بقلم/ سلمى الإمام
ما هو فقدان الشغف ؟
سألت أحدهم يومًا عن شعوره بعد أن غاب شغفه تجاه أمر طال انتظاره، وما زلت أذكر عينيه المنطفئتين وهما تحدقان في سقف الغرفة، ليصف قلبه بسماء لا تمطر، يشوبها غبار الخيبة، ثم أعاد وصفه بنصف ابتسامة: “هه! ما عاد بقلبي سماء تمطر، أنا الآن أمتلك في يسار صدري أرضًا قاحلة فقدت شعورها ولهفتها تجاه الأشياء”.
يعود إليَّ صوت صديقتي قبل عام وصوتها اليوم وهي تتحدث عن الشيء ذاته، وأميز الفرق في حديثها وكأنها كانت تصف النور ثم الظلام، إنها لا تكبر بمرور الخيبات، بل بانقطاع الشغف، بموت بريق الأشياء في عينيها، بفقدها للأمل.. الأمر أشبه بمن كانت تحب رسم اللوحات، تعتني بها وتريها للشمس، ترفعها للحياة بفخر وعلى تقاسيم وجهها ضحكة، واليوم لوحاتها ملقاة في إحدى الخزائن المظلمة لا يراها أحد ولا تراها هي، تتغير نظرتها لألوانها وللرسم، ولا يبقى بداخلها سوى الرماد.
يا الله.. لقد كان الشغف يومًا يلمع في أعينهم رغم تراكم الخيبات، كانوا يضيئون رغم العتمة التي تحاوطهم، يرفعون مصابيحهم للحياة كلما أطفأوها لهم. مَن خَلَق العجز بأرواحهم؟ من أطفأ نورهم؟
فقدان الشغف والاكتئاب
أكره أن يموت شغف الأشخاص الذين يغنون للحياة. سامح الله من زرع الشوك بحناجرهم!
غياب الشغف موجع، يترك فراغًا كبيرًا بك، يجعلك تائهًا بلا شعور، إذا مات الشغف تموت كل الأشياء في عينيك.
كيف يصغر بقلبك أمرًا كنت تراه كبيرًا واليوم هو حقًا لا شيء؟ كيف يخلق الله بصدرك بساتين تكبر لتموت فجأة، تموت ليس لشيء سوى أنها ما عادت تقوى على الاستمرارية؟ كيف لا تلمع عيناك كسابقها؟ كيف يبتر من روحك جناحاها وتمتلك يسار صدرك أرضًا قاحلة؟ أنت الذي كنت تبتسم دائمًا رغم سواد الموقف!
ويظل السؤال: كيف للمرء أن يعود ليحب الشيء ذاته بشغفه القديم؟ كيف يستعيد قلبه وشعوره؟ كيف يستعيد شغفه بعد الفتور؟
كيف أتغلب على فقدان الشغف
يستحضرني صوت أمي: “إن شغفك إن مات قد يُبعَث مرة أخرى، لكن بوجه آخر ولهفة منكسرة”، لذا لا تسمح لشغفك أن يموت، قاوم وجدد الروح بداخلك، لا تسمح لأحدهم أن يسلبك حبك للأشياء، أن يجعلك تراها بنظرة أخرى. لا تجعل اللا شعور يزور قلبك.
وأما الذين يعيشون في أدوار الحزن لأنهم ما زالوا يركضون وراء ما يريدون ولم تقل لهم الحياة بعد “نعم”، إن الإيجابية الوحيدة لأحلامكم التي لم تحدث بعد، لدقة قلوبكم نحو الأشياء التي لا تملكونها، للانتظار الطويل.. أنها لا زالت تحدث بكم سببًا للعيش، ولأجلها أنتم الآن على قيد الأمل.
كونوا بخير.. وإن ماتت أحلامكم الله يبعثها.
كيف للمرء أن يعود ليحب الشيء ذاته بشغفه القديم؟