مكنتش قادرة

461

بقلم/ مي عبده

بقالي فترة كبيرة أوي مبصتش في المراية، أول مرة ألاحظ المدة الكبيرة دي إني موقفتش قدام المرايا.. ممكن اقول يمكن ٣ سنين ولا حاجة.
معقولة؟!

ممكن حضرتك أو معاليك وإنت بتقرأ حالاً تقول مش ممكن! معقولة حد ميبصش في المراية المدة الطويلة دي؟!

مش ده قصدي، المقصود بالمراية مش مراية كل يوم اللى بنصحى الصبح بشعرنا المنكوش ووشنا التعبان اللي بيبدأ يتغير ويفوق من مرحلة غسيل الوجه والأسنان، وبعدين مراية تانية عشان تلبس وتستعد ليومك، ومراية الأسانسير وإنت بتبص لنفسك بابتسامة عشان تبدأ يومك، ومراية الشغل ومراية ما بعد الشغل… وإلخ. مش دي خالص اللي بتكلم عليها.
كل المرايات دي مجرد بتخليني نشوف الوشوش اللي بنلبسها يوميًا.

 

وش الشغل.. وش يوم طويل مُمل.. وش إنك سعيد.. وش إن حياتك هتتحول للأحسن.. وش المتفائل.. وش الجامد.. عد معايا من هنا إلى ما لا نهاية.. هتلقى عدد وكم وأشكال ومقاسات من الوشوش اللى موجودة واللي بنلبسها.

 

أنا بتكلم عن مراية تانية خالص.. مراية كلنا بنخاف نقف قدامها لثواني.. مراية الصراحة، أو مراية العيوب. مراية مرعبة، مراية بتجردك من كل الوشوش، مراية مش بتركز غير على التجاعيد.

 

بداية الحكاية مع بداية أي سنة جديدة، دايمًا روح الأمنيات والحماس وتحقيق الأحلام بتكون منتشرة وبتعدي، يعني حتى الكئيب بتجبله برد لطيف كده يبخليه يراجع حساباته من تاني.. نشوه بداية.

 

مع بداية السنة الجديدة، سألت نفسي أنا عاوزة إيه؟ ممكن تتخيل السؤال بسيط وعفوي، وتغمض عينك وتسرح في الأحلام. بس الحقيقيّة السؤال ده صعب وإجابته أصعب، على الأقل من وجهة نظري.

 

اخترت أصعب مكان وأنا بسأل نفسي عاوزة إيه، وغمضت عيني أسرح وأدوّر وأفكر. ثواني وفتحت عيني قدام المراية، تجردت الصورة.
مع فتح عيني شوفت أنا خلال سنين فاتت.. شوفتني مجردة من غير ولا وش، شوفت واحدة عندها هالات سودا رهيبة تحت عينها، شوفت واحدة عندها بداية خطوط أو ما يسمى بالتجاعيد حول العين، شوفت واحدة وزنها كتير أوي، شوفت واحدة لمعه عينيها انطفت، شوفت واحدة مطفية، شوفت كيان بدون روح، شوفت جفاف وشروخ.

 

أول مرة من ٣ سنين أشوف نفسي بوضوح.

إيه اللي حصل؟! إزاي وصلت لكده؟! معقولة الانغماس في طاحونة الشغل وخيبات الأمل وقصص الحب الفاشلة والهزيمة والانتصار وصراع الدنيا عمل فيّ كده؟! نحت فيّ وحولني لحد أنا معرفوش!

مين دي اللي قدامي في المرايا؟!

أنا معرفهاش ومش عاوزة أعرفها.

 

وبعدين سألت حالي، لازم أعرفني في شكلي الجديد؟

لقيت نفسي بقول آه، لازم أعرف مين دي وإيه حكايتها عشان أعرف أرجع نفسي من تاني. ولقيت أمنيتي الوحيدة لسنة الجديدة.. إني أدور وألقى نفسي من تاني.

 

حاولوا من وقت للتاني تقفوا قدام المراية اللي بتجردك من الوشوش عشان متضيعش نفسك منك.

 

 

 

 

المقالة السابقةكيف تفقدين وزنك بأقل قدر من المُعاناة
المقالة القادمةالاعتناء بالذات للأشخاص بالغي الحساسية
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا