عزة أبو الأنوار
ربما يكون الأمر مربكًا إلى حد كبير في مجتمع مثل مجتمعاتنا الشرقية، التي لا يقبل فيها الرجل وعائلته أن يكون التجربة الثانية في حياة امرأته، أو قد يقبل بشرط أن تكون التجربة الأولى سرية، لكن أن يعرف الجميع أنه الرجل الثاني في حياة شريكته…؟!
لتعرف أن الهروب وتجاهل حبك لكونها امرأة مطلقة أو أرملة لن يفيد، وحدها المعرفة وخوض الغمار سيفعلان. لذا إن تحركت مشاعرك تجاه زميلة العمل أو حبيبتك الأولى التي فرقتكما الحياة، أو جارتك الوحيدة بأطفالها، فلتنس كل مشاهد الأفلام العربي وأفكار ماما وأخواتها وزملاء وزميلات العمل. كل ما عليك هو ألا تأبه لتلك التابوهات الظالمة، لك ولها، ولتصُب تركيزك في خدمة العلاقة ومحاولة إرضاء قلبك وقلب حبيبتك. وحتى يسهل عليكما المرور من سلبيات العلاقة، (التي لا تخلو منها أي علاقة) عليك معرفة بعض الأمور في البداية:
– لا تخجل من السؤال والخوض في سلبيات العلاقة السابقة
لا تترك الخجل يتملكك أو تصمت بدافع الحفاظ على الخصوصية فلا تعرف أسباب الانفصال. حين تشارك امرأة حياتك وبيتك وأسرارك عليك أولاً معرفة أسباب انفصالها عن الشراكة السابقة، فربما يكون في طباعك الشخصية نفس الصفات التي رفضتها في زوجها السابق. أيضًا قد تُردد نفس الكلام والأفكار بحُسن نية فتنكأ جرحًا لم تُشفَ منه. كما عليك تفهُّم إحساسها تجاه المشكلات السابقة. وإن كنت تتمتع بنفس الصفات التي اعتبرتْها عيوبًا في زوجها السابق ولم تستطع مواصلة الحياة معه رغم الأطفال عليك بالمصارحة بذلك.. احذر تكرار المعطيات والخطوات، فستجني نفس النتيجة.
– من هنا نصل للأمر الثاني.. فكرة الطلاق
اعرف أن أول مرة هي أصعب مرة، فمن خاضت الصعوبات وكلام الناس ومسؤوليات الأطفال وكل الخسارات المعنوية والمادية وربما المالية، وواجهت وحاربت حتى تتخلص من علاقة مرهقة، بالطبع لن يصعب عليها تكرار نفس الحرب، فقد أتقنت مواجهة كل هذا المرار ولم يعد في الأمر فجيعة.
امرأة امتلكت زمام حياتها، لن تُسلِّمه مرة أخرى.. صدقني الأمر ليس شخصيًا، فقط آلام النضج علَّمتها تجاوز الفراق ومعايشة الألم. فلا تُغامِر بالضغط عليها أو محاولة امتلاكها.
– بالتالي.. تفهَّم العقد
تجربة الانفصال الأولى أيًّا كانت ملابساتها وخطواتها بالضرورة لها أوجاعها. الضغوط التي تعايشها امرأة منفصلة مع العائلة والأصدقاء ومع أطفالها، وكم المسؤولية والمطالب والمحاذير التي أثقلت خطواتها فجأة، ونظرة الناس والأفكار المجتمعية الراسخة داخلها على مدار عمرها، كل ذلك لن يمر عليها مرور الكرام، كل ذلك سيُخلِّف على روحها خدوشًا لن تلتئم ربما أبدًا. لذا عليك تفهُّم كل هذه العقد النفسية وتركها للوقت والعشرة الطيبة والتجارب الجديدة تعالجها. فقط شيء من الفهم والتفهُّم.
– في شق آخر المسؤولية المالية وتربية أطفالها
بالطبع ليس عليك أي مسؤولية مالية تجاه أطفال رجل آخر، لكن ليس هكذا تُدار البيوت.
السكن والمودة والرحمة التي طلبت ضمنيًا حين تقدمت للزواج منها تُحتِّم عليك بذل ما هو أكثر من القانون والعُرف ونصائح الآباء، تُحتِّم عليك المعاملة الكريمة لامرأة خلخلت جذورها الحياة فطلبت الونس والشراكة معك.
كما أن الطفل ليكون سويًا يحتاج إلى أم وأب وليس أحدهما، فحتى لا تترك امرأتك وحدها تقوم بدورين حاول أن تكون أبًا.. أبًّا مسؤولاً حنونًا حازمًا مُحِبًّا. وإن طُلِب منك التراجع خطوة فلا تأخذ الأمر بحساسية، فحتى الآباء البيلوجيون كثيرًا ما يُطلب منهم التراجع بعض الشيء، لأن بعض الخطوط يُفضَّل أن ترسمها امرأة.
– الأمر قد يصبح مربكًا إن أنجبت طفلاً
المساواة بين طفليك قد يكون صعبًا في كثير من الأحيان، ما بالك بطفلين أحدهما ليس ابنك!
سهِّل على نفسك الأمور وتعامل بتلقائية وضمير حي، فالطفل المُخطئ يجب أن يُعلّم، والطفل المستهتر يجب أن يعامل بشيء من الصرامة، والطفل المتألم أو الغضبان يحتاج إلى تفهُّم، وكلهم يحتاج إلى مراعاة وحب. قدِّم الدعم والعطف الأبوي لكليهما، وطمئن أمهما وادعمها في مساواة التعامل، فتفضيل طفل على الآخر يضر بكليهما، وحرمان أحدهما من أبيه ليس مسوغًا للتسيُّب ولا للكبت.
– احترم العلاقة السابقة
سوء التجربة الأولى لا يعني إهدار أي وقت أو طاقة في سبها أو الندم عليها، فقد عرفت في البداية كل ما مر وتعلمت دروسه وتخطيت الأمر، وها أنتما أنشأتما شراكة جديدة، فلم يُجدِ أي إضرار بالشراكة السابقة. وتزداد ضرورة ذاك الأمر إن كانت التجربة الأولى انتهت بالوفاة، فإن كانت شريكتك أرملة فاحترم امتنانها لرجل أحسن عشرتها وصان قلبها. القصة انتهت، فلا تستحق منا إلا إبقاءها في درج الذكريات.
– بعد كل هذا.. الجأ إلى المساندة النفسية المتخصصة
قد تخلِّف التجربة الأولى كسورًا في نفس شريكتك، وقد لا تجدي معها كل محاولاتكما لتخطي الأمر، فإن كانت هذه الكسور تمِس صميم علاقتكما وتؤثر على سير حياتكما معًا، وإن أخطأتما طريق المعافاة، ربما يتوجب عليكما اللجوء إلى طبيب نفسي يساعدكما على تجاوز الأزمة.
وعليكما الحذر من موضة “استشاري العلاقات الزوجية”، فهذه المهنة على أهميتها يجب أن ينصح بها الطبيب أولاً؛ وحده الطبيب النفسي من يقرر طريق العلاج، ويحوِّلك إلى المختص به.
بعد معرفة هذه الأمور لا تظن أن هناك علاقة بلا سلبيات أو تمر بمعتركات الحياة بالرومانسية وحدها، كل ما في الأمر أن “السينجل ماذر” علاقتها لها سلبيات قد تكون لم تمر عليك من قبل.. فرفقًا بقلبك وبها.
*هذه المقال مبني على آراء بعض الأمهات المعيلات
انسَ الأفلام العربي وأفكار ماما وأخواتها