لماذا يتزوج الرجل؟

2830

يحكي أحد مقدمي البرامج الحوارية عن الشاب الذي تزوج حديثًا ويشكو له من أن زوجته غاضبة أو “واخدة على خاطرها”، لأنه يعود من الخارج فيلقي بملابسه في أي مكان ولا يحمل طبقه إلى المطبخ بعد أن ينتهي من تناول الطعام، ويتساءل الأستاذ المحاور “أوُمّال أنا اتجوزت ليه؟”، ويعدد بعض الأمور التي يرى أنها دور الزوجة “ده أنا أوقّع وتقلعيني الفنلة وتقوليلي معلش وقّع تاني يا حبيبي، وتلبسني قبل ما أنام، وتغطيني وأنا بردان، وتشغلّي التكييف وأنا حرّان، ومتنامش غير لما أنام”، ثم ينهي كلامه قائلاً “أنا متعلمتش العلام ده كله عشان بعد ما آكل أشيل الطبق”.

 

وأنا أقول للأستاذ المحاور ولكل من يردد كلامه، رجالاً ونساءً: وليس من المنطق أنني أيضًا تعلمت كل هذا التعليم (17 سنة على الأقل) لأحمل أطباق الآخرين بعد أن يتناولوا طعامهم، ولا لأعلق ملابسهم عندما يعودون من الخارج، ولا لأغير لرجل طويل عريض ملابسه عندما “يدلدق” الطعام على نفسه وهو يأكل، ولا لأغطيه وأشغل له التكييف… إلخ.

لماذا تعلمت إذن؟

 

سأخبرك يا سيدي لماذا تعلمت.

لقد تعلّمت ورُبِّيت لأكون إنسانة صالحة أؤدي دوري في الحياة الذي خلقني الله من أجله، وأحد هذه الأدوار هو دور الزوجة. تعلمت ورُبِّيت لأحب زوجي وأحترمه، تعلمت أن الحياة الزوجية لا تقوم إلا على المشاركة والتعاون والاحترام المتبادل والمودة والرحمة.

تعلّمت لأربي ابني -إن رُزِقتُ بولد- على أن ألف باء الرجولة هو الاعتماد على النفس، على القيام بواجباته قبل المطالبة بحقوقه، على النظافة والنظام، ولأعلمه أن يضع ملابسه مكانها عندما يعود من الخارج، أن يقوم بغسيل الأطباق، ألا يخجل من نشر أو لمّ الغسيل، ألا يجد غضاضة في الذهاب لشراء احتياجات أهله، أن يساعدني -أنا أمه- في أعمال المنزل وأن يشارك زوجته المستقبلية فيها، أن ينظر إلى زوجته كشريكة حياته وليس كخادمته.

 

وتعلّمت لأربي ابنتي على أن لها دورًا في الحياة لا ينحصر في الطبخ والتنظيف وأعمال المنزل وخدمة الزوج، وعلى أن تخدم زوجها عندما تخدمه عن حب واختيار لا أن تخدمه صاغرة أو مجبرة، وأن تطلب منه مساعدتها، خصوصًا عندما تكون مشغولة أو متعبة.

 

تعلمت لأقوم بالدور الحقيقي المفترض أن تقوم به الزوجة ولأعلمه أبنائي، والدور الحقيقي للزوجة هو أن تكون سكنًا لزوجها، أن تكون شريكة حياته، تشاركه اهتماماته واتخاذ القرارات، تسانده وترافقه في رحلة حياته وتحقيق أهدافه، وتشد من أزره عند الملمات. أعمال المنزل يمكن أن يقوم بها أي أحد، لكن لا يمكن لأي شخص أن يكون السكن والونس.

 

ولا يمكن أن تكون المرأة ناجحة كزوجة إن لم تكن ناجحة كإنسانة في المقام الأول. وإنسانة ناجحة معناها أنها تدرك أن لها قيمة في ذاتها، أن تكون لها اهتماماتها الخاصة وأهدافها بالإضافة إلى اهتمامها ببيتها وزوجها وأبنائها، أن تدرك مواطن قوتها وضعفها، وأن تسعى باستمرار إلى تطوير نفسها. أن تدرك أن دورها كزوجة ودورها كأم اثنان من أدوارها المتعددة في الحياة، وليس هما سبب بقائها في هذا العالم وبدونهما لا قيمة لها.

 

كيف يمكن لزوجة أن تكون سكنًا بكل ما تحمله كلمة سكن من معانٍ؟ وكيف لأم أن تكون مربية بكل ما تحمله كلمة مربية من مسؤوليات، دون أن تكون إنسانة سويّة النفس ومتفتحة العقل في المقام الأول؟

إن الإنسان لا يمكنه أن يعتني بالآخرين قبل أن يعتني بنفسه.

 

الخلاصة أنني لن أقف لزوجي “ع الواحدة” أو “أدب معاه خناقة”، عندما لا يضع ملابسه مكانها أو يحمل طبقه إلى المطبخ، وسأعذره عندما يكون عائدًا من عمله متعبًا وغير قادر على مساعدتي في هذه الأعمال البسيطة، وسأقوم أنا بها نيابة عنه، وسأشغل له المكيف عندما يكون محترًا وأغطيه عندما يشعر بالبرد، ولكني لن أفعل ذلك مجبرة أو صاغرة، وإنما سأفعله كتعبير عن حبي لزوجي. وهو أيضًا سيقوم بأعمال المنزل نيابة عني أو يساعدني فيها عندما أكون متعبة أو مشغولة، وسيضع ملابسه مكانها ويحمل معي الأطباق بعد أن نتناول طعامنا، لأنه يعلم أن هذه الأمور البسيطة تريحني، وسيشغل لي المكيف عندما أكون حرانة ويغطيني عندما أكون بردانة، ليس لأنه ضعيف الشخصية ولكن لأنه رجل بحق ويحب زوجته.

 

المقالة السابقةريحانة وثريا نساء لم يحبهن العالم
المقالة القادمةأنا جميلة يا تيتة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا