الاعتناء بالذات للأشخاص بالغي الحساسية

888

 

ترجمة/ رزان محمود

بقلم/ مصادر عدّة

في الأغلب الأعمّ، يُعتبر بالغو الحساسية ضعفاء أو مكسورين. لكن، أن يتملكك شعور قوي تجاه كل شيء ليس علامة على الضعف، بل إنه صفة لإنسان عميق المشاعر ومتعاطف. ليس الشخص الحسّاس هو المكسور، بل إنه فهم المجتمع الذي تحوّل للعطب والخراب العاطفي.

 

لا يوجد عارٌ على الإطلاق في التعبير عن مشاعرك الحقيقية. وهؤلاء مَن يوصفون في بعض الأحيان بكونهم عاطفيين جدًا أو معقدين هم النسيج الذي يحافظ على الأحلام حية في الوصول لعالم أكثر تعاطفًا واهتمامًا وإنسانية. لا تشعر بالخجل أبدًا من أن تُظهر مشاعرك وابتسامتك ودموعك لتضفي ضوءًا على هذا العالم.

 

بالطبع القول أسهل من الفعل، أليس كذلك؟ الأمر مربك بحقّ. يشبه الأمر أن تولد ناقصًا طبقة حامية من الجلد، والتي يظهر على الآخرين أنهم يملكونها. تحاول إخفاء هذه المشاعر أو تحييدها أو إخراسها. لكن التعليقات ما زالت تخترق دروعك: “أنت تبالغ في تفكيرك، وتعاني من حساسية شديدة. تجلّد”.

 

لبرهة من الزمن، نستغل مواهبنا الطبيعية استغلالاً جيدًا جدًا، فنصبح طلابًا مبدعين وموظفين يقظي الضمير، وأفراد عائلة مكرّسين لحبها. لكن، عندما نحاول بذل أبعد من حدود طاقتنا، فإننا نتحول لأشخاصٍ منهكين ومستنزفين. ويظهر هذا الأمر في متاعب صحية قاسية، وشدٍ في العضلات لا نستطيع التخلص منه، والشعور اللا نهائي بالتعب وبأننا على الحافة، بغير سبب وجيه.

 

إذا شعرت بأنك تعاني من أي مما ذُكر عاليه، نعرض عليك 15 فِعلاً يمكنك اتباعها لإيقاف المعاناة، وللبدء في الازدهار(1):

 

“1- احصل على قدر كافٍ من النوم

من المعروف أن قلة النوم (أقل من 7 ساعات لأغلب الناس) ينتج عنها الشعور بحدّة الطبع وتقلب المزاج وقلة التركيز والإنتاجية. إن الحصول على نومٍ كافٍ يهدهد حواسّك، ويساعدك على التأقلم مع العالم الذي يسحقك تحت وطأته.

 

2- تناول أطعمة صحية بانتظام طوال اليوم

يشير العلماء إلى أن الجوع الشديد يمكنه أن يفسد مزاجًا بالغ الحساسية وتركيزه. حافظ على اتزان أعصابك الحساسة بالمحافظة على مستوى ثابت من السكّر في الدم، عبر تناول وجبات منتظمة صحية ومتوازنة، إضافة للوجبات الخفيفة.

 

3- ارتدِ سمّاعات الأذن التي تقلل من الضوضاء

قدّم لي أحد أصدقائي هدية، عبارة عن سمّاعات حامية للأذن من طراز “بلتور”، والتي عادة ما يستخدمها عُمّال البناء، وذلك عندما كنت في 19 من العمر. لم أتخلّ عنها منذئذ، مهما كنت في أي أرجاء الأرض.

يمتلك بالغو الحساسية آذانًا حساسة جدًا للضوضاء، خصوصًا تلك التي لا يمكن التحكم فيها مثل ضوضاء المرور. لكن سمّاعاتي الحامية للأذن تعطيني مزية التحكم في مساحتي الشخصية، في عالم يمتاز بالضوضاء المقتحمة للمساحات.

 

4- خطّط لقضاء وقت خالٍ من الضغوط

لا يمكن لبالغي الحساسية الانغماس في جدول ممتلئ بالضغوط، أو قضاء وقت طويل في بيئة مزعجة أو مزدحمة أو تسبب لهم ضغطًا شديدًا. إذا علمت أنك ستقضي بضع ساعات في بيئة ضاغطة، مثل حفل موسيقي أو مسيرة أو مركز تجاري مزدحم في الأعياد، فاعلم أنك ستشعر بإنهاك عميق بعد ذلك، وستحتاج لتخفيف الضغط في مكان هادئ يساعد على الاسترخاء، وحدك إن أمكن.

 

5- جهّز غرفة هادئة للانسحاب إليها في منزلك

إذا كنت تعيش مع آخرين، أنشئ مكانًا آمنًا وهادئًا يمكنك اللجوء إليه عندما تحتاج للانسحاب بعيدًا عن الناس والضوضاء. يمكن لهذا المكان أن يصبح غرفة نومك أو مكتبك أو حتى أن تأخذ حمّامًا طويلاً على ضوء الشموع. وقد يساعدك أيضًا الاستماع لموسيقى هادئة، والتي يمكنها أن تغرق الضوضاء الخارجية، حينما تحتاج لذلك.

 

6- اخفض الإضاءة

لم أحبّ أبدًا الإضاءة الساطعة، وساعدني إدراكي بأني من بالغي الحساسية على فهم السبب. إن تقليل المحفزّ البصري (الإضاءة) له جوانب عدّة: لا أشعل إلا أضواءً خافتة في المساء، وأفضّل التسوّق في محلات البقالة المحلية التي توظّف إضاءة معتدلة، بدلاً من المحلات العملاقة التي تضع نورًا ساطعًا يضغط على الأعصاب.

 

7- انجز الأشياء في غير ساعات الذروة

لتجنّب الازدحام والضوضاء والمثيرات المصاحبة له، تعلّمت أن أعيش حياتي خارج جداول الإنسان العادي. فأنا أتسوّق لخضراواتي في المساء، وأنجز مشاويري خلال الأسبوع متى استطعت، وأذهب للسينما في منتصف الأسبوع بدلاً من آخره، وأنهض لممارسة رياضة الهرولة قبل أن يستيقظ باقي العالم. تعلّمت أنه بتجنّب الزحام فإنني أنجز الأمور أسرع، وغالبًا ما أعثر على بقعة لصفّ سيارتي بسهولة.

 

8- أحط نفسك بالجمال والطبيعة

لمّا كان بالغو الحساسية يملكون حساسية خاصة تجاه المحيطات، ويتأثرون بها تأثرًا عميقًا؛ حاول إحاطة نفسك بالجمال والهدوء متى استطعت. لقد زيّنت منزلي زينة بسيطة ومريحة للعين، وقللّت الكراكيب والفوضى. كما أنني أقضي وقتًا طويلاً قدر إمكاني في المشي وسط الحدائق، مستمتعًا بتأثيرها الهادئ والشافي لجمالها الأخّاذ”.(2)

 

“9- عِش حياتك خفيفًا

اجعل من مشاركة السعادة والضحك ممارسة يومية، حيث إن الضحك يقلل أيضًا من هرمونات التوتر المصاحبة في العادة لانسحاقك تحت وطأة التعاطف. شارك مع الآخرين كل ما هو جميل ومضحك ومدفئ للقلب. ستصبح هكذا أفضل بكثير في مجال التحكم في حساسيتك.

 

10- اسأل نفسك عندما تبدأ في الشعور بالتعاطف الشديد أو عندما تشعر بالتعب البالغ: 

هل هذا متعلّق بي أنا؟ وإذا كانت الإجابة لا -وفي تسع حالات من عشرة فإن الإجابة “لا”- فهذا يعني أنك تبتلع الطاقة العاطفية للآخرين. وبمجرد إدراكك لذلك، فإن تأثير ذلك التعاطف/ تلك الطاقة يقلّ كثيرًا جدًا.

 

11- تحكّم في تعرّضك للإعلام

قلِّل من مشاهدة الأخبار، لأنك تشعر بأن كل هذا يحدث لك. وإذا كان لا بدّ من الانغماس في أحداث العالم، فعليك أن تعكس ذلك التأثير بمشاهدة أفلام فيديو لقطط لطيفة أو أي شيء آخر يجعلك تبتسم وتضحك وأن تصبح سعيدًا، وأنا جادّ جدًا في هذا الأمر”.(3)

 

“12- ابحث عن الأرواح الرحيمة (واعرف أنك لستَ وحدك)

تشعر على الأرجح بأنك مختلف ووحيد، لكن الحقيقة هي أنك لست كذلك. عرف كثيرون شعور الارتباك في العزلة، وذلك قبل اكتشافهم كمية الناس التي تفهم ما يعني أن تكون أنت.

يكمن الحلّ بتمضية الوقت كلما أمكن مع الحسّاسين الذين يتمتعون بفهم كيفية التحكم في حساسيتهم والاستفادة من قدراتهم القصوى. وبهذا، يمكنك الاستفادة والتعلّم من صحبتهم، إضافة لما توفّره لك الصحبة من أمان وإمكانية الحديث اللا نهائية.

 

13- عامل نفسك بالكثير من الحنان والعطف

لمّا كنت بالغ الحساسية فإنك تتمتع بالحنان العميق، الكثير منه لدرجة أنك تضع راحة الآخرين واحتياجاتهم قبل راحتك أنت. وفوق ذلك، فأنت الناقد الأساسي لنفسك وتصرفاتك، فتدفع نفسك للمحاولة بعنف أكثر، وتعنّف نفسك تعنيفًا كبيرًا عندما تخطئ الهدف. كما أنك تنتقد نفسك بطريقة لا تحلم أبدًا أن تفعلها مع الآخرين.

إن الشخصيات الحسّاسة الناجحة تعامل نفسها بنفس التعاطف والحنان الذي توجهه نحو الآخرين. قد يبدو الأمر أنانيًا في البداية، لكنه ليس كذلك. إذا كان صوتك النقدي الداخلي يقلل من قيمتك، فعليك الردّ عليه بالتعاطف مع نفسك، هذا هو الترياق.

 

14- توقف عن خنق حساسيتك

بعد قضاء عمر كامل من القصف بالمثيرات والمحفزّات الخارجية، يصبح من الطبيعي دفع الحساسية خارج الإدراك الواعي، والخروج عن الأحاسيس التي لا تهدأ للتظاهر بأنك لا تهتم بما يحدث. إضافة لقهر المشاعر للحصول على إجازة من الشعور بأي شيء على الإطلاق.

عندما تحرر الطاقة المستخدمة لتضييق الخِناق على نفسك، فإنك بهذا تحرر مواهب الحساسية التي ضاعت منك، مثل: التعاطف والإبداء والمرح اللا منظور. وتتيح بذلك لقدراتك الحقيقية على الازدهار”.(1)

 

“15- تدوين المذكرات

إن أكثر بالغي الحساسية يعيشون داخل عقولهم، الأمر الذي يعني حبس الكثير من الأفكار هناك بلا مكان للخروج. وبخبرتي، وجدت أنه بعد يوم حافل بالضغوطات، يعتبر تدوين المذكرات أمرًا مفيدًا جدًا، لأنه يساعدني على إخراج ما أفكّر فيه على الورق، ويعطي مشاعري معنى ما.

لا تعرف من أين تبدأ؟ يمكنك البدء بأن تضع ببساطة القلم على الورقة وتكتب ما تشعر به، وسترى النتيجة حينها”.(4)

 

__________________________________

المصادر:

(1): marcandangel

(2): psychologytoday

(3): colettebaronreid

(4): mindbodygreen

المقالة السابقةمكنتش قادرة
المقالة القادمةمفيش حاجة جاية في السكة ولا إيه؟

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا