هل أنتِ زوجة قوية؟

1071

ظهرت مجموعة منشورات على موقع Facebook مؤخرًا تمجد في شخصية “روءة” في فيلم العار باعتبارها حلم كل شاب ورجل شرقي، لأنها مطيعة، وتعتبر “كمال” عشيقها (لا أعلم إن كان تزوجها فيما بعد أم لا) مثلاً أعلى لها لا يفعل إلا الصواب، حتى أنها صدقته عندما أخبرها أن المخدرات أعشاب وليست سمومًا. ومنشورات أخرى تعتبر العلاقة بين “كمال” و”روءة” من أطهر العلاقات العاطفية، لما بها من صراحة، فهي تعلم أنه تاجر مخدرات، ومع ذلك تكرس له حبها وحياتها التي ضحّت بها من أجل إحدى صفقاته، لذا فإنها -في رأيهم- تصلح زوجة شرعية، وفي زواج عرفي، وحتى بدون زواج.

 

والحقيقة أن هذه العلاقة ليست طاهرة، بل آثمة ومسيئة، وهذا ليس حبًا، لكنه استغلال، وهذه ليست امرأة مُحبّة بل ضعيفة، ثم كيف لرجل أن يقبل الزواج من امرأة تسمح لها شخصيتها بأن تكون طرفًا في علاقة غير شرعية؟ كيف سيأتمنها على تربية أبنائه؟ وهل حب الزوجة لزوجها يتطلب أن تعتبره إلهًا لا يخطئ، وأن تضحّي بنفسها من أجله؟ ألا يمكن أن تكون العلاقة بين الزوجين “فائز- فائز”؟ وكيف لامرأة تصدق أي شيء أن تدير أسرة وتربّي أطفالاً أقوياء؟ 

 

آسفة أن أقول إن الرجل الذي يتمنى زوجة ضعيفة ساذجة هو أيضًا ضعيف الشخصية، يريد امرأة ضعيفة حتى يشعر بقوته. وآسفة أيضًا أن أقول إنه لا يدرك المعنى الحقيقي للزواج، ولا يحسب حساب الزمن وتقلباته، ولا يفكر في الأبناء الذين سيتحمل هو وزوجته مسؤولية تربيتهم. وآسفة أن أقول -على الجانب الآخر- أن “روءة” ليست مطيعة ولا محبة، بل هي ضعيفة الثقة بنفسها، تخشى الرفض، ولا ترى لنفسها قيمة، فتقبل بأي شيء.

 

قد يُفهم من كلامي أنني أدعو إلى أن تكون الزوجة عنيفة، مسترجلة، متسلطة، تنفرد بكل القرارات دون أن تشرك زوجها، وألا تحتاج إلى هذا الزوج من الأساس. وهذا ليس المقصود أيضًا. 

 

إن كلا النموذجين المذكورين سابقًا -للمرأة الضعيفة والمرأة المتسلطة- لا تصلحان شريكة حياة. فالشراكة لا تصلح فيها التبعية المطلقة ولا يصلح فيها الشخص المتسلط الذي لا يرى إلا نفسه ولا يعمل اعتبارًا للآخر. ولأن البعض يحدث لديهم لَبْس بين المرأة القوية والمرأة المتسلطة، يصبح من المهم الإجابة على التساؤل التالي: 

 

ما هي صفات الزوجة القوية التي تصلح شريكة حياة؟

* ناجحة، سواء كانت تعمل أو لا تعمل، ولكنها راضية عن نفسها وناجحة بمعاييرها الشخصية.

* لا تنهار تحت وطأة الضغوط والأزمات، بل تستطيع الحفاظ على ثباتها وهدوئها وتكون سندًا لزوجها. 

 

* مستقلة فكريًا، لا تتأثر بكلام الآخرين بسهولة، ولديها القدرة على اتخاذ القرارات، والحفاظ على الحدود التي تضمن لحياتها الخصوصية. وكونها قادرة على اتخاذ القرارات لا يعني أنها متسلطة ولا تعمل حسابًا لرأي زوجها، فهي أيضًا مرنة وقادرة على النقاش والتفاوض. والإنسان الطبيعي -رجلاً كان أو امرأة- لا يحب الانفراد بالقرارات لأنها مسؤولية، كما أنه لا يتحمل أن يتم الرجوع إليه في كل كبيرة وصغيرة. وهنا تأتي أهمية الثقة بين الزوجين، واحترام كل منهما لرأي الآخر، وحرصه على مراضاته، فالأمر بعيد تمامًا عن التنافس على السلطة.

 

* معتدلة ماديًا، فلا هي مسرفة ولا هي بخيلة، قادرة على تدبر أمر المعيشة وإدارة ميزانية المنزل، لا ترهق زوجها بكثرة المتطلبات لتقديرها لقيمة المال، ولقدرتها على تقييم الوضع وحرصها على مشاعر زوجها ومصلحته. 

 

* نظرًا لحكمتها وثباتها الانفعالي، ووضوح أولوياتها، تستطيع تلك الزوجة الاعتماد على نفسها. ليس هذا فحسب، بل يمكنها تقديم المساعدة لمن حولها. 

 

* وهذا ليس معناه أنها مستغنية عن الآخرين ولا عن زوجها، ولكنها تعرف متى تطلب المساعدة ومتى تستغنى بنفسها، ولا تُحمّل الآخرين المسؤولية عن مشاعرها أو إشباع احتياجاتها. إنها تحترم بشريتها، فلا تُحمّل نفسها فوق طاقتها، وتستعين بغيرها عند الحاجة، كما تحترم بشرية زوجها، فلا تُحمّله فوق طاقته ولا تتوقع منه أن يكون قادرًا على كل شيء طوال الوقت. 

 

* لديها أهداف واهتمامات خاصة، حتى وإن كانت لا تعمل، وبالتالي فهي قادرة على إسعاد وإمتاع نفسها، خصوصًا عندما يكون زوجها منشغلاً أو مُتعَبًا نفسيًا أو بدنيًا.

 

* اختارت زوجها لشخصه، وليس لمجرد الرغبة في الزواج. وهذا يعني أنها تحترمه وتؤمن به، مما يترتب عليه أنها تشارك زوجها اهتماماته وتعينه على تحقيق أهدافه.

 

* تستطيع أن تربّي أطفالاً أصحاب مبادئ وشخصيات قوية. 

 

إن المرأة القوية ليست كائنًا يمتلك قدرات خارقة، بل هي إنسان يمر بفترات ضعف كما يمر بفترات قوة، ولا يوجد امرأة تتمتع بكل تلك الصفات كل الوقت، ولكنها تسعى دائمًا إلى تطوير نفسها، وهذا من أعظم المميزات. 

 

المقالة السابقةازاي اقبل المشاعر السلبية؟
المقالة القادمةكيف تخسر صديقك المصاب بالاكتئاب للأبد

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا