مفيش حاجة جاية في السكة ولا إيه؟

958

 

بقلم/ سارة حلمي

– إيه يا حبيبتي، أخبارك إيه؟ إيه مفيش حاجة جاية في السكة؟

– لا والله لسه.

– ليه بس؟ ده نادية بنت عمك اللي متجوزة بعدك بـ٣ شهور بقت ما شاء الله في الشهر الرابع.

 

استفدتي إيه بسؤالك ده؟!

أيًا كنتي.. حماة، جارة، صاحبة، قريبة من بعيد أو قريب، أو حتى أم، الكلام ده موجّه ليكي.. استفدتي إيه؟

هي ليه الناس مش بيقدروا إن فيه حاجات في حياتنا حدوثها أو عدمه حاجة ملناش أي تدخل فيها.. يعني سؤال معلش، هل حضرتك بذلتي أي مجهود بدني أو عقلي عشان جوزك يختارك من بين كل الستات؟ أو إيه الشهادات والمؤهلات المعينة اللي خدتيها عشان تجيبي الكتاكيت الصغيرين دول؟ ولا ده كله رزق من ربنا اداهولك من غير لا حول ليكي ولا قوة؟

 

البنت اللي متجوزة بقالها فترة وبتتسأل السؤال ده.. الله أعلم بظروفها هي وزوجها، يمكن مش أد تحمل مسؤولية زي دي دلوقتي، يمكن ظروفهم المادية حاليًا لا تسمح، يمكن نفسهم بس لسه مفيش نصيب، يمكن فيه واحد منهم عنده مشكله وبيتعالجوا.. مليون يمكن، وفي كل الحالات أنا مش شايفة إنه يخص حضرتك في حاجة، يعني لو فيه خبر حلو وهي حابة تعرفك هتقولك من غير ما تسألي. أما لو مفيش، ليه الضغط؟ الضغط ده مبيولدش غير إحساس بالعجز وحالة من السخط وعدم الرضا على إرادة ربنا وعلى الظروف اللي ربنا بيحطنا فيها، فإزاي بتدوا نفسكم الحق إنكم تنتهكوا كامل خصوصيات البشر وتسألوا عن حاجات لو متسألتش أنا متأكدة إنها عمرها ما هتسبب أي خلل في حياتكم اليومية الطبيعية التقليدية.

 

ببساطة اللي جاي ده مسموش “حاجة” ولا هييجي في”السكة” ده كائن حي، روح ومسؤولية متعلقة في رقبة أهله لحد ما يبقي شخص بالغ وناضج مسؤول عن نفسه، هييجي وقت ما ربنا يقدر وجوده، وده شيء مش هيستعجله سؤالك.

 

الموضوع مش بيقف لحد السؤال ده بالذات، ده مجرد مثال من أسئلة كتير زي “إيه مش هنفرح بيكي ولا إيه؟” أو “لسه ملقتيش شغل من ساعتها؟”، “مش هتخاوي بنتك ولا إيه؟” كل دي أسئلة ترسخت في حياتنا وأصبح من العادي جدًا نواجهها كل يوم ومن أشخاص بيصروا على التعدي على حياتنا الخاصة.

 

ببساطة، لا يجوز إن حد يسألك في أي حاجة من الحاجات دي لأنها كلها رزق من عند ربنا، بتيجي من غير معاد ولا سابق علم ولا تخطيط، كلها تدبيرات ربنا وحده اللي يعلمها.

 

وبعدين هو مش المفروض إن دي سكتك إنتي؟ يعني من أبسط حقوقك إن إنتي اللي تحددي إيه اللي يجيلك فيها ومتسمحيش لحد يحطك في نفس القالب ويمشيكي في نفس السكة اللي مشي فيها. همّ عاوزينك تمشي فيها لأن دي السكه اللي مشيوا فيها وكانت مناسبة لظروف حياتهم، أو يمكن عشان ميعرفوش غيرها وأي حاجة هتعمليها غير كده هتكون غير مألوفة ومرفوضة بالنسبة لهم،عشان كده شوفي اللي ينفعك إنتي واللي تحبيه إنتي ومتديش الفرصة للناس يفرضوا عليكي تكوني في قالب معين شايفينه من وجهه نظرهم إن هو ده الصح.

 

والمشكلة هنا إن تغيير وجهة نظر جيل كامل شايف إن من حقه يعرف عنك حاجات عاوزة تحتفظي بيها لنفسك (اللي هو يعتبر من أبسط حقوقك كإنسان) هيكون شيء صعب يكاد يكون مستحيل في مجتمعنا.. لكن أضعف الإيمان يكون “بالصد” ولكن بأدب، متسمحيش لحد يعرف عنك حاجة إنتي مش عاوزاه يعرفها، دي حياتك إنتي تمشيها زي ما إنتي عاوزة، وإحنا مش في سبق، ردود زي “أنا مش حابة أتكلم في الموضوع ده” أو “ده موضوع خاص بيني وبين زوجي” مع ابتسامة لطيفة، ممكن يرحمك من تكرار سؤال زي ده، واللي يسمحلها فضولها إنها تتدخل في أمورك الشخصية اسمحي لنفسك إنك تحرجيها.. وكله بالأدب.

 

والحل التاني والأمل في الجيل اللي جاي إنه يتعلم ميبقاش زي الجيل اللي فات وميكررش نفس مساوئه.. خليكي في حالك وعلمي بنتك تبقى في حالها وقولي لمامتك وأختك وصاحبتك وجارتك وقريبتك تبقوا في حالكم وتسيبوا الناس في حالها.. واقتدوا بالرسول اللي قال إنه من صفات المؤمن تركه ما لا يعنيه، واعرفي إن اللي عاوز يفرح بيكي بجد مبيسألكيش إنتي، بيسأل ربنا وبيدعيلك من غير ما تعرفي.

 

وتاني مرة حد يسألك عن أي حاجة من الحاجات دي قوليله اسأل اللي رزقك وبيرزقني.. اسأل الرزاق ربنا.. متسألنيش أنا.

 

 

 

 

المقالة السابقةالاعتناء بالذات للأشخاص بالغي الحساسية
المقالة القادمة“أُريد رجلاً” عمل درامي مُستفز أم واقعي؟
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا