صراختها بدمائها بصوت السيدة وهي تصرخ “تراب الفرن”، فكن في عهدها يوقفن سيلان الدم بتراب الفرن، ثم ركنت على جنب ليُدخِلن باقي الفتيات واحدة تلو الأخرى.

 

وأخرى أعرفها عن قرب، ما زالت كلما تحدثنا في هذا الأمر تخبرني عن نفسيتها السيئة جراء هذا اليوم المكلوم، لما سببوه لها من تشوهات في عضوها الأنثوى، وصعوبة في تلبية نداء الطبيعة، فعلى حد قولها أن من قامت بهذا الأمر ليست على دراية به.

 

والمزيد من حكايات أم صديقة لي، طبيبة نسائية في منطقة شعبية، يذهب لها الأهل بفتياتهم فتريح قلوبهم وتمارس الكشف، لتخبرهم أن ابنتهم طبيعية ولا تحتاج للختان، فيهللون للأمر، ومن كان منهم يصر على إجراء العملية تخبرهم أنها ستُبلِغ الشرطة، ليفروا هاربين.

 

أندهش أننا أصبحنا في عام 2019 وما زال الكثير مقتنعين بضرورة الختان، رغم كل الطرق التوعوية التي تنظمها مؤسسات حقوق المرأة وغيرها. فجسد المرأة وهبها الله لها، وليس من حق أحد أن يقتطع جزءًا منه دون رغبتها.

أتمنى كما أعلنت وزارة الصحة عام 2017 أن هناك 65 قرية خالية من ختان الإناث، فكل أمنياتي تتخلص بأن تصبح مصر بلا ختان إناث.

كن يوقفن سيلان الدم بتراب الفرن

نقدر نعدي، الختن، تجارب

المقالة السابقةحقائق اكتشفتها بعد الولادة
المقالة القادمةما هو ختان العقل؟ وكيف يتم إصلاحه؟
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا